مـن دبـّروا لحـرق فلسطين بربيعهـم سـيحترقـون بالربيع الفلسـطيني

بقلم: حسني المشهور

الربيـع العربي ... هـذه الوصفـة الخبيثـة التي أطلقهـا المنظرون والمخططون لما اسموه بالشرق الأوسـط الجديد مع كل ما تحمله هذه التسمية من طمس للهوية العربية ووحدة الآمال والأحلام لسكانه رغـم اختـلاف الآمـال والأحـلام لحكـّامه ... وصفـة خبيثـة تسترت وراء تلال من شعارات خاطبت حاجات الناس ليس من أجـل تحقيقهـا لهـم ولكن لتلهيهم بها وتضللهم عن الهدف الحقيقي لها مهمـا تنطـعت وتحذلـقت ألسنة المتصدرين لموجاتها من أصحـاب اتفاقات وتفاهمـات العتمـة ، والممجدين لبطولاتهم المزيفة ... كان الهـدف الحقيقي وما زال هـو أن تحترق فلسطين الأرض والشعب والهويـة والحقوق ... هذه الوصفـة الخبيثـة التي شـاهدنا ولادتهـا على الأرض الفلسطينية ... وعلى نفس الأرض الفلسطينية سنشهـد انتحارهـا واحتراق من تبقى من أدواتهـا ومن أرادوا لأنفسهم أن يكونوا أكياس رمـل يتحصن خلفها كل من يضمرون الشر لفلسطين الأرض والشعب والهويـة والحقوق ... فلسطين الوطن الواحد والوحيـد للفلسطينيين .

يخطئ من يعتقد أن ولادة هذه الوصفـة الخبيثـة المسماة بالربيـع العربي كانت في تونس لأن التدقيق في سلوك الرعـاة الأوائـل والممولين وأقوي أدوات التنفيذ يكتشف أن الإيهـام بأن تونس كانت أرض الولادة لهـذا الربيـع إنمـا كان تغطيـة على فشل استيلادها في فلسطين حيث أجهضها الوعي الوطني ... الـم تكن عمليات التهيئة من حملات للتشهير قادتها بعض الحركات والأحزاب التي ثبت لاحقاً مدى التورط لقياداتها قي تنفيذ هذه الوصفة ، والقصة المفتعلة لقنـاة الجزيرة عن تسريب بعض الوثائق من ملفات فريق المفاوضات الفلسطيني وحجم الحشد للجدل الإعلامي وإثارة البلبلة والشكوك كافية لإشعال النـار في كل بيت على امتداد الأرض الفلسطينية والشتات الفلسطيني لولا اليقظة وصدق الأحساس الوطني كشفا التزوير ومدى التلاعب الذي تم على هذه الوثائق فخرجت جموع الفلسطينيين تعلن تمسكها بقيادتها الوطنية وأجهضت الولادة الأولى وإن كان بعض مسوخها يطلّون بين الحين والآخر وبمسميات مختلفة !!!

ثم تتابعت ولادات هذه الوصفـة الخبيثـة المسماة بالربيـع العربي في تونس واليمن وليبيا ومصر وسوريا وها نحن نرى حرائقها ونتائجها المدمرة على هذه البلدان رغم التعثر الذي تواجهه في ليبيا واليمن والفشل الذي لحق بها في مصر وسوريا ... ولكن الشواهد الجامعة نأخذها من سلوك واقوال من وصفوا أنفسهم ووصفهم الإعـلام التابع والمسخّر لأصحاب الوصفة بالقيادات لهذا الربيع وأهمهـا :

هـم جميعـاً ممن تلقى التدريبات على الديمقراطية ( ديمقرطية برنارد لويس ، وبرنار هنري ليفي ) في المعاهد والمراكز الممولة والتابعة للوقف الأمريكي للديمقراطية ، وفريدم هاوس ، ومراكز كارنيجي ، وأكاديمية التغيير ، وحركة أدبر الصربيّة ، ومعاهد االحزبين الجمهوري والديمقراطي .

جميعهم عندما كان يُسـأل عن مواقفهم من الممارسات الصهيونية ضد فلسطين الأرض والشعب والهوية والحقوق كان يجيب يكون جوابه بأنهم في حاجة لدعم الكونجرس الأمريكي ولا يريدون فقد دعمه لربيعهم ، لأن أولوياتهم هي إسقاط أنظمة الاستبداد والفساد ، وغيّبوا وما زالوا يغيّبـون فلسطين وممارسات الكيان الصهيوني ضد شعبها وارضها ، والأبشـع من ذلـك أن كبار شيوخهم أصدروا الفتاوي التي تقدم الجهـاد في هذه البلدان على الجهاد من أجل القدس وفلسطين .

جميع من تصدر الحكم والقيادة في هذه البلدان كانت له زيارتان لأمريكا الأولى قبل التتويج حاكماً والثانية بعد التتويج مباشرة ، ولم يفصحوا بشيء عما قيل لهم وأُلزموا به وما قالوه هـم وماالتزموا به .

جميعهم وبلا اسثناء رأينا هلعهم وكيف تفجرت أحقادهم على مصر الكنانة شعباً وجيشاً عندما فاض نيلها وكنـس أحلامهم وأعاد مصر لشعبها وجيشها ، وها نحن نرى أفعالهم وأقوالهم وهم يرون مواقعهم وأحلامهم تتهاوى تباعاً في سـوريا وتتآكل في تونس وليبيا واليمن . وما يقولوه ويفعلوه وهم يرون سلوك الدب الروسي المتعافي في المنطقة وفي أوكرانيا والقرم .

هذا التعثر والفشـل الذي لحق بصناع هذه الوصفة وأدواتها جعلهم يعاودون المحاولة من جديد وعلى أرض الهدف الأساس لها ولكن بوجوه وادوات جديدة ورعـاة جُـددْ علّهم يعوضون بعضاً من خسائرهم ويحققون بعضاً من هذا الهدف إن لم يستطيعوا تحقيقه كله ، وكان ما رأينـاه في الشهر والأيام القليلة الماضية وهذه الأيام ... وكيف يـُزج بالفلسطيني ليتواجد في الصفوف المتقدمة للمعارضة والموالاة لكل أطراف الصراع والجدل الجاري في منطقتنا ... ويكفي أن نعرف أن [ 1200 ] ألف ومئتي فلسطيني فجروا أنفسهم بحزام ناسف أو سيارة مفخخة في الدول الذي حلّ بها هذا الربيع الحريق منذ أن بدأ قبل ثلاث سنوات ، في حين أن إجمالي من فعلوا ذلك في فلسطين منذ انطلاقة الثورة عـام 1965 وحتى تاريخه كانوا فقط [ 167 ] مئة وسبعة وستون ؟ ثم هذه الهجمة الإعلامية المركزة التي تفجر رذاذها على الفلسطينيين وفلسطين عشية زيارة الرئيس الفلسطيني لواشنطن وما زالت تتشطر أثناء لقائه مع المسؤولين والرئيس الأمريكي ... وحسناً فعل الرئيس الفلسطيني عندما خاطر وألقى بحجره على الشجرة الفلسطينية قبل ساعات من الزيارة في رسالة تصيب من تصيب وتميل الطاولة مهددة بقلبها ؟؟؟

في كلمات يرد بها شعبنا على ما يجري لمن يحاولون استيلاد ربيع يحرقون به فلسطين... ويقولون :

ذهب الرئيس الفلسطيني إلى واشنطن لا لِيـُقال له ويُلـْزَمْ بما قيل لهم والتزموا به ... ذهب ليقول لمن يجب أن يقال لـهم إن لفلسطين ربيـعاً بـدأت تنمـوا براعمـه ، وأن شعبنا مصمم على رعايته حتى تنتشر أزهـاره ووروده على امتداد الأرض الفلسطينية ؛ وعلى قبور الشهداء ، وزنازين الأسرى وصدور الجرحى ، وصـدور كل الأوفياء لفلسطين الأرض والشعب والهويـة والحقوق ... ربيـعـاً سيحترق فيـه وبه كل من أراد أن يجعله ربيعاً تحترق فيـه وبه فلسطين !!!

وأخيرا نسألهم إن كانوا يستطيعون فهـم المعاني العميقة للمثـل الشـعبي القائـل :

زمـن أول حـوّل