"الكبد الوبائي".. مرض معدي يُثير تزايده قلق الغزيين

يثير تزايد مرض "التهاب الكبد الفيروسي" في قطاع غزة قلق المواطنين والأطباء على حد سواء خشية انتشاره وتأثيراته كونه مرضاً معدياً وخطيرًا قد يؤدي للوفاة.

وتبذل وزارة الصحة في غزة جهودًا مضنية من خلال "التطعيم ضد المرض" ضمن البرنامج الوطني للتطعيمات، للمساهمة في الحد من انتشار المرض , إلا ان المواطن يرى ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل توعية أفراد المجتمع بأعراضه وطرق انتشاره.

وينتقل هذا المرض عن طريق استخدام المواد الحادة التي يستخدمها الشخص المصاب مثل شفرة الحلاقة وفرشاة الأسنان ومقص الأظافر والطعام، والحقن الطبية لمتعاطي المخدرات، وأدوات طبيب الأسنان، وذلك بنقل العدوى من إنسان مصاب إلي إنسان سليم عن طريق الدم.

مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" جال ببعض المستشفيات في غزة وزار أقسام مرضى الكبد الوبائي، للتعرف على طبيعة المرض وكيف أصيب به مرضاه، والتعرف على طرق الوقاية منه..

العشرينية "أم محمد" تحمل فيروس المرض من النوع "A"، تقول: "خلال حملي الأول قمت بإجراء بعض التحاليل التي أظهرت أنني أحمل فيروس التهاب الكبد , فشكلي لي الخبر صدمة كبيرة وكان سبباً في قلب موازين حياتي ".

وتضيف أم محمد " زوجي وعائلته عند معرفتهم بحملي للفيروس وصل بهم الأمر إلى التخلص مني بالطلاق وزاد الأمر تعقيدًا عندما علموا أن والدي يحمل المرض نفسه منذ أعوام طويلة".

وتتابع "بحكم جهلنا بالمرض توقعنا أن يكون العامل الوراثي هو السبب في وصول الفيروس, لذلك اخفيت حملي للفيروس عن أهل زوجي قبل الزواج، حتى علموا بالأمر حديثًا، وامتعضوا مني لإخفائي المرض لم يشكله من خطر على حياتي".

وتستطرد "وجدت نفور من زميلاتي في العمل بعد معرفتهنّ بإصابتي بالفيروس, حتى عند ولادتي الأولى قُبلت بمعاملة سيئة من الممرضات اللواتي عرفنّ بحملي للمرض, فتركني دون أي اهتمام ومتابعة الأمر الذي اضطرني في ولادتي الثانية إخفاء أمر مرضي, كي لا يحدث معي كما حدث في ولادتي الأولى".

الإهمال الطبي

أما الثلاثيني إبراهيم سمير فقصته مع الفيروس تبدو مختلفة عن سابقتها، فيوضح أنه خلال الحرب على غزة عام 2008_2009م، أصيب بجراح خطيرة عند اجتياح قوات الاحتلال عزبة عبد ربه التي يقطن بها, وذهب على أثرها لتلقي العلاج في جمهورية مصر العربية, لإجراء عملية جراحية بهدف نقل وحدات من الدم ليكتشف بعدها إصابته بفيروس التهاب الكبد من النوع "C".

ويلفت سمير عند إجرائه لبعض التحاليل والتأكد من حمله للفيروس طلبت وزارة الصحة أن يتم إجراء تحاليل لجميع أفراد أسرته للتأكد من عدم حملهم للمرض وكانت التحاليل إيجابية للجميع, مشيراً إلى أن حمله للفيروس لم يؤثر على حياته اليومية وأنه يتعايش معه إلى جانب أخذ جميع أفراد أسرته الاحتياطات اللازمة وطرق الوقاية لتجنب نقل الفيروس لأحد منهم.

"B,C" الأكثر خطورة

من جانبه، يبين مدير عام دائرة الطب الوقائي بالرعاية الأولية بوزارة الصحة مجدي ضهير, أن مرض التهاب الكبد الوبائي عبارة عن التهاب يصيب الكبد وينتج عن العدوى بمجموعة من الفيروسات المختلفة التي يعرف منها الأنواع A ,B ,C,D,E وهناك أنواع أخرى أقل انتشاراً من الأنواع السابقة وليست معروفة.

وينوه ضهير خلال حديثه لـمراسل "وكالة قدس نت للأنباء": "أن أكثر هذه الأنواع انتشاراً في قطاع غزة هو النوع "A" , ويعتبر من الأمراض المتوسطة الانتشار وتكثر الإصابة به بين الأطفال حديثي الولادة, وهو مرض بسيط ولا يسبب وفيات, لأنه عند الإصابة به تتشكل مناعة لدى الطفل ضده, وتصل نسبة الشفاء منه إلى 100%.في حين أن النوع "C" هو من أخطر الأنواع فتكاً بالكبد.

العدوة والوقاية والعلاج

ويوضح إلى أن طرق العدوى بالمرض تختلف حسب نوع الفيروس المسبب له, فالالتهاب الناتج عن النوع "A" تنتقل العدوى فيه عن طريق الأطعمة والمشروبات الملوثة بالفيروس من شخص مصاب ولا تنتقل عن طريق الدم، أما الالتهاب الناتج عن الفيروس "B" والنوع "C" فينتقلان بالدم الملوث والأجسام الملوثة بدم إنسان مصاب أو الاتصال الجنسي أو عن طريق الأم حيث تنقل المرض لطفلها عن طريق المشيمة.

ويبين ضهير إلى أن طرق الوقاية من المرض تكون حسب نوع الفيروس المسبب له, فنوع "A" بسيطة وسهلة ويكفي أن يكون الشخص مهتمًا بنظافته الشخصية وأن يغسل يديه قبل تناول أي شيء وأن يتأكد من سلامة الأطعمة والمشروبات وخلوها من الملوثات لمنع انتقال الفيروس له ويلتزم الراحة البدنية ,أما الأنواع الأخرى فالوقاية منها تكون باستخدام اللقاح ضمن البرنامج الذي تنفذه وزارة الصحة الفلسطينية بدقة.

ويشير إلى أن العاملين بالمؤسسات الصحية والرعاية الأولية وطب الأسنان أو الذين يخالطون حاملي الفيروس ويتعاملون معهم بالدم هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالفيروس لذا يجب عليهم تناول اللقاح المناسب ضد المرض لضمان عدم انتقال الفيروس لهم.

ويتابع : "وتجنب استخدام المواد الحادة التي يستخدمها الشخص المصاب مثل شفرة الحلاقة وفرشاة الأسنان ومقص الأظافر أو ممكن أن تتلوث بدم الشخص المصاب عن استخدامه لها، مشددًا على أنه لا داعي للقلق من التعاملات اليومية مع الشخص المصاب.

وحول طرق العلاج يلفت ضهير إلى أن الفيروس "A " لا يحتاج لعلاج وإنما يتم التعامل معه عن طريق الأطعمة ونظام غذائي معين للمريض, أما النوعان "B,C" فإنهما يحتاجان لعلاجات أكثر تخصصا وتعمل وزارة الصحة في غزة على توفير هذه الأدوية حسب الحاجة لها, ويتم معالجة الحالات على مراحل ووفق بروتوكولات معنية.

من/ محمود القصاص..

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -