المرأة الفلسطينية لن تتأخر يوماً عن التقدم نحو التضحية والعطاء والمساهمة كما الرجل في بناء مؤسسات الوطن والعمل بكل ما تملك من قدرات ومهارات لأجل إنجاح ميدانها في ظل منافسة الرجل لها ونظرته المشوه في كونها إمرأة لا تستطيع أن تبلغ ما يبلغه الرجال رغم كل ما أثبتته في ميادين العطاء فما زالت تعاني الكثير من نظرة الرجل والمجتمع لها كونها أنثى لينتقص حقها في الحياة .
ومن أهم ما عالجته القوانين للمرأة هو حقها في العمل والمساهمة في المشاركة في البناء كما يساهم الرجل فنص القانون الأساسي الفلسطين على حفظ ذلك الحق لها وتأمين ما يلزم لها كي تستطيع أن تضمن الحياة الكريمة لها ولأسرتها ولكن ما زالت هذه القوانين لم تنصف المرأة كما كان يجب أن تكون عليه بالواقع حيث هناك فجوات عديدة لم يراعيها التطبيق في ميادين العمل.
المرأة كما الرجل تشارك تنمية المجتمع من خلال المساهمة في ميادين العمل سواء كانت بهدف أن تحسن وضع معيشة أسرتها وتحسين ظروفها أو كانت فتاة تنفق على نفسها وتستقل في مواردها فهي ذات المرأة الطموحة في الوصول إلى إنجازاتها وتحقيق هويتها وإثبات دورها إلى جانب الرجل لتكون فردا حقيقيا لا مجرد مكينة للعمل المنزلي أو الإنجاب فهي الأم في البيت مقابل المديرة الفاعلة والناجحة في مؤسستها وهي الطالبة المتفوقة في دراستها مقابل طموحها وإبداعها في التفاعل الإجتماعي وهي الطبيبة والمهندسة والممرضة وغير ذلك من الأدوار مقابل أن تكون في ميدان البيت والأسرة السيدة الناجحة في بناء أسرتها وتربية أبنائها وتنمية فكرها ومواهبها ، وذلك لا يمنع أن يكون الرجل شريكاً لها في عطائها فيساهم معها في تربية أطفالها وحمل أعباء البيت وأثقاله بالإضافة إلى المساندة الدائمة لها في طموحاتها وأحلامها كما تقعل هي دائما له .
وهنا نظرة خاطفة على وضع عمل المرأة في القانون والواقع تبين الفجوات الواقعة بينهما وكيفية إيجاد الحلول والتحسين لوضع المرأة أينما تواجدت في ميادين العمل .
بالإستناد للقانون الأساسي وحسب المادة( 25 ) نصت على أن العمل حق لكل مواطن، و المادة رقم ( 9 ) ضمنت المساواة أمام القانون والقضاء لا تميز في الجنس بين إمرأة و ورجل في الحقوق والحريات العامة، ونصت المادة ( 22) على تنظيم خدمات تأمين إجتماعي وصحي ومعاشات وشيخوخة الرعاية لأسر الشهداء والأسرى والجرحي والمتضررين والمعاقين وكفالة التعليم والتأمين الصحي والإجتماعي
قانون العمل الفلسطيني رقم ( 7 ) لسنة 2000 حسب المادة ( 16 ) نصت على أن يحظر التميز في ظروف وشروط العمل بين العاملين ، والمادة ( 21 ) أكدت على مبدأ تكافؤ الفرص في التدريب والتوجيه بوضع نظام لذلك مع مراعاة حرية الإختيار والأوليات للأسر الشهداء ، أم مادة ( 100 ) حثت على تنظيم عمل النساء وأن يحظر التمييز بين الرجل والمرأة حسب قانون العمل والأنظمة ، أما المادة ( 101 ) حظر عمل النساء في أشغال شاقة وخطرة وساعات عمل إضافية أثناء الحمل والستة أشهر التالية للولادة وساعات العمل الليلي فيما عدا أعمال يحددها مجلس الوزراء، أما المادة ( 102 ) توفير وسائل راحة للعاملات ، والمادة ( 103 ) للمرأة العاملة الحق في إجازة الولادة ولا يجوز فصلها بسبب تلك الإجازة إلا إذا اشتغلت بعمل آخر بعد ثبوت ذلك ، ونصت المادة ( 104 )حق المرأة المرضع العاملة في ساعة رضاعة لمدة سنة من الولادة وتحتسب من ساعات العمل اليومية ، والمادة ( 105 ) يحق للمرأة العاملة الحصول على إجازة بدون أجر لرعاية طفلها أو مرافقة زوجها ، والمادة ( 106 ) المنشأة تعلق في مكان العمل الأحكام الخاصة بالنساء .
تحليل المواد القانونية
- بما أن القانون الأساسي نص على أن العمل حق لكل مواطن فهذا يلزم الحكومة أن تقوم بتوفير فرص العمل لكل مواطن ومنها المرأة كفرد أساسي بالمجتمع لتوفير الحياة الكريمة لها وهذا ما لم تستطع الحكومة أن تقوم به حتى الآن وارتفاع نسبة البطالة والفقر .
- المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات رغم عدالة القانون في نص هذه المادة إلا أن تطبيقها على الواقع يتنافى في كثير من المواقف حيث تحرم المرأة من الحقوق والحريات لكونها أنثى فقط .
- تكافؤ الفرص وعدم التميز في ظروف وشروط العمل أيضاً على الواقع بعيده عن التطبيق في حق المرأة وما يحكم الواقع هو مدى توفر الواسطة والمحسوبية والعلاقات الشخصية وليس الكفاءة والمهارة .
- المادة ( 100 ) حثت على مراعاة حالة المرأة البيولوجية والنفسية والإجتماعية في العمل بحيث لا تتعرض المرأة لأي عمل يتنافى مع تعرضها للخطر .
- نظم قانون العمل حالة الحمل والولادة للمرأة العاملة وأعطاها حق الإجازة بعد الولادة والرضاعة ولكن مدة ما يقارب ثلاث شهور غير كافية لرعاية الطفل لماذا لا يتم زيادة إجازة الأمومة أكثر من ذلك ليصل عمر الطفل 6 شهور ثم يسمح لها بإجازة بنصف الراتب إلى أن يصل عمر السنة .
- لا توجد أي منشأة تعلق أي بنود وأحكام تتعلق بحقوق النساء بل على العكس كثير من النساء العاملات لا يعلمن حقوقهن ولا ما تنص عليه المنظومة القانونية من مواد تدعم حقوقهن .
واقع عمل المرأة
حسب مركز الأحصاء الفلسطيني
جدول ( 1 ) لاهم الإحصائيات حول مشاركة المرأة في القوى العاملة
المؤشر السنة
2011
السكان
نسبة الجنس (ذكر لكل 100 أنثى) 103.2
القوى العاملة
نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 16.6
نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة 68.7
معدل الأجر اليومي
ذكور 94.1
اناث 79.1
فجوة الجنس 15.9
الوظيفة والتخصص
قضاة
ذكور 88.7
اناث 11.3
(*) تشمل بيانات الضفة الغربية فقط. (-) البيانات غير متوفرة
حسب مركز الإحصاء الفلسطيني جدول ( 2 ) مشاركة المرأة في القوى العاملة
لمشاركة في القوى العاملة (للأفراد 15 سنة فأكثر) سنوياً
كلا الجنسين 2012 43.6
ذكور 2012 69.1
إناث 2012 17.4
حسب مركز الإحصاء الفلسطيني جدول رقم ( 3 ) يوضح نسبة البطالة بين الرجل والمرأة وكل من الضفة الغربية وقطاع غزة
لبطالة (للأفراد 15 سنة فأكثر) سنوياً
كلا الجنسين 2012 23.0
ذكور 2012 20.5
الضفة الغربية 2012 17.3
قطاع غزة 2012 26.8
إناث 2012 32.9
الضفة الغربية 2012 25.3
قطاع غزة 2012 50.1
معدل الأجر اليومي للعاملين في الاراضي الفلسطينية (دولار الأمريكي) سنوياً
ذكور 2012 24.6
إناث 2012 21.3
حسب مركز الإحصاء الفلسطيني جدول رقم ( 4 ) يوضح عدد المنشآت العاملة بكل أنواعها في الضفة الغربية وقطاع عزة لعام 2007
عدد المنشات العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة حسب النشاط الاقتصادي الرئيسي 2007 116,804
بنظرة تحليلية للإحصائيات السابقة حول وضع المرأة في مجال العمل نجد أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل مقارنه مع حجم مشاركة الرجل نجد أن الفجوة كبيرة بين الجنسين حيث بلغت نسبة النساء العاملة لعام 2011 ( 16:6 ) ونسبة الرجال ( 68:7 ) أما عام 2012 لم ترتفع النسبة كثيرا حيث بلغت مشاركة المرأة ( 17.4 ) مقابل ( 69.1 ) لرجل مما جعل هناك فجوة كبيرة بين الجنسين وحق كل إنسان بالحصول على فرصة عمل وحياة كريمة خاصة في ظل ظروف تعيش فيها المرأة الفلسطينة مرحلة العطاء والكفاح والنضال والمشاركة الإجتماعية إلى جانب الرجل وتقدم الكثير من التضحيات التي تحتاج من خلالها إلى مورد مالي أو دخل كريم يعينها على متطلبات الحياة في ظل ظروف خاصة تعيشها سواء كانت مطلقة أو زوجة أسير أو شهيد أو عزباء دون زوج أو حتى إمرأة عادية تحتاج لتقوم بإعالة نفسها دون الحاجة للطلب من أي ولي لها في ظل مجتمع بدأ يتخلى عن قيم وعادات أن المرأة تبقى تحت رعاية الولي إلى أن تتزوج وخاصة في الأمور المالية .
أما بالنسبة لمعدل الأجر اليومي لكل من الرجل والمرأة فنجد أن الرجل يحتل النسبة الأكبر من المرأة حيث بلغ معدل أجره في عام 2011( 94.1 ) مقابل أجر المرأة الذي بلغ ( 79.1 ) بنسبة فرق بينهما ( 15.9 )أما عام 2012 حسب الجدول رقم (3 ) الرجل بلغ نسبة ( 24.6 ) والمرأة بلغت (21.3 ) مما يدعو للتساؤل حول السبب في ذلك هل لكونها أنثى فقط ولا تمتلك القدرات العقلية والجسدية و النفسية لتحمل أعباء العمل أو الإبداع به أم لأنها تتحمل العبء دون أن تطالب في زيادة الأجر وتحسين الراتب ، رغم أن الواقع يثبت أن المرأة قد أثبتت جدارتها في أغلب ميادين العمل وأبدعت في عطائها وتفوقت على الرجل في كثير من الأماكن حتى العمل السياسي والإقتصادي بل هي تبذل طاقه وجهد مضاعف عن الرجل في تفانيها وإخلاصها في مهماتها الوظيفية مقارنه بالرجل ، كما أن المرأة اليوم تساهم في الإعالة المالية لأسرتها إلى جانب الرجل ولعلها تسبق الرجل في كثير من الأسر الفلسطينية وأصبحت الأسرة تعتمد على أجرها المالي الذي يدعم صمود الأسرة في ظل ارتفاع أسعار السلع وتزايد الفقر والبطالة .
بالنسبة للبطالة بين الجنسين فحسب جدول ( 3 ) تبين أن البطالة بين النساء أعلى منها بين الرجال وأنها تميزت بارتفاعها في قطاع غزة حيث فاقت كثيرا نسبة البطالة للنساء في الضفة الغربية حيث بلغت نسبة بطالة النساء في قطاع غزة ( 50.1 ) مقابل نساء الضفة الغربية ( 25.3 ) لعام 2012 أما بالنسبة لبطالة الرجل فكانت نسبة بطالة المرأة في الضفة الغربية لا تعاني فجوة كبيرة كما في قطاع غزة حيث نسبة بطالة الذكور في الضفة الغربية بلغت ( 17.3 ) مقابل قطاع غزة للرجال ( 26.8 ).
هذه النسب تدعو للتساؤل عن أسباب أرتفاع البطالة في صفوف النساء وقلة الحصول على فرصة عمل ومورد مالي يؤمن لها الحياة الكريمة وخاصة في قطاع غزة ، ولعل قطاع غزة لسوء الظروف التي تحيط به من حصار إسرائيلي وقلة المنشآت العاملة وأوضاع إقتصادية أشد قسوة من الضفة الغربية وطبيعة الثقافة الإجتماعية السائدة الأكثر تشدداً في منع المرأة من العمل توضح سبب هذا الإرتفاع ، أما في الضفة الغربية فلعل التنافس في ميادين العمل بين الرجل والمرأة وإرتفاع نسبة تعلم المرأة وحاجتها للوظيفة وقلة المنشآت والوظائف وبعض الإعتقادات الإجتماعية السائدة حول عمل المرأة وإمكانية نجاحها أو الخوف عليها من الإختلاط وغير ذلك كلها سببت وجود هذه النسبة لبطالة النساء .
كما أن قصور القانون عن ضرورة توفير فرصة العمل لكل من المرأة والرجل دون أن يكون هناك تنافس وتدافع يحرم كل من الآخر حقه في فرصة العمل وذلك من خلال زيادة عدد المؤسسات والمنشآت ومجالات العمل وتفعيل السوق الإقتصادي والمشاريع الصغيرة وتسخير الدعم المالي للشباب لتحسين ظروفهم والإعتماد على أنفسهم في مجالات عمل فردية وغير ذلك من عوامل تساهم في رفع نسبة العمل للمرأة وحمايتها من الفقر والبطالة والحاجة للغير كما الرجل أيضا يجب إنصافه وتوفير فرص العمل المناسبة له .
الفجوة بين القانون والواقع
المرأة في القطاع الخاص : يجب العمل على عدم الإستغلال لجهود المرأة وتشغيلها بأعمال شاقة وتوفير حماية صحية ورعاية لها خاصة في المصانع والمنشآت ، والعمل على الحد من نسبة البطالة بين النساء كون أن المرأة أصبحت اليوم تساهم في الإنفاق المنزلي كما الرجل ، وأن يكون التوظيف على أساس الكفاءات والقدرات وليس على أساس الجنس أو الشكل .
بالنسبة لعمل المرأة في القطاع العام : هناك حقوق متساوية نوعا ما بين الرجل والمرأة في الأجر حسب الدرجة الوظيفية كما أن المرأة الموظفة في القطاع العام تحصل على تأمين صحي وراتب تقاعد وإجازة أمومة وساعة رضاعة أما في القطاع الخاص فلا تحصل المرأة العاملة على ذلك بالإضافة لتدني مستوى الأجر لها مقارنة مع الرجل، لكن هناك إجحاف في حق المرأة الوصول للمراكز القيادية العليا حيث يحظى الرجل بنسبة أكبر في هذه المواقع ، ويبقى هناك تهميش لقدرات المرأة وإبداعاتها والتقليل منها كونها إمرأة .
نجد أن واقع المرأة في العمل لا يتفق مع بنود القانون الأساسي وقانون العمل التي نصت على أهمية المساواة وعدم التميز وتوفير فرص العمل ، كما أن القانون لا يطبق على الواقع بكل بنوده في القطاع العام والخاص حيث هناك فجوة بين نصوص القانون والواقع الممارس على الأرض في الحياة العملية للمرأة وتبقى هناك النظرة القاصرة على أن المرأة هي الأقل مقدرة على الإنجاز والتميز مقابل الرجل رغم أن الواقع أثبت العكس في كثير من المواقع العملية على المستوى الخاص والعام .
إن إعادة النظرة الفاحصة لدور المرأة في البناء والعطاء لا يحتاج لشعارات رنانه تؤيد المرأة أو كلمات جميلة لمساندتها تخالف ما يكون على الواقع فنرجوا أن يتم إعادة العمل على دعم دور المراة الحقيقي في كافة الميادين وتحسين ظروفها في القانون والواقع فهي ليست بأقل شأناً ولا مقدرة من الرجل .
آمال أبو خديجة