لم يسبق في تاريخ التضامن العربي المشترك خلال القمم العربية السابقة عدم صدور بيان ختامي عنها، ومع ذلك يبدو أنه قد يحصل خلال قمة الكويت بعدم إصدار بيان والاكتفاء بصدور إعلان وهناك فرق كبير بينهما، فالبيان الختامي يتضمن قرارات معلنه تتعلق بالقضايا العربية وتجسيدا للإجماع العربي باتخاذ موقف موحد بشأنها، أما الإعلان هو مجرد تسويق لا يحمل في طياته عبارات ملزمة، وفي ذلك خطوة سلبية تعبر عن درجة الخلافات العربية وحالة الانقسام السائدة بين العرب نتيجة التدخل الخارجي، وإذا كانت القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى فلماذا وقف العرب صامتين خلال هذه القمة أمام الضغوطات على الرئيس محمود عباس للاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية للوصول إلى اتفاق سلام، بالرغم من مطالبة الرئيس أبو مازن القمة العربية باتخاذ قرار يرفض طلب اسرائيل، فمجلس جامعة الدول العربية في ختام أعمال اجتماع وزراء الخارجية العرب أعلن رفضه لمطالب دولة الاحتلال بالاعتراف بها كدولة يهودية وهذا بحد ذاته لا يكفي ولا يلبي المطلب الفلسطيني الذي يتطلع نحو صدور قرار من القمة العربية يكون ملزما للعرب وله صداه وتبعياته ويدعم ويقوى موقف الرئيس أبو مازن وعدم تركة وحيدا في مواجهة الامريكان، ألا تستحق قضية العرب الأولى خلال هذه القمة إصدار بيان بشكل واضح وصريح حول رفض العرب ليهودية الدولة الذي يعني إلغاء حق العودة والمساس بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ولكن يبدو أن جولات السيد كيري وزير الخارجية الأمريكي في المنطقة أتت مفعولها بتحييد العرب عن القضية الفلسطينية وتحويل مسارها، والمتابع لكلمات وخطابات الزعماء العرب التي القاها العديد منهم صيغت بلغة واحدة، وهي كلمات مجبولة بالشعارات الرنانة دون أن يتطرق أي زعيم عربي خلال كلمته إلى رفض العرب لمشروع يهودية دولة إسرائيل، مما يعنى أن العرب رهن الإملاء الأمريكي وإلا كيف يفسر عدم صدور بيان عن هذه القمة يرفض طلب إسرائيل الاعتراف بـ"يهودية الدولة" في ظل استباحة اسرائيل للأقصى والمقدسات والأرض العربية، لذلك فإن تجاهل العرب خلال هذه القمة لموضوع يهودية الدولة يعني ترك الفلسطينيين وحيدين أمام الغول الأمريكي لفرض مشروع السلام بطريقتهم الخاصة، وكأن العرب لا يعنيهم تلك القضية وما تحمله من خطورة التهجير والوطن البديل، فالحقيقة واضحة بأن الرؤساء العرب ساهموا بالالتفاف على الأمر بعدم إصدار بيان ختامي في نهاية القمة استجابة للضغط الامريكي، كل ذلك يضعنا أمام صحة التسريبات التي أكدت تهديدات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المشاركين في القمة العربية عدم التطرق إلى رفض الاعتراف بـ"يهودية الدولة" من قريب أو بعيد، وعدم تضمين بيان القمة الختامي أي إشارة لرفض الاعتراف بيهودية الدولة، وهذا يعنى تخلى العرب عن القضية الفلسطينية وتحقيق رغبات السيد كيرى نحو تنفيذ المخطط الأمريكي من خلال اقناع القيادة الفلسطينية بتمديد المفاوضات لنهاية العام الحالي لكسب الوقت وحشر الفلسطينيين في الزاوية وخلط الأوراق في ظل انعدام العمق العربي للقضية الفلسطينية، وهكذا وصلت تهديدات كيرى القمة العربية واستسلام العرب لها بعدم إصدار بيان رسمي عن القمة برفض الدولة اليهودية واكتفاء العرب بإعلان صادر عن القمة يحمل إعلان الكويت.