اسدل ستار الذكرى 38 لإحياء (يوم الارض) الفلسطيني، مع ساعات مساء 30 مارس/اذار، والذي شهد فعاليات عدة شملت قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 48 ومخيمات الشتات واماكن مختلفة ، تميزت بمشاركة فصائلية كبيرة وحضور شعبي باهت .
ويقول البعض حين النظر قليلا الى الوراء لسنوات خلت "نجد ان احياء يوم الارض بالنسبة للفلسطينيين يعني المواجهة المباشرة مع الاحتلال ، والغضب الشعبي الكاسح ، وصور الشبان وهم يمسكون ( المقلاع ) ويلاحقون جنود الاحتلال من مكان لأخر ، حيث تعم الاضرابات كافة اماكن الوطن ولا يظهر الا العلم الفلسطيني والكوفية.. فهل مل الشعب الفلسطيني مناسباته الوطنية ام ان مفهوم احياء المناسبات الوطنية تغير ؟!
محمد المدني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، يرى ان يوم الارض في حد ذاته هو عنوان الوطن والانتماء له، ويقول " لقد جسد الشعب الفلسطيني هذا اليوم بكل قوة من خلال الفعاليات التي اقيمت في الضفة الغربية وقطاع غزة و48 ومخيمات الشتات وكافة اماكن تواجده ".
اختلاف شكلي..
ويضيف المدني في حديث لـ "وكالة قدس نت للأنباء "، "احياء يوم الارض لا يقاس في شكليات بسيطة هنا او هناك ، ولكن الفعاليات كبيرة في معناها ، كما انها تختلف بالحجم من موقع الى موقع ، ولكن الفكرة هي التمسك الراسخ بالوطن والجذور وهي الرسالة الاساسية، وفيها رسالة سياسية الى الاحتلال الاسرائيلي الذي يعترض العملية السلمية عبر ممارساته اللااخلاقية ورفضه الافراج عن الاسرى الفلسطينيين ".
ويوضح " يمكن ان يكون هناك اختلاف شكلي في احياء يوم الارض بالسابق والآن ، لكن في الجوهر هي واحدة ، وبالتالي احياء يوم الارض في السابق عندما كانت الثورة الفلسطينية في اوجها موجودة في لبنان وسوريا والخارج ، كانت المفاهيم تختلف عما عليه الوضع الآن ".
ويتابع " احياء يوم الارض الان يواكب العملية السياسية التي تراوح مكانها ، لكن العالم تغير وبدأ يختلف فالقضية الفلسطينية لها حضور دولي قوي وداعم ".
ويعتبر المدني الذي يترأس لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية ان القول " بوجود فجوة بين القيادة والشعب هو توصيف ليس دقيق ، وان الهموم والثقل كبير ويقع على عاتق القيادة الفلسطينية والشعب الذي يعاني من الاحتلال ، وبالتالي هناك من يفسره فجوة، وعلى الرغم من ذلك فإن التمسك في تحقيق امانينا باقي بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف ".
مفهوم حماس..
من ناحيته يعتبر صلاح البردويل القيادي في حركة حماس، ان" احياء ذكرى يوم الارض ، هو احتفال رمزي لتحرك شعبي فلسطيني موحد للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الهبة الصهيونية على الارض الفلسطينية ، ويجسد فيه وحدة الارض من خلال احياء هذه المناسبة الوطنية في كافة اماكن الوطن ووحدة الشعب وفصائله الوطنية من خلال مشاركتها ."
ويؤكد البردويل لـ "وكالة قدس نت للأنباء " ، ان "الهدف من وراء احياء يوم الارض هو اعادة مواجهة العدو الصهيوني ورفض التطبيع معه والتنازل والتفاوض "، ويقول "ان حماس شاركت في فعاليات اليوم وتشارك في ابعد من ذلك ، بدفع الدماء على مذبح الحرية للوطن ".
وعلى الرغم من اهمية هذه الفعاليات ورمزيها ، يوضح البردويل ان "حماس ترى انه لا بد من تطويرها الى برنامج وطني شامل يدفع باتجاه منع تصفية القضية الفلسطينية ، وجعل العدو الصهيوني هو العدو الاول للشعب الفلسطيني ، ورفض التعاطي مع الحلول التي تتضمن التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفض التنسيق الامني والتفاوض (..) هذا هو مفهوم حماس ليوم الارض ".
ويتابع " هناك وعي سياسي كبير لدى الشعب الآن ، فقد كان التحرك الشعبي في السابق يهدف الى التذكير بان القضية الفلسطينية مازالت باقية وان الارض غالية ، ثم تطور الحراك الشعبي الى ابعد من ذلك من خلال مواجهات مباشرة مع الاحتلال في انتفاضتين كبيرتين وحروب ومقاومة مسلحة ".
ويقول البردويل " اصبح هناك وعي جدي في نفس كل طفل وانسان فلسطيني ، فكل يوم يكون هناك حراك نفسي وشعبي، في كل المحكات على مواقع التواصل الاجتماعي ، المناسبات الوطنية ، المواجهات اليومية بالضفة او القطاع ، ومواجهة حصار الاحتلال (..)لا يجب جلد الشعب الفلسطيني".
اما تسير خالد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، فيقول بهذه المناسبة "ان احياء يوم الارض ، يكون في كل الكرة الارضية ، بدءا من الضفة الغربية وقطاع غزة وفلسطيني 48 الذين يعلنون اضرابا شاملا ، ومخيمات الشتات، والجاليات الفلسطينية وفي كثير من دول العالم ".
سبب الفجوة..
ويضيف خالد ، لـ "وكالة قدس نت للأنباء " ، " فعاليات احياء يوم الارض ستتواصل على مدار الاسبوع ويتم متابعة هذا الامر من خلال المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان ، وليس مقتصرا على فعالية واحدة ، ليوم واحد ، بل العديد من المحافظات ستشهد فعاليات على مدار الاسبوع ".
ويؤكد بالقول" انا واثق ان المواطنين الفلسطينيين سوف يحيون هذه المناسبة الوطنية بما تستحق من اهتمام ، لتحويل يوم الارض الى شيء يعطي فلسطين هويتها الحقيقية ، التي يحاول الاحتلال طمسها من خلال سياسية التطهير العرقي التي يمارسها وتهويده للأرض ".
ويستدرك بالقول " لا يوجد شك ان حجم المشاركة الشعبية مرتبط بمدى اقتراب القيادة الفلسطينية من نبض الشارع ، والسياسة التي تتبعها القيادة (..) بالتأكيد تؤثر على المشاركة الشعبية في هذه المناسبات الوطنية ، ويجب الاعتراف انه يوجد فجوة بين القيادة والشعب ، لكن لا اعتقد انها تمس بالثوابت او علاقة الفلسطيني بأرضه وهي علاقة عضوية لا انفصال فيها " .
ويعتبر تيسير خالد العضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ان" سبب الفجوة يعود الى اصرار القيادة على المفاوضات التي تستخدمها اسرائيل لإعطاء غطاء لسياستها الاستيطانية التوسعية وانتهاكها لكافة الحقوق الانسانية ."
الضعف واضح..
ويلفت الى انه منذ استئناف المفاوضات في شهر تموز من العام الماضي ، اعتقل الاحتلال 3 الاف فلسطيني بجانب سقوط 60 شهيد ، وتدمير المنازل وتهويد الارض بمصادرة الاف الدونمات ."
عبد الستار قاسم المحلل والمراقب السياسي الفلسطيني يختلف عن من سبقوه في الحديث بالقول "ان ما شهده اليوم من ضعف في فعاليات احياء يوم الارض ،يتناسب تماما مع حالة الضعف الوطني والتراجع الذي بدأ منذ ان جاءت السلطة الفلسطينية ومازال مستمرا ."
ويقول قاسم في حديث لـ "وكالة قدس نت للأنباء "،سبب الضعف واضح لان الناس اصابها احباطات كبيرة بحيث اخذو بالعزوف عن المشاركة في المناسبات الوطنية بسبب سياسة السلطة الفلسطينية ووجودها ".
ويوضح قاسم" غالبا ما تكون المناسبات الوطنية يشارك فيها قادة الفصائل الفلسطينية ، دون ان يكون معهم تجاوب جماهيري ، وهذه فيها رسالة للعدو الاسرائيلي (..) الشعب الفلسطيني في حالة مد وجذر وبإمكانه (الاسرائيلي) ان يصنع ما يراه مناسبا ، في ظل عدم وجود برامج فلسطينية من اجل احياء الانتماء الوطني وتقويته وبث الوعي في صفوف الشباب والشابات ".
ويضيف " للأسف الشديد وجود السلطة الفلسطينية الحق فينا اضرارا كبيرة ، فالمناسبات الوطنية باتت يقتصر احيائها على فعاليات ضعيفة دون حضور جماهيري "ويشير الى ان" الحل يكمن في التخلص من السلطة واحياء المقاومة بدلا منها وعلى راسها المقاومة المسلحة ."
ويرى المراقب السياسي، ان التخلص من السلطة يبعد عن الشعب الفلسطيني على الاقل "الانشغال في الضرائب والامور اليومية والعقلية الاستهلاكية وثقافة التسول والمساوئ الكثيرة التي تحظى بها ، والتي اثرت سلبا على المشاركات الشعبية في المناسبات الوطنية (..)ان اغلب الفصائل الفلسطينية للأسف باتت جزء من هذه السلطة "
واحيا الشعب الفلسطيني اليوم الأحد في قطاع غزة والضفة الغربية واراضي 48 والشتات، ذكرى يوم الأرض الـ 38 بفعاليات جماهيرية مختلفة، وكانت هذه الفعاليات كما يراها المراقبون اضعف مما شهدته الاعوام الماضية في هذه المناسبة التي تعود احداثها إلى ذكرى استشهاد ستة من فلسطينيتي 48 برصاص الاحتلال في 30 آذار/ مارس 1976 في مواجهات عنيفة ضد مصادرة الأراضي .
ففي ارضى 48، تجمع أكثر من ألف شخص في بلدة عرابة البطوف في الجليل للمشاركة في التظاهرة الرئيسية ليوم الأرض، وحمل معظمهم الأعلام الفلسطينية، فيما نظمت تظاهرة أخرى في قرية صواويل البدوية غير المعترف بها في صحراء النقب.
وفي القدس، تظاهر نحو 70 شخصا بالقرب من باب العامود في البلدة القديمة، بينما تم تفريق التظاهرة بعد قمعها من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.
وفي قطاع غزة، شارك مئات الفلسطينيين في تظاهرات عدة نظمتها فصائل مختلفة في القطاع، في مقدمتها حركة حماس، كما شارك عشرات من الشبان في مسيرة دعا إليها ائتلاف شباب الانتفاضة، وهو ائتلاف شبابي ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي ، فيما شهدت مناطق الضفة الغربية ومخيمات اللجوء سلسلة فعاليات اكدت على التمسك بالرجوع للأرض( العودة) ، ورفض كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" اعدت هذا التقرير عن فعاليات احياء ذكرى يوم الارض بمختلف المناطق.