خطر الفكر التكفيري على وحدة الأمة العربية والاسلاميه

بقلم: علي ابوحبله

يشهد عالمنا العربي والإسلامي نشاط غير مسبوق من الحركات الاسلاميه والاصوليه المتشددة ، وان نشاطات تلك الحركات يتمحور في إشاعة التعصب والتشدد الذي يقود لإشاعة الفكر التكفيري بمخالفه صريحة للنصوص ألقرانيه وألسنه النبوي ، الحركة الاصوليه بالفكر المتنوع وبالاجتهادات التي لا تستند لدليل تكفر المسلمين وتعمل على ضرب وحدة المسلمين بعضهم ببعض وان في هذا التفكير تشويه لصورة الإسلام الحقيقية ، السؤال الذي يجب الوقوف عنده هو ، من أين تستمد الحركات الاصوليه المتشددة هذا الفكر التكفيري ، وما هي حججهم وسندها من الأحكام الشرعية وكيفية قدرتهم على إقناع الناس بهذا التفكير وبالتالي كيفية قدرتهم للإقناع لهذا البعض للقيام بعمليات إرهابيه تستهدف قتل المسلمين ، وهل في القران الكريم ما يؤيد أعمالهم ويتوافق وفكرهم ، ومن جعلهم خلائف الله في الأرض وما هي الجهة التي تمدهم بالمال والسلاح ، وحقيقة القول أن التعارض مع أفكارهم محفوف بالمخاطر ، إن حقيقة التمعن في القران الكريم هو الرد الحقيقي على أصحاب الفكر التكفيري وخروج هؤلاء عن الوسطية وعن ما يدعونا إليه ديننا الكريم من تسامح وتعاضد وتكافل ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون في توادهم وترحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الجسد بالسهر والحمى ، وان الله سبحانه وتعلى حض المؤمنين على التقوى فقال ( يا أيها الناس اتقوا ربكم ، واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ، إن وعد الله حق ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولا يغرنكم بالله الغرور ، وفيما روي عن الإمام احمد والبخاري رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، ويتقارب الزمان ، وتكثر الزلازل ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج قيل الهرج أي : ما هو يا رسول الله قال : القتل القتل ) تصوروا حقيقة ما يجري في عالمنا العربي والإسلامي اليوم وكيف القتل على أيدي المسلمين بعضهم ببعض وتكفيرهم بعضهم ببعض بفكر تكفيري لا يمت للدين بصله ، إن هؤلاء بفعلتهم كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ولا يزالون يقاتلوكم حتى يردوكم عن دينكم ) هؤلاء العابثين المتطرفين في منزلق الفكر الغريب العجيب والثقافة العجيبة إنما بأفكارهم وأفعالهم هذه يدمرون المجتمع ويقضون على وحدة ألامه التي دعانا الله لضرورة وحدتها وتماسكها ، إن حرب العراق وسوريا ولبنان والصومال وأفغانستان إنما هي حرب أريد منها دمار ألامه وهدم بنيانها ووحدتها وهي ليست من الإسلام وتعاليمه ولا تمت للدين بصله ، لا بد من أن نبين خطورة الإقدام على تكفير المسلم من دون بينة ظاهرة تدل على كفره ، وما يترتب على ذلك من مزالق عقائديه لا يحمد عقباها ، وإذا كان عدم تكفير الكافر الظاهر كفره هو خطأ ومنزلق عقديا لا تحمد عقباه ، فان الخطأ في تكفير المسلم اشد خطرا على صاحبه من الخطأ في عدم تكفير الكافر ، وذلك من أوجه منها :- أن تكفير المسلم يتضمن تكذيب الله ورسوله ورد النصوص الشرعية من الكتاب وألسنه وذلك أن الشارع الحكيم يصف ذاك المسلم بصفة الإسلام ، ويحكم له ما للمسلمين من حرمه وحقوق ، ويأبى المكفر له إلا أن يصفه بالكفر ويحكم عليه بالخروج من دائرة الإسلام ، وهو بذلك مثله من يرد حكم الله تعالى فيحرم ما أحل الله ويحلل ما حرم الله ، انتصارا لهواه ونفسه وهذا لا شك فيه انه كفر ومنها تكفير المسلم ورميه بالكفر والإلحاد ونحو ذلك ، إن تكفير المسلم ورميه بالكفر كقتله لما يترتب على التكفير من تبعات جسام ، وهدر لجميع حرماته وحقوقه التي صانها وحفظها له الإسلام ،النصوص الشرعية نصت على تكفير من كفر مسلما ، وان تكفير المسلم كقتله ، كما في صحيح مسلم وغيره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها احدهما ، وفي سورة النساء الايه 94 " يا أيها الذين امنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا " وهناك الكثير من الادله في الكتاب وألسنه قد دلت على خطورة ومنع إطلاق التكفير على المسلمين من غير بينه ، قال الله عز وجل ، قال ابن جرير في تفسيره ، يقول إذا سرتم مسيرا في جهاد أعدائكم فتبينوا يقول : فتأنوا في قتل من اشكل عليكم أمره فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره ولا تعجلوا فتقتلوا من التبس عليكم أمره ولا تتقدموا على قتل احد إلا على قتل من علمتموه يقينا حربا لكم ولله ولرسوله ، وإذا ضربتم في سبيل الله " يا أيها الذين صدقوا الله وصدقوا رسوله فيما جاءهم به من عند ربهم : يا أيها الذين امنوا يعني جل ثناؤه بقوله " قال الحافظ ابن حجر : وفي الايه دليل على أن من اظهر شيئا من علامات الإسلام لم يحل دمه حتى يختبر أمره لان السلام تحية المسلمين وكانت تحيتهم في الجاهلية بخلاف ذلك فكانت هذه علامة ، والأصل في دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم الحرمة من بعضهم على بعض ، لا تحل إلا بإذن الله ورسوله قال صلى الله عليه وسلم " إن دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا " وقال صلى الله عليه وسلم " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ، وقال صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فهو المسلم له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته ، وبعد فان أولئك الذين ينتهكون حرمة الإسلام ويكفرون المسلمين ويحللون استباحة دم المسلمين ، وان هذه الجرائم المرتكبة بحق المسلمين تحت بند التكفير فان من يقومون بها ويرتكبون جرائمهم يتحملون وزر أعمالهم وهم في هذا إنما يخالفون أوامر ونواهي الله تعلى وقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فالأحاديث بينه وواضحة الأول منها عن أبي قلابه أن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال وليس على ابن ادم نذر فيما لا يملك ومن قتل نفسه نشئ في الدنيا عذب به يوم ألقيامه ومن لعن مؤمنا فهو كقتله ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله ، وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها احدهما إن كان كما قال وإلا " رجعت عليه " وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ، لنتمعن في آيات الله وفي حديث نبيه ولنتيقن أن ما يعم عالمنا العربي والإسلامي هو بحق فسوق وفجر وان قتال المسلمين بعضهم ببعض هو كفر ، لنتعظ ولنبتعد عن ما يسئ لمجتمعنا العربي والإسلامي ولنعلم أن خطر الفكر التكفيري هو خطر يتهدد وحدة المجتمع الإسلامي وان أولئك الذين نصبوا من أنفسهم ولاة وسلاطين ليكفروا هذا ويكفروا مجتمعات بعينها ويهدفون من وراء ما يهدفون لتحقيقه لاقتتال المسلمين بعضهم ببعض إنما بأعمالهم وأفعالهم يهدرون دم المسلمين ويستبيحون حرماتهم وهم بهذا يرتكبون جرائم تمس بحرمة ودماء المسلمين والى هؤلاء جميعا نقول اتقوا الله وعودوا عن ما انتم عليه لعل وعسى أن يتوب الله عليكم ويغفر لكم إن الله غفور رحيم