في منطقة المواصي غرب خان يونس، ارتسمت ملامح فرح خجولة على وجوه النازحين، مع الأحاديث المتزايدة عن قرب الإعلان عن هدنة مؤقتة في قطاع غزة، تُنهي شهورًا طويلة من القصف والتشريد والمعاناة الإنسانية.
ينتظر المواطنون في غزة، ولا سيما النازحين الذين تركوا بيوتهم منذ أكثر من عشرين شهرًا، أي بصيص أمل بعودة الحياة إلى شيء من طبيعتها، بعيدًا عن أصوات الانفجارات وغياب المأوى والغذاء والدواء.
الطفلة رهف أبو خاطر (13 عامًا)، نازحة من بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، أهدت والدتها مفتاح غرفتها القديمة، رغم علمها بأن منزلهم قد دُمّر كليًا، إلا أن الطفلة ما زالت تحتفظ بأمل العودة، وتطمح لأن تعود لمقاعد الدراسة بعد أن حرمتها الحرب من عامين دراسيين.
تقول رهف إنها تفتقد ألعابها، وحياتها البسيطة قبل الحرب، وتنتظر أن تعود مع والدها الذي اعتُقل لستة أشهر وهو عائد من عمله داخل أراضي الـ48 قبل الحرب، وها هو الآن يحاول أن يعيد تنظيم حياتهم في الخيمة التي تأويهم.
أما محمد، ابن عم رهف، الذي لم يتجاوز العاشرة، فيأمل بانتهاء الحرب حتى تتمكن والدته من السفر لتلقي العلاج في الخارج، بعد أن أُصيبت بشظية ألزمتها الفراش في المستشفى، ويتم السماح لها بالسفر إلى الخارج للعلاج قبل فوات الأوان وتصاب بشلل تام.
يقول إن غياب والدته كان أقسى ما مرّ به، فقدنا الحنان والرعاية، وأنه يتمنى فقط رؤيتها تعود إلى بيتهم وتطهو لهم كما كانت تفعل من قبل.
ويُحمّل محمد أمنيته لمنظمات حقوق الإنسان، بأن تساعد في تسريع سفر والدته لتلقي العلاج قبل فوات الأوان.
ويبقى الأمل قائمًا وعداد الوقت متوقف إلى أن يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار بشكل رسمي ويتمكن الجميع من العودة إلى منازلهم وإقامة خيامهم على أنقاض منازلهم.
النازح بركات أبو دقة (59 عامًا)، أعرب عن أمله بأن تنتهي الحرب في أقرب وقت ليتمكن من العودة إلى منطقة الفراحين مسقط رأسه، التي تم تدمير منازلها بشكل كامل.
وقال أبو دقة: كنت آمل بأن أعود إلى منزلي الذي تم تدميره قبل شهرين، لأقضي ما تبقى لي من العمر فيه بعيدًا عن حياة الخيام والمعاناة التي دامت خلال مرحلة الحرب التي نأمل بأن تنتهي إلى غير رجعة.
في ظل هذا الترقب، يضع الغزيون آمالهم على أي هدنة تفتح الباب أمام إدخال المساعدات الإنسانية، وتمنحهم فرصة لترميم حياتهم، والبحث عن أماكن آمنة تقيهم خطر الحرب، وتمكّن الأطفال من العودة للمدارس، والمرضى من تلقي العلاج، والعائلات من استعادة شيء من الاستقرار.
الساعات المقبلة قد تحمل بارقة أمل، أو مزيدًا من الانتظار، لكنّ الغزيين، رغم كل ما عانوه، ما زالوا يتمسكون بخيط رفيع من الأمل.