لم يعد يفصلنا سوى أيام معدودة عن موعد انعقاد القمة العربية الرابع والعشرون المقرر عقدها في الكويت يومي الخامس ، والسادس ، والعشرين من آذار 2014 ، الأجواء العربية ملبده في الغيوم حيث أن العلاقات العربية يشوبها الكثير مما علق بها على خلفية رواسب ما سمي بثورات الربيع العربي ، وان انعكاس الصراع على سوريا قد اخذ يرتد بمردود سلبي على علاقات دول مجلس التعاون الخليجي بعضها ببعض وقد اتخذت السعودية والبحرين ودول الإمارات المتحدة قرارا بسحب السفراء من قطر تحت اتهام قطر بدعم الحركات الاسلاميه التي تهدد امن الخليج وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين وقد سبق لمصر أن سحبت سفيرها من قطر بسبب اتهام القاهرة للدوحة بدعمها للإخوان المسلمين والوقوف إلى جانبهم بعد ثورة 30 يناير 2013 ، وان المعاناة العربية لا تقتصر فقط على سحب السفراء والتهديد باتخاذ إجراءات عقابيه ضد من كان بالأمس القريب حلفاء ضد سوريا.
إن النظام العربي يعيش في أسوأ مراحله وتاريخه لان النظام العربي يفتقد لاستراتجيه عربيه موحده تقود العالم العربي والإسلامي مما علق به ، وان نتائج الصراع الدولي والإقليمي أصبحت تنعكس جليا بوضوح على النظام العربي الذي هو عاجز عن تحقيق أهداف وتطلعات ألامه العربية ، اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة هو الاجتماع الذي يسبق انعقاد القمة العربية في الكويت في دورته الواحد والأربعون ، مجلس وزراء الخارجية العرب في دورته الواحد والأربعين كرس جل مباحثاته عن الإرهاب ومحاربة الإرهاب وطالب جميع الدول العربية للتنسيق فيما بينهم لمحاربة الإرهاب وقد دعا إلى عقد اجتماع لوزراء الداخلية العرب لوضع خطة لكيفية محاربة الإرهاب ، وان المجلس لوزراء الخارجية العرب يتوافق في توجهاته المستجدة ونظرته للأحداث مع الموقف السوري في جولة الحوار في مؤتمر جنيف 2 حيث ارتأت الحكومة السورية أن أولوية الحوار هو بالاتفاق على محاربة الإرهاب في سوريا ، وان وزراء الخارجية العرب اكتشفوا أن الإرهاب من يهدد الأمن والاستقرار في العالم العربي ، وان في تروي مجلس وزراء الخارجية العرب وتراجعها عن منح مقعد سوريا في ألجامعه العربية لقوى الائتلاف السوري الممثل في رئيس قوى الائتلاف احمد الجربا هو ضمن إعادة الحسابات والموازين المستجدة وحقائق تفرض نفسها.
إذ أن منح قوى الائتلاف مقعد سوريا في قمة قطر كان مخالفه للقانون الدولي وللشرعية السورية وهو موقف لا يعبر حقيقة عن احترام النظام الداخلي للجامعة ولا احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في ألجامعه العربية ، إن الكويت البلد المضيف للقمه العربية تمهد لعقد القمة العربية بتهدئة الأجواء الملبدة في المنطقة وتشمل جهودها لتهدئة الأجواء بين مصر وقطر التي توترت علاقاتهما بعد الإطاحة بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي في يوليو تموز الماضي وكان حليفا لقطر كما تشمل أيضا الجهود من اجل إحداث تقارب بين السعودية وإيران وان الكويت تسعى لإحداث علاقات متوازنة مع جاراتها الثلاث السعودية وإيران والعراق وان نشاطات الكويت تأتي في إطار تهيئة أجواء تصالحيه في المنطقة ، والسؤال هل لقمة الكويت أن تسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، خاصة وان ما أصبح يعاني منه النظام العربي من ضعف يؤدي بهذا النظام لمزيد من التفكك والانهيار ، إن قمة الكويت ما لم تتخذ من القرارات والمواقف تعيد للنظام العربي أهميته وهيبته ووجوده واستقلالية ألامه العربية ضمن مجهود إنقاذ ما يمكن إنقاذه فان العالم العربي مقبل على مزيد من انعدام الأمن والاستقرار ومزيد من العبث والفوضى وعدم الاستقرار ، إن أولى أولويات القمة العربي يجب أن تتمحور في أولوية الصراع مع إسرائيل وان القمة العربية في الكويت مطالبة بوضع حد للاستهتار الإسرائيلي ووضع حد للمبادرة العربية للسلام التي لم تعد تجدي نفعا لان إسرائيل رفضت التعاطي معها والمطلوب موقف عربي حازم وفاعل تتطلب من النظام العربي وقف كل أشكال التطبيع المجاني مع إسرائيل وتفعيل ألمقاطعه العربية مع إسرائيل ووقف التعاطي والتنسيق أيا كان شكله ولونه مع إسرائيل.
كما وتتطلب دعم مواقف الشعب الفلسطيني وقيادته في مطالبه العادلة وتمكينه من مواجهة كافة الضغوط الممارسة عليه ودعم التوجهات الفلسطينية أمام كافة المحافل الدولية ومطالبة أعضاء مجلس الأمن لضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية وضمان إلزام حكومة الاحتلال الإسرائيلي للالتزام بتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية وتامين حماية الشعب الفلسطيني من كافة الإجراءات غير الشرعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في الاستيطان غير الشرعي ومصادرة الأراضي وتهويد القدس والاعتقالات السياسية وضرورة ضمان الإفراج عن الأسرى ، وان من اهتمامات القمة العربية هو بوأد هذا الصراع على سوريا واتخاذ موقف عربي موحد بوقف كل أشكال الدعم المادي والعسكري للمجموعات المسلحة وإلزام المعارضة السورية للجلوس على طاولة الحوار ووقف كل أنواع القتل وممارساته وأنواعه الذي يمارس ضد الشعب السوري ، وان ثالث القضايا الملحة والمهمة خطة استراتجيه عربيه تتضمن محاربة كافة أنواع التحريض الطائفي والمذهبي ووقف كل الحملات الاعلاميه ومقاضاة كل القنوات وكل المواقع بجميع أشكالها وألوانها التي تساعد على تأجيج الصراع المذهبي الطائفي الذي يمس بوحدة وكيان المجتمع العربي ويضرب نسيجه الاجتماعي ، وهذا يتطلب خطه سياسيه وأمنيه واقتصاديه واجتماعيه عربيه موحده تتصدى لكافة أعمال الإرهاب والتفجيرات التي تضرب في أعماق ألامه العربية وتستهدف العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن وكل أرجاء المعمورة العربية والاسلاميه ، إن امن المنطقة العربية هو وفق استراتجيه عربيه وضمن منظور عربي لا يتم إلا بالتوافق العربي وتفعيل كل قرارات العمل العربي المشترك والدفاع العربي المشترك عن امن ألامه العربية.
وان في بناء التحالفات العربية والاسلاميه ما يعيد للامه العربية أهميتها ووجودها ويخلصها من شوائب ما علق بها وان كل ذلك يتطلب استراتجيه عربيه موحده تقود ألامه العربية لمستقبل يعيد لها أهميتها وتجذرها ووجودها ويعيد لها وجودها واستقلالها وسيادتها وهذا يتطلب التخلص من التبعية العربية لأمريكا والغرب وبناء استراتجيه عربيه وحدويه تقود لوحدة العمل العربي المشترك ، إن النظام العربي وهو يفتقد لوجوده وأهميته مطلوب منه اليوم لاستعادة ثقته بنفسه وإعادة هيبته واسترجاع لدوره الإقليمي والدولي أن يعمل على نصرة القضية الفلسطينية والتصدي للكيان الإسرائيلي التوسعي ووضع حدود لتدخله في الشؤون العربية الداخلية ، وبضرورة التعامل بجديه مع ما يخدم القضايا القومية العربية ضمن مشروعية حق المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، القمة العربية في الكويت قد لا تختلف عن غيرها من القمم لكن يبقى السؤال هل يمكن لقمة الكويت أن تنقذ ما يمكن إنقاذه