نجد القيادة الفلسطينية تلوح بالمنظمات الدولية كخيار بديل عن فشل المفاوضات, وهذا هو الفشل بعينة, فهل يجب أن تكون خطط ومشاريع دولة فلسطين مبنية على ردود فعل, هل صراع بحجم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ينتظر موقف إسرائيلي معين ليقوم بما يلزم, هناك فشل كبير في وضع خطة استراتيجية للنضال السلمي الفلسطيني الذي لا يجب أن يتوقف ولو للحظة.
القيادة الفلسطينية -عندما اختارت التسوية السلمية للصراع مع الاحتلال- ألم تكن تعلم بأنها أصعب بكثير من المقاومة المسلحة, أم أنها اختارت هذا الطريق ولا تعلم ما متطلبات إنجاز مثل هذا الصراع بهذه الطريقة, لقد مرت أكثر من عشرون عاما على هذا النهج للسلطة وهي لا تعلم ماذا يجب عليها أن تفعل حيال المماطلة والتسويف الإسرائيلي, وهنا يثار تساؤل هل كان خيار التسوية السلمية خطأ وقعت به القيادة الفلسطينية, لا بد أن هذا الخيار يحتاج إلى تفسير وتوضيح كبير ومعرفة من هو الفاشل "الخيار السلمي" أم "من يقومون به".
المنهج السلمي في تسوية الصراع يمكن أن يحقق إنجازات لفلسطين فقد تفاجئنا في عام 2012 أن 138 دولة يؤيدون المطالب الفلسطينية بقوة, وصوتوا لفلسطين رغم الضغط الأمريكي, وهنا يمكن أن نراجع حساباتنا مع السلطة التي تجاهلت هذا التأييد الدولي فترات طويلة ولم تقوم بأي مشروع لاستغلال هذا التأييد, فأننا في عالم متشابك كل دولة تحتاج عدد كبير من الدول, والضغط الدولي يولد إنجازات لا مثيل لها, فلماذا لم تكن السلطة تعرف بذلك وتستغله أحسن استغلال, فهذا من ضمن متطلبات خيار التسوية السلمية التي انتهجته السلطة ولا تعرف ماذا يمكن أن تحقق من وراء هذا الخيار.
وللعلم كان هذا التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة نتيجة المراوغة الإسرائيلية مع استمرار الاعتداءات والتهويد والاستيطان, فلم يكن خيار مدروس مسبقا بل قد جاء كردة فعل على المماطلة الإسرائيلية, فإذا كانت ردة الفعل ناجحة بهذا الحد فماذا سوف نجني اذا قمنا بوضع خطط رسمية في هذا المجال, وماذا لو استغلت فلسطين التأييد الدولي بشكل جيد وجدي.
يمكن أن تستمر القيادة الفلسطينية بتوعية المجتمع الدولي أكثر وأكثر عن جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني, ويمكن أن تخصص جزء من ميزانيتها بهذا الخصوص, فقد حصلنا على تأييد 138 دولة دون تخطيط مسبق, فماذا يحدث لو قامت السلطة على مدار عشرون عام الفائتة بتعريف الدول والشعوب بحقوقنا وثوابتنا وتاريخنا وتعريفهم بالظلم الإسرائيلي والتهويد والاستيطان والقتل والحصار, بالتأكيد سينال الفلسطينيين أقصى درجات الدعم, والاهم من ذلك أن إسرائيل ستعلم جيداً بأن كل جريمة ستجنى من ورائها مقاطعة وتنديد كبير, وكل يوم تماطل به تزداد سمعتها سوء في العالم, وقتها يمكن أن تفكر بشكل جدي في التسوية مع الفلسطينيين.
فأن خير مثال على فشل السلطة في استغلال الخيار السلمي هو أن الجرائم الإسرائيلية تمر كل يوم دون أن يعلم بها المجتمع الدولي وشعوب العالم, فأن فضح جرائم الاحتلال لا يعتبر مقاومة مسلحة, وهو العمل المركزي والأساسي لخيار التسوية السلمية, فإذا كانت التسوية السلمية فاشلة في فضح جرائم الاحتلال فما هو الذي ستنجح في تحقيقه, فهنا نجد أن خيار التسوية السلمية رغم انه كان خيار سليم إلا أن من يقومون علية استخدموه للارتياح من المقاومة وليس للمقاومة بشكل سلمي.
نجد الفلسطينيين يستمرون في المطالبة بالثوابت بشكل ممل واعتيادي سئمنا من سماع هذه المطالب, كل يوم نسمع دولة عاصمتها القدس الشرقية على حدود 67, هل خياراتنا هي المطالبة فقط, ألا يوجد ما نقوم به, بالعكس يوجد الكثير ولكن من هو المستعد للقيام بذلك.
أذا لا بد من صحوه فكرية في متطلبات هذا الطريق الصعب, ويجب أن نحاسب من يعملون على هذا الخيار بشكل دوري, ونطلب منهم تقديم خططهم ومشاريعهم المستقبلية والسابقة في هذا المجال, فالأمر ليس بحاجة أن يكون سري, فيجب أن يعلم العالم اجمع أننا نسعى لفضح جرائم الاحتلال والحصول على التأييد الدولي للضغط على إسرائيل لإعطائنا حقوقنا.