قرار البرلمان الأوكراني بإزاحة يانوكوفيتش عن سدة الحكم يرسم معالم مرحلة جديدة تستوجب الحذر والتأني، فتعرجات الثقافة السياسية الأوكرانية أقوى من الدولة الديمقراطية التي يتطلعون إليها.
إن البنية السياسية مهيأة للعب خلف الكواليس وفقاً لتوجيهات “التنظيم الموازي” - بمعنى الدولة الموازية - الذي يتحكم بعناصر “المسألة” الأوكرانية؛ لإيجاد حل إقليمي يتماشى ومصلحة الرؤية العالمية.
ضبابية المشهد المستشرية بين مفاصل المؤسسات الأوكرانية والمجالات الحياتية وما يرافقها من فساد إداري وترهل سياسي وضعف اقتصادي، عناوين تجعل من هذا التنظيم يعزف على وتر اللعب خلف ستار تنفيذ أجندته الشخصانية.
الاضطرابات التي تخيم على الساحة الأوكرانية تتشابه والمشهد العربي بـ”الجزئية والتشاحن”، من خلال مقدرة التنظيم الموازي ركوب موجة الحراك الشعبي وإيجاد تشعبات وتشظيات، وكما حدث عربياً فيما يسمى بالصراع السني الشيعي، فالمخاوف بأن يتحول الصراع بين الشرق الأوكراني وغربه إلى أمد طويل يصعب السيطرة عليه، ليفتح صفحة جديدة عنوانها الانقسام الاجتماعي.
ملامح هذه الصفحة ترتسم ثقافياً، فالتنافر بين الشرق الأوكراني المتجاذب مع السياسة الروسية والغربي الذي يرفض التبعية للاتحاد الروسي، يهيئ تربة خصبة لتنفيذ أجندات الدولة الموازية، التي تجد في إطالة أمد الصراع فرصة لتطوير وتوسيع مصالحها.
إزاء ذلك، ذهاب يانوكوفيتش والإتيان بغيره، ناهيك عن التدخل الروسي في القرم، لن يغيّر شيئاً؛ لأن المعادلة الأوكرانية تخضع لمطالب التنظيم الموازي ومصالحه الإقليمية والدولية.