جميل زيدان نجما بين النجوم استشهد شامخا

بقلم: عباس الجمعة

في هذا اليوم الحزين ، لا أزال استحضر صورتك اخي ورفيق دربي جميل زيدان وكأني أراك مثلما رأيتك واستمع إلى صوتك المجلجل بكلام المحبة لاصدقاءك واخوانك ورفاقك مثلما استمتعت إليك طويلا تناقش وتجادل دون أن تنسى منافع الإنصات الذكي إلى غيرك ، تظل صورتك في وجداننا وكأن لم يمسسها الزمن الذي يبلي كل شيىء بل ان الأيام ستزيدها رونقا وجلالا ، ماذا اذكر عنك صديقي غير أنك كنت شجاعا صلبا كجذع زيتونة من زيتون فلسطين ، يافعة تضرب بعروقها في هذه الأرض الطيبة ، هامتك ترنو إلى الأعالي نجما بين النجوم ، فانت، شامخا ،مقاوما ،تتصدى لأولئك الذين جاؤوا في جنونهم الى مخيمك ليغيروا لون الأرض و السماء وليحولوا هذا المخيم الذي قاوم وقاتل إلى محرقة لمن اختاروا لهم دينا غير دينهم الدموي الذي تنكره جميع الاديان والشرائع .

ولدت في مخيم التحدي والصمود عين الحلوة في تلك الإحياء ذات الأزقة الضيقة تخبئ رغم ذلك في جوفها المولود براعم الأمل، انتميت منذ الصغر الى جبهة التحرير الفلسطينية فكنت شبلا ومناضلا وقائدا فانتميت للامن الوطني من اجل خدمة شعبك أحببت الجميع، ولكن أحببت قبل كل شيء وفوق كل شيء وطنك فلسطين حتى جعلت من اسمها رفيقة دربك ، عشقتها، فكنت تقلب وتبحث عن صيغة تؤدي دلالة هذا العشق الذي مداره الحرية والعودة ، عرفتك في الزمن الصعب ، فقدمت عائلتك شهداء فكان والدك في طليعة المناضلين الذين استشهدوا في مخيم العزة والكرامة عين الحلوة وبعدها شقيقك المأسوف على شبابه.

انت شهيد الحرية والكلمة عشت مناضلا و استشهدت بطلا ، كنت تعشق الحياة ، تحب والحكايات والضحكات، كنت صوتا مدويا ضدّ الاغتيالات التي تجري في المخيم، لا يخشى دفع الثمن من أجل الدفاع عن شعبك، كنت تدعو الى الحوار ضد ظاهرة استشراء العنف وسبل معالجتها.

توطدت العلاقة بيننا ، إذ كانت تجمعنا وآخرين من المناضلين في الجبهة ومع رفاقك في جبهة التحرير الفلسطينية ، كان يجمعنا كره الاستبداد في المخيمات ، لشدة ما كان يروق لنا أن نتبادل الأفكار عن واقع مخيماتنا المؤلم والمحزن وخاصة عين الحلوة التي عشت فيه دهرا وكان يبهرنا حديثك اللذيذ، تغادرنا اليوم ويبقى سجالك حافلاً بالتضحية والفداء والنضال.

وداعا أيها الرفيق فأي ساعات عجيبة تلك التي عشناها، لم نكن نتوقع وقتها أن عمرك سيكون قصيرا، لم نكن ندري ان خفافيش الليل كانوا يريدون الانتقام من كل من يدافع عن المخيم واهله ولو بكلمة طيبة ، هذه القضية يجب الان ان تحتل من قبل الجميع بتر يد هؤلاء القتلة ، لأن دماء المناضلين يجب ان لا تنطفئ إحدى هذه المشاعل المضيئة من خلال تيار الظلام في المجتمع، فانت ضحية متكررة لقوى الارهاب، التي تتقن اسلوب التصفية من يختلف معها في الرأي.

ان جميل زيدان لم يكن مصدر خطر ، فهو رافع راية النضال من أجل فلسطين، ، فتلميذ الشهيد القائد ابو العباس، كان متعلماً خلال تجربة النضال الفلسطيني، ومن صمود القيادة المميزة لجبهة التحرير الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومن بؤس مخيم عين الحلوة، فهو كان دائما يسعى إلى التفاهم بين ابناء المخيم الذي اكتسبت صورته إطارها البهي الكامل مع استشهاده .

الذين قتلوا جميل زيدان هم أنفسهم من قاموا في الاغتيالات في مخيم عين الحلوة ، حيث يخدمون باغتيالاتهم كيان العدو الصهيوني.

وحدك ، عشت حرا لا تساوم ، متمسكا بقضيتنا ،متواضعا ،ضاحكا، بشوشا، فانت اليوم ترحل كمناضل وقائد وطنى ، لنقول للجميع إن مخيمكم في خطر، وأنتم جميعاً على قوائم الشيطان الذي يكره الشمس والحرية وفرح الأطفال.

ختاما نقول: جميل زيدان مثل الإرادة الإيجابية الفاعلة في مخيم عين الحلوة وفي العلاقات اللبنانية الفلسطينية ، وأن خطفته منا خفافيش الظلام بطريقة بشعة، ولكنك تركت لنا الكثير، على متابعة المسيرة بقوة وثبات ، لن نقول لك وداعاً لأننا سنجدك حاضراً بيننا وإن غبت عنا جسداً.

كاتب سياسي

المصدر: غزة _ وكالة قدس نت للأنباء -