أسرانا الضمير الحي

تجربة الأسر تجربة مريرة يمر بها الرجال من أبنائنا وإخواننا وأخواتنا وهم يعبدون لنا طريق الحرية والتحرر من اجل أن يحيا شعبنا فوق أرضه وتحت سمائه بحرية وكرامة ,والحديث عن هذه التجربة لا يكون فيه مصداقية حقيقية ألا حينما يكون ممن عاشوا هذه التجربة في السجون والزنازين الصهيونية أو غيرها ممن يقفون حجر عثرة أمام طموحات وأمال الشعوب.
تستعد جماهير شعبنا الفلسطيني في كل بقاع تواجده لمراقبة ومتابعة ومعايشة تلك الفرحة الغامرة التي سوف تسود فلسطين والفلسطينيين حينما تظهر الصورة الأولى لخروج الدفعة الثالثة حسب التفاهمات الاسرائيلية الامريكية هؤلاء الأبطال من محابسهم الإجبارية بعد تلك السنوات الطوال من الأسر , نعم تلك المجموعة من الابطال الذي كان لابد من أخرجهم المرور بنفق المفاوضات والذي عملت حكومة اسرائيل كل يوم خلال الاشهر الثمانية الماضية اتخاذ مجموعة من الاجراءات و القرارات التي مارستها العمل على دفع المفاوض الفلسطيني للانسحاب من المفاوضات من أجل تحميله مسئولية توقف التفاوض والتنصل من كل التفاهمات والمفاوضات التي توقفت سنوات عدة وأن تعددت محاولات استئنافها من قبل أطراف مختلفة في العالم من أجل العودة إلى المفاوضات ولكن تعنت ورفض الجانب الصهيوني لمتطلبات المفاوضات كانت على الدوام تقف حائلا أمام استئنافها ,بطبيعة الحال نتيجة لفقدان الجانب الفلسطيني والعربي القدرة على أجبار الجانب الصهيوني على الالتزام بالتفاهمات وضعف الموقف الدولي لم يتمكن أي من تلك الأطراف من أجبار الجانب الصهيوني على التراجع .
وهنا نرحب بكل فعل يكون نتيجته إخراج أسرا من سجون المحتل لان هؤلاء الأسرى لم يضحوا من اجل حزبية أو تنظيم ولكن من اجل حرية الوطن والمواطن من هنا وجب على الجميع الترحيب بكل وسيلة تخرج سجين من سجنه .
- وعلى الرغم من عدم وقف الاستيطان ,واستمرار حكومة اسرائيل اتخاذ الخطوات والأفعال الاستفزازية التي تضعف من موقف القيادة الفلسطينية أمام جماهيرنا بقصد إرباك الساحة الداخلية ,وهنا لابد من حالة وعي وطني وشعبي بأن اسرائيل لا ترغب بالتفاوض وترغب بإظهار الجانب الفلسطيني هو الرافض لعملية التفاوض من اجل أن تمارس الأفعال الشيطانية التي تنسجم مع برنامج حكومة الاستيطان والإرهاب ,وهنا كانت حكمة القيادة بأن وجدت ضالتها في الرغبة الأمريكية بإيجاد نجاح ولو بسيط في منطقتنا العربية بعد حالة الفشل المتتالي والمتراكم التي منيت فيها بدعم الأحزاب الإسلامية بالوصول إلى السلطة وحالة الرفض الجماهيري للمخططات الأمريكية في المنطقة أضافة الى حالة الضعف في التأثير على الملفين السوري والاكراني واستئساد روسيا ,وضبط المنطقة من قبل البعض وخاصة في دولة مثل مصر من الانزلاق لحالة البلقنة والتقسيم والإضعاف التي أرادتها أمريكيا
من هنا تحاول الادارة الامريكية البحث على نجاح ولو على سبيل النزوة بالشعور بحالة الفعل بعد هذا الضعف لأداره الامريكية التي يؤثر على حلفائها التقليديين في منطقتنا .
وهنا لم تكن العودة للمفاوضات عودة عبثية ولكنها كانت بناء على تفاهمات مع الإدارة الأمريكية مرتبطة بفترة زمنية ووفق المقتضيات التي قامت عليها عملية السلام منذ اللحظة الأولى ,أي التزام القيادة الفلسطينية بالأسس التي ترددها صباحا ومساءا مذكرة بها العالم وهي دولة على حدود 67م والقدس العاصمة وحل قضية اللاجئين وفق القرارات الدولية ,وهنا لابد من التذكير بالقرار والاعتراف الدولي في 29/11/2011م والذي من خلاله اعترف العالم بفلسطين دولة تحت الاحتلال مما أفقد الجانب الصهيوني وحلفائهم من التلاعب بتلك الأسس وخاصة بأن فترة المفاوضات ارتبطت بزمن معين وهو تسعة أشهر ,وهذا في عمر الشعوب ليس بكثير بالمقارنة بالزمن الطويل والمرير الذي صبره شعبنا كما صبره أسرانا الإبطال من أجل الوصول إلى المرحلة الثالثة .والتي تحاول اسرائيل خطف فرحة اللقاء بهؤلاء الابطال من خلال الاخبار المتضاربة والتسريبات المتناقضة والمحاولات باستفزاز الجانب الامريكي الذي رعى هذا التفاهم ووهنا يبقى الأمل معقود من قبل كل أبناء شعبنا الفلسطيني بأن ينال جميع أسرانا حريتهم مهما تغطرست الحكومات الصهيونية ,وهذا يتطلب العض على النواجد وتحمل كل غطرسة العدو لأننا يجب أن نكون مقتنعون بأننا نفاوض عدو وليس صديق ,نفاوض محتل يعمل على اخراج كل أنجاز وطني من مضامينه ومن توابعه والتي تعمل القيادة على كسر المعايير التي تحاول حكومات اسرائيل ترويجها مثل محاولة الفصل بين ابناء شعبنا سواء أبناء غزة أو الضفة أو أبناء فلسطين التاريخية أو استخدام مصطلح الملطخة أيديهم بالدماء الصهيونية أو محاولة أبعادهم بعد سنوات الصمود والصبر هذه الى خارج الوطن او الى أماكن غير قراهم ومدنهم .
وهنا لابد أن يكون التزام كل من الادارة الامريكية والكيان الصهيوني بالتفاهمات هو مفتاح التعاطي مع المرحلة الراهنة وألا ماذا تعني الاتفاقات والتفاهمات مع دولة الاحتلال اذا لم يكن هناك التزام بالتنفيذ ؟والتمسك بتنفيذ هذه التفاهمات كمدخل للاستمرار بالتفاوض مع كل من الادارة الامريكية وحكومة الاحتلال وألا التوجه بشكل مباشر الى الامم المتحدة والمنظمات الدولية والعمل على الاحتكام للقانون الدولي ومؤسساته مع قضايانا العالقة مع الاحتلال. .
من أجل أن يكتمل حلم أسرانا الذين مضى على أسرهم زمن طويل ,وكان يجب أن يروا شمس الحرية منذ زمان ولكن مماطلة حكومات اسرائيل في اخراجهم هو من أبقاهم الى يومنا هذا ,أن المحاولات الصهيونية الاستفزازية والتي تعمل على توتير الساحة الداخلية الفلسطينية من أجل اعادة شعبنا الى مربع الفوضى والعمل على اظهار السلطة بصورة ضعيفة غير قادرة على ضبط الامور من أجل كسب ذرائع لتتمكن من تبرير محاولات التنصل من التفاهمات لن يكون أثر هذه الافعال ألا على مصداقية الادارة الامريكية والحكومة الصهيونية فزمن التضليل على العالم قد أنتهى ,ودليل هذا هي ازدياد العزلة بشتى أنواعها في اوروبا على اسرائيل ,وكل المواقف الدولية والعربية ,هي عوامل نجاح للقيادة سوف تكون رافعة ايجابية لكل الخطوات التي يجب ان تسير فيها من اجل جلب مواقف دولية تكون ملزمة للكيان الصهيوني بأنهاء احتلاله لدولة فلسطين واخراج كل أسرانا من سجونه لكي تحل قضيتنا التي تعتبر الاساس في جلب الاستقرار الى المنطقة

نبيل عبد الرؤوف البطراوي
عضو الأمانة العامة لشبكة الكتاب العرب
29/4/2014