ريم تُفصح عن حُبها رغم خشّيتها من المجتمعِ !

أن تأخذ نفسا عميقا وتمسك بآلة العود حين يضيق بك صدرك من واقعا أليم أو حينما تشعر بنشوة من الفرح ، تخلو كما تفعل ريم مع صديقها المفضل ، وتبدأ روحك بالتلامس والاندماج مع الموسيقى والألحان ، وإذ أناملك التي تعزف على الأوتار تخبر من حولك بما في داخلك ولا يرى .

هذا العشق المستتر بين آلة العود و الفتاة الغزية ريم عنبر (ذات 23 عاما ) ، بدأ منذ نعومة أظافرها فلا هي تركت حبيبها ولا هو غادرها ، في تلك المرحلة الابتدائية من حياتها تذكر صاحبة البشرة القمحية حينما كانت ترتدي زيها المدرسي ليتم اختيارها من قبل مركز هولست الثقافي بغزة لتمثيل فلسطين في اسبانيا ضمن فعالية موسيقية شاركت فيها العديد من دول العالم .

استطاعت ريم وهي طفلة ان تحصل على شرف تمثيل فلسطين باللغة التي تفهمها كل شعوب الأرض ، وتؤكد وهي تسرح في مخيلتها لتلك الذكريات ، أنها عزفت العديد من الأغاني الوطنية وأسمعتها للكثيرين من الأجانب ، تشدهم إلى فلسطين من حيث لا يعلمون .

وتقول ريم التي تخرجت باكرا من جامعة القدس المفتوحة بغزة ، اذ حصلت على شهادة إدارة الأعمال " أجيد العزف على العود والأورغ والعديد من الآلات الوترية الموسيقية ، موهبتي نميتها بذاتي منذ وانا طفلة"

وتضيف ريم في حديثها لـ "وكالة قدس نت للأنباء " ، " اكتشفت موهبتي معلمة الموسيقى بالمدرسة ، ووجدت مقدرتي على العزف ، وفي غضون اشهر قليلة بدأت احصد المرتبة الأولى في مسابقات على مستوى الوطن نافست فيها زملاء من رام الله وبيت لحم والقدس وغزة ".

وتخشى الشابة ريم ، الشهرة كما تقول خوفا من ملاحقة نظرات المجتمع لها ، كونها فتاة صبية تعزف على الآلات الموسيقية ، ومدى ارتباط هذه النظرة في عادات وتقاليد المجتمع الغزي المحافظ والذي قد ينظر جزء منه بنظرة سيئة للفتاة العازفة ، ورغم سيطرة هذا الشعور عليها الا انها لم تخفي بأن المجتمع بدأ يتغير وأصبح فيه وجهات نظر مختلفة حول هذا الأمر .

نشاط ريم الحيوي لم يتوقف على الموسيقى فقد شاركت في مسرحية (نساء غزة وصبر ايوب ) التي عرضت قبل ثلاث سنوات بغزة ، فكانت تتحدث عن معاناة المرأة الفلسطينية عبر التاريخ، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتتحدث بألم عن الانقسام الفلسطيني، وعن الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال .

وتساعد ريم من خلال عملها الآن في مؤسسة تامر بغزة ، كمنشطة لجيل الأطفال حيث تعلمهم وتشجيعهم على الاتصال والتواصل عبر الموسيقى ، وتقوم بجلسات تفريغ نفسي بالموسيقي قائلا " الأطفال بغزة يعانون من الكبت والانطواء وهم بحاجة الى مساعدتهم للخروج من هذا الشعور ".

وتضرب الشابة الغزية مثلا على عملية تشجع الأطفال على التواصل عبر الموسيقى ، بان يتم تدريب جزء منهم على عدة آلات موسيقية ومن ثم يبدءون بالعزف ويتم التواصل فيما بعضهم والرد من خلال صوت الموسيقى، مؤكدة على مدى تأثير وفعالية هذا الأمر على نفسيتهم .

لكن ريم لا تجد إلا عودها تشكو له حلمها المأسور في دراسة الموسيقى للوصول لمرحلة الاحترافية العالية ، نظرا لعدم توفر هذا في قطاع غزة ، ولقلة وجود المؤسسات التي تهتم بالموسيقى باستثناء معهد أدورد سعيد ، ومركز الموسيقى التابع للهلال الأحمر بغزة حيث تتهمهم بأنهم يعملون لفئات معينة مقابل تلقيهم مبالغ مالية باهظة وهو ما لا يجعلها قادرة على تحمل تلك الأعباء المالية .

وبجهد ذاتي تحاول ريم في هذه الفترة تطوير نفسها من خلال التعلم على " آلة البزق " وهي آلة موسيقية وترية خشبية تشبه العود ذات عنق طويل وجسم أصغر من العود. وكانت تسمى عند العرب قديما باسم "الطنبور"، وحسب ما تقوله الشابة فإن هذه الآلة قليلون جدا من يعرفون العزف عليها بقطاع غزة ، لكنها تحاول من خلال الانترنت التعلم عليها رويدا رويدا .

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -