حلف المقاومة في مواجهة الخريف العربي

بقلم: فايز أبو شمالة

في الأشهر الأخيرة تكشفت حقائق سياسية كانت مستترة إلى حد ما، فقد انجلت الأيام في منطقتنا العربية عن تحالف يضم كلا ًمن السعودية، والإمارات العربية، والبحرين، ومصر، والأردن، هذا التحالف الذي كان وما زال يطلق عليه "محور الاعتدال العربي"، يضم في طياته منظمة التحرير الفلسطينية، وهو المرجعية السياسية لكل تحركات السلطة الفلسطينية.
إن بلورة محور الخريف العربي كان وما زال حاجة إسرائيلية، وهو مبعث رضا واطمئنان الصهاينة الذين باتوا قبل عامين على قلق من نتائج الربيع الإسلامي، فاستيقظوا اليوم وسط خريف عربي ترك جماهير الأمة قلقة على مصيرها، وتفتش في الركام عن مستقبلها، ومن المؤكد أن كل اطمئنان إسرائيلي هو مبعث هدوء أعصاب أمريكي، ومن المؤكد أن كل رضا صهيوني سيكون موافقاً لهوى أمريكا، ويحظى بدعمها المطلق.
قبل أيام كشف محور الخريف العربي عن مواقفه السياسية، وأعلن عن عدائه السافر لكل من ينادي بالديمقراطية وحرية الرأي، وسارع غلى سحب السفراء من دولة قطر العربية، ونعق بعدائه الاستراتيجي لدولة إيران الإسلامية، بعد أن أضاف إلى قائمة أعدائه دولة تركيا الإسلامية، ولم يتحرج هذا الحلف في الإعلان عن تنظيم الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، ولم يرتعب من وصف حركات المقاومة العربية والفلسطينية بالإرهاب.
في المقابل، لما تزل الدول والحركات الإسلامية وفصائل المقاومة الفلسطينية أبعد عن تنسيق المواقف القادرة على التصدي لمحور الخريف العربي، وذلك رغم الخطوات العملية التي اتخذها هذا المحور، والتي أظهرت العداء الفاضح لحلم الجماهير في التحرر من نير الحاكم، ومع ذلك، فما زال بعض السياسيين يتشدقون بترف الخلاف المذهبي السني الشيعي، متناسين جوهر الصراع في المنطقة، وأبعاده العقائدية والسياسة التي وظفت المذهبية سلاحاً يطعن ظهر المسلمين، ويشكك في وحدة مصير القوى الثورية المعادي للتحالفات الديكتاتورية.
إن وجدان الجماهير العربية والإسلامية ليستنهض عقول السياسيين المخلصين من هذه الأمة، ويستحثهم على القيام بالواجب الذي يفرض على كل الدول العربية والإسلامية الرافضة للوصاية الأمريكية، والمعادية للهيمنة الإسرائيلية، بأن تشكل حلف الحرية والديمقراطية، وأن تضع يدها في يد القوى السياسية العربية الرافضة للانقلابات العسكرية، ليقف الجميع صفاً واحداً خلف فصائل المقاومة الفلسطينية، وما عدا ذلك، فإن المنطقة العربية ستظل ساحة مفتوحة لحلفاء أمريكا وإسرائيل، يحرضون على الخلاف المذهبي، ويوظفونه لتحقيق أغراضهم السياسية، مع الحرص على الاستفراد بكل من خالفهم الرأي والرؤية.