لم تكن القضية الفلسطينية لتغيب لولا وجود حركة فتح حامية المشروع الوطني التي خرجت من رحم المعاناة لفضاء العمل الثوري التحرري رغم الأثمان الباهظة التي دفعتها ولازالت من خيرة رجالها خلال خمسين عاما من الكفاح والنضال على كل المستويات، وبالرغم من كل المؤامرات التي تحاك من هنا وهناك وظفت حركة فتح القضية الفلسطينية أحسن توظيف في سبيل الحفاظ على الهوية الفلسطينية بعيدا عن الشعارات الرنانه وبعيدا عن الابتزاز وخدمة أنظمة القمع والاستبداد في النظام العربي، ولسنا بحاجة للتذكير بالدور الكبير الذي لعبته حركة فتح خلال مسيرة الثورة الفلسطينية، ولذا ليس من الغريب ان يظهر اليوم في حركة فتح مجموعة من المنفلشين لتبني تكتلات تنظيمية لتأزيم الحياة الداخلية للحركة الثورية خدمة لأهدافهم الشخصية في سبيل تحقيق مصلحة ذاتية آنية نحو السلطة والقمة والانفرادية ، واللعب على الوتر الحساس في ظل الانقسام بين شطري الوطن باستغلال مشاعر وعواطف أبناء فتح كغطاء شكلي ونوعاً من الخداع الذاتي لتمرير أفكارهم الانحرافية، ويستفيدون من الظروف الذاتية والموضوعية التي تمر بها الحركة ويعملون على حرفها عن خطها الصحيح.
وإذا كانت القيادة تؤمن بأن الخلاف داخل الحركة من أصول مبدأ المركزية الديمقراطية مقبول ومطلوب حتى تتكرس عملية التطور في التنظيم وبقاءه متماسكا، فالديمقراطية تسمح للأعضاء أن يطرحوا داخل الأطر التنظيمية كل الأفكار التي تخطر على بالهم، فإن واجب الحركة أن تصون فكرها الاستراتيجي من الانحرافات، لذلك يأتي دور البنية التنظيمية الصحيحة المتمثلة في الكوادر والقيادات الأكثر إيماناً بأهداف وسياسات ومبادئ الحركة بالتشبث بالخط الفكري الصحيح لمحاربة كل الانحرافات التي تفرط بالهدف الأساسي الذي تبنته الحركة على مدار سنوات الكفاح والنضال، فالبنية الصحيحة والمتينة تحارب الانحرافات الفكرية وهي في المهد فلا تسمح لها بالتفشي والوصول إلى درجة التهديد بالانقسامات، فالانحرافات الفكرية مرفوضة داخل الحركة لأنها تكرس حالة الانفلاش والميوعة في البنية التنظيمية التي تسمح بل وتدفع البعض نحو الانحراف والمساومة، لذلك فإن التسليم بوجود مراكز قوى داخل الحركة والسماح لتفشي التكتلات والولاءات للشخوص هو موقف انقسامي غير وحدوي تماماً، فالوحدة التنظيمية تعني أن حالة الانفلاش هي حالة فوضوية تساهم في خلق الانفرادية والمزاجية في اتخاذ القرارات.
لقد حان الوقت لأن تنجو الحركة من تلك المجموعة الانفلاشية بالتخلص منها، فإذا وقفت قيادة الحركة على الحياد والتزمت الصمت، فهي لن تحمي إرث الحركة النضالي بل ستخسر الكثير، فالمعادلة اليوم تغيرت تماما، هناك انكشاف كبير وواضح لمواقع المنحرفين ستدفع المتعاطفين مع المنفلشين إلى وضعهم في خانة الانتهازية القاتلة في مرحلة لم تعد أنصاف المواقف ممكنة، فالمطلوب تلبية احتياجات ومتطلبات أعضاء الحركة في غزة لما لها من خصوصية، ومن الضروري أن يتركز العمل التنظيمي في قطاع غزة على الجوانب الفكرية والإيديولوجية وتوجيه الطاقات نحو القضايا الخدمية المرتبطة بحياة الأعضاء ولعب دور أكبر وإيجاد آليات تواصل مع الناس تدعم جهود القيادة إذا أردتم بقاء حركة فتح متماسكة والانطلاق بقوة .
بقلم / رمزي النجار
[email protected]