خطاب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، في “مهرجان الحب السادس لأهالي محافظة أوردو”، طرح كثيراً من التساؤلات خصوصاً إطلاقه مصطلح “التنظيم الموازي” ضد من اتهمهم بإثارة الفوضى داخل المؤسسات الحكومية، متوعداً اياهم بالملاحقة.
امام هذا المصطلح الجديد، على اردوغان ان يقرأ جيداً الاحداث التي شهدها عام 1997، حينما تحرك “اتحاد الصناعيين ورجال الاعمال والنخب التركية” للمناداة بحلول سلمية لترتيب البيت الداخلي، حيث تُعتبر تلك القاعدة الثلاثية حساسة للشارع التركي وتمثل ركائز أساسية يجب المحافظة عليها “داخلياً وخارجياً”.
ان الاوضاع المؤسساتية “المبهمة”، التي تمر بها الجمهورية التركية ربما تؤثر على الحالة الاقتصادية للبلاد مستقبلاً، لأن الاستقرار هو من يرسم ملامح الاقتصاد، الأمر الذي يحتم على اردوغان التصرف بحكمة لاحتواء اية تحركات مستقبلية لقوى الاقتصاد والنخب في حال اثر الصراع الداخلي على الحالة الاقتصادية.
كذلك تجب قراءة حيثيات إلغاء بروتوكول “أماسيا”، الذي أجاز للمؤسسة العسكرية – سابقاً - ودون إذن من الحكومة حرية التدخل في شؤون البلاد الداخلية لحمايتها من اي اضطراب داخلي، حيث شكل هذا الإلغاء نقلة نوعية لهيكلة البيت التركي.
وعلى الرغم من مقدرة رجب طيب أردوغان منذ العام 2003 على توجيه ضربات سياسية متتالية لسحب البساط من تحت هيئة اركان الجيش وتقديم العديد من رجالاتها الى المحاكمة بدعوى تدبير مؤامرات انقلابية ضد حزب العدالة والتنمية، الا انه لم يكن يتوقع ان الثقافة الانقلابية الضمنية التي كانت تطيح بالحكومات إبان اواخر القرن الماضي مازالت منتشرة بين اروقة مؤسسات تخضع للاشراف الحكومي المباشر.
المواجهة الاردوغانية وهيئة الاركان مختلفة عن المواجهة مع التنظيم الموازي، فالأولى دارت رحاها السياسية بطريقة مباشرة، اما الثانية بصورة غير مباشرة، وعناصرها التكتيكية تدور في فلك الكولسة والغموض.
ازاء ذلك، هل يستطيع حزب العدالة والتنمية مأسسة مؤسسات الدولة بهيكلية جديدة، على غرار معركته الدستورية المباشرة مع هيئة الاركان، التي استطاع من خلالها دسترة البلاد واستحواذ القرار السياسي؟.
بقلم / مأمون شحادة