سيدتي وسيدة العالم تسمّرت رؤوس عرش بني صهيون تحت تراب اقدامك , تهاوت قلاع الأمن المزيفة , تسمرت عيون بني صهيون على ثورة امرأة وإصرار صبيّة وعنفوان بطلة وصمود شهيدة , بكت السماء يوم استشهادك وناحت الأرض لأجلك , ارتوت الأرض بدماء طاهرة نقية وصافية انعشت الروح , يازنبقة إرتوت بماء الوطن وتشبعت بترابه يا من سعَت الى الشهادة ووصلت اليها ونالتها , شهادة كانت أم أسراً , تلك كانت المرأة الفلسطينية من كسرت شوكة العملاق المزيف وأتمت الوعد ونطقت العهد والشهادة , دلال حفرت لنفسها قبرا مرصع بزهور من جنان الكون قلعة لم ولن تهدم كانت فتاة حالمة وابنة لهذه الأرض ...
يا عاشقة الشهادة وعاشقة الخلود يا من صنعت لنا وكل نساء الوطن طريقا معمّدة من دماء ابناء هذا الوطن وعلامة ذاك القبر المرصود أقول وقالها من قبلي الكثير وتمنتها الكثيرات من صبايا وطننا العزيز , لقد نلت سيدتي ما عشقت وتركت بصمة الوجود والخلود على شفاه كل مناضل وكل طفل وكل شيخ , سيدتي الحاضرة الغائبة تاهت روائح عطرك بين القبور وضاعت معالم الألم وكثرت ورود الارض تبحث عن ذاك القبر المفقود قبر دلال المغربي صاحبة الروح الشجية والطلعة البهية مناضلة تهاوت الاعناق تحت قدميها وتعمدت الارض بدمائها الزكبة ,تربعت على عرش الشهادة وتخلدت كعروس في ليلة زفافها ببسمة تالقت بإصرار ....
ارتعش القلم وتسمّر وسال حبره الملهوف ليصنع على صفحات التاريخ رسمك , سيدتي تصارع ذاك القلم وتسارع بالكتابة سرح وتاه في ملكوت الورقة البيضاء كلون قلب فتاة بهية وعيون عسلية يتغزل بها ويستسمح الاهل والخلان على تطاوله لانه في الاصل كان بها يمتثل وعلى حسها يكتب ويقاتل وبنغمة تاريخها يشدو ويمتثل لأمرها وأمر من سبقوها من نياشين الوطن وابناء من لا يعتبر بأن للوطن شهيدة لم تجد مكانا لها في قبر , أبت إلّا ان تكون قبور الدنيا كلها لها قبر وعليها ولها تناثرت الورود على قبر الشهيدة المفقود وعبق روحها بين العروق موجود ’ اليها دائما وأبدا ستنثر الورود ’ فهل لهذه الشهيدة البطلة حدود...
ولا بد ان نستذكر ذاك الوجه الملائكي محيّاها حينما تبتسم ’ جوهرة نادرة عندما تفرح .. انستها هموم الأيام وسنوات الأسر عناوين الأنوثة وتاهت بين حبّات تراب السنون معالمها ’ تناست في اعماقها كلمات الغزل المعهودة والمعروفة ’ تكلمت بالعين فبكت وأبكت همست للقلب المجروح فأراحت , عشقت بالروح والوجدان نسمات الوطن وغبار الأرض فاخلصت , عزفت أزياء هذا الكون وتزهدت روائح عطور الدنيا , تناست الفرح عنوة وجبراً ’ ضاعت الابتسامة وتاهت في عمق الجرح فهامت بين احضان الأررض .. امي واختي ورفيقة الدرب انت اليوم والأمس والغد أجمل وأرق وأعذب نساء الكون.. أمي وام كل فلسطيني تمثلت فيك وبين جناحات قلبك مراحل الكمال .. تفننت أساليب الحفاظ علينا ’ أتقنت حنكة الصبر فابدعت صامدة صابرة ...
اليوم يوم عرس المرأة الفلسطينية بكامل ألوان طيفها الأم والأخت والحبيبة والأسيرة والشهيدة ورفيقة الدرب جميعها تزينت بزينة الاخلاق والصبر وتطيّبت براوائح الارض والوطن , غرست فينا ينابيع الحنان والرجولة والحب ’ تعبت وعانت للبحث عن الجمال الدائم فلم تجد إلّا في تلك الأرض الطيبة ضالّتها بخضرة أراضيها وعبق ريحها ونسيم عطرها وجمال بساتينها واخلاق ابنائها وعفّة نسائها وصون لسانها ... من الأَسر بعثت الينا رسائل العقّة والصمود والإصرار بها تربّت وربّت مراحل تعدد الاجيال وناضلت فابدعت تعطرت بتراب الارض وتعفرت...
تعطّرت أمي سيدتي وسيدة الأرض وسيدة السماء ومابينهما بروائح دخان البارود والمدافع الفسفورية وتحملت , تناقضت الكلمات وطالت بنا وبكم الايام وتبدّلت الفصول وتغيرت بتغير ألوان الطيف وبقيت الأم صامدة وسط كل تلك المتناقضات .. اعلم ان جميع نساء العالم تتمنى يوماً ان تتزين بزينة امي بثوبها الفلسطيني المطرز ولكن ماتت الأم وتلك هي سنن الحياة , ماتت سيدتي وبقي ذاك الثوب المطرز لم ولن يموت ,, تلك هي امّي رحمها الله ,, اللهم أدخلها وكل شهيدة فلسطينية جنّاتك وأجعلهما في جوار الصدّيقين والأنبياء اقول لها ولكل شهيدة وداع الجسد للجسد الى ان تتقابل الأرواح يوما ...
لا اريد ان اكتب عن نساء العالم واساليب وكيفية استقبال هذا اليوم حسب العرف العالمي بل ساطرح الموضوع اليوم حسب العرف الفلسطيني النضالي وهدفي هنا المرأة الفلسطينية الشهيدة الحيّة والأسيرة التي بصبرها أنارت وتنير لنا طريق الحرية وصناعة التاريخ المميز بأياد نساء فلسطينيّة لتحرك البوصلة الإجتماعية في اتجاهها الصحيح ولتثبت لنا وللعالم أحقيّة واستحقاق النضال بشتّى المجالات السياسية والعسكريّة أولا وتأتي في آخر القائمة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولا ننسى هنا المرأة المثقفة صاحبة القلم والرأي التي كان لها الفضل الأول في اختيار مثل هذا اليوم كعيد لها ففي العالم المرأة تمثل بالنسبة لهم نصف المجتمع ولكنها هنا وعلى ارض الوطن وخلف أسوار السجون وظلم وحقد السجّان ومن هي تحت تراب الأرض فالمرأة تلك تمثل لنا كل المجتمع ونحن من خلفها سرنا ومازلنا نسير وهنا أرى وجوبا علي إعادة نشر رسالة سبق وكتبتها وأرسلتها بكافة أنواع الرسل الحديثة منها والقديمة كانت مرسلة الى امرأة , حورية من بنات الحور , من زمن كان قريب واليوم اصبح بعيداً بعيد , سيدة عنّا رحلت , فكتبت لها رسالة اتمنى من الله ان تكون قد وصلت لها والينا معانيها ...
رسالة الي شهيدة عنّا رحلت
رحلت عروسنا الهودجية
رحلت بازياء الفرح بازياء عروس بدوية
تزينت بثوب مزركش
وغصن زيتون وبندقية
رحلت وتناثرت تواريخها عبر مسالك ومتغيرات الزمن
رحلت ولم تترك لنا سوى هوية انتماء
هوية قضية رحلت
رحلت عروسنا
تنعمت وفرحت وحزنت
وانتصرت خلفها علامات ثورة فتيه
رحلت واستكانت بثوب ابيض
تزركش بالوان الدم القرمزية ....
رحلت عروس الامس
وشهيدة اليوم وفي الغد حورية
غمرتنا بروائح عطر استشهادية
رحلت وتركت اهازيج وطن وافراح ملائكية
رحلت صنعت القرار وتركت الديار
لتنعم مع الابرار بين عزة وطن
وعناد امرأة صبية
صنعت باصرار ملاحم بطولة
وتركت بالقلب حصرة رجال انتظروها
انتظروا منها الوصية
صنعت للرجال طريق
ممهدة بدمائها الزكية .
رحلت .
رفعت الراية ونطقت الشهادة
لتصنع لنا ليلة عرس فلسطينية .
رسالة عروس زفت الى عريسها الشهيد
بثوب بلون صفاء القلب الابيض تزينت
بالوان طيف دموية .
حورية من حوريات الوطن
رحلت وتركت فينا رسالة نضال
وعناد فتاة فلسطينية ....
رحلت
امتشقت سلاح الشهادة
لتعلمنا طريق النصر
طريق الخروج من العبودية
رحلت معلمة تعلمت وعلمت لغة الابطال
لغة الثورة
وناضلت باساليب عرفاتية
استبشرت بروائح تراب الارض
كانت لتراب الوطن غذاء
و كانت الارض لها عطية
قاتلت حفاظا عليها واليها
تمنت النومة الابدية الى الارض
وفي باطن الارض رحلت
لتبقى حافظة العهد
ورافعة الراية الوطنية
على الارض حافظت
واليها رحلت
وتحت تراب الوطن استكانت
لتنعم روائح تراب فلسطيننا الابية
عشقت الارض
فما اجمل ان تكون الارض
لها الارواح فدية ....
كيف لعروس زُفت بهودج جنائزي
وحليٍ جوهرية
من حبات رمال ارض فلسطي
ن فكيف لها ان لا تكون حورية
امتشقت مهرها سلاحا وبندقية
واستسلمت للرحمان طالبة الشهادة
للحاق ركب عريس استبقها
ومنها كانت الوعود الابدية
كانت على العهد
لتلتحق بركب شهيد
صنع لها بيتا
في جنة الخلد الربانية
لتهنأ النفس وتطمئن الروح
ويستمر مسار القضية
هنئ الياسر وامتزج بتراب الارض
لتصبح الارض والياسر كلاهما قضية
صنع من الارض ثورة
كما كان دائما وابدا
وسيبقى فارسا للقضية ....
الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي