الأسير الشهيد ميسرة أبو حمدية، وهل يكفي البكاء أو الرثاء أو كثير من الوقفات الاحتجاجية والمقالات المؤثرة . لقد استشهد المريض، الأسير، البطل، ميسرة، وانتقل الخبر من وكالة إخبارية إلى أخرى إلى قناة فضائية إلى أخرى، وكان الغضب سيد الموقف، ولكن وماذا بعد ..؟!
وقبل الرحيل كان مكبلاً بالقيود الفولاذية وعنجهية الاحتلال الظالم المجرم، لقد كان وفيا ووفيا ومخلصا في كل أقواله وأفعاله وتصميمه على الصمود حتى الشهادة .
في اللحظات الأولى لسماعي خير استشهاده صرخت: " مطلوب منا ان ننصب بعد قليل خيمة كبيرة وتحمل كل ألوان الفصائل ويتنافس الحضور في الخطابة والأشعار وبعض الرثاء وكثير من التزاحم حول أولوية الكلمات .. وسنطبع الصور الكبيرة والكلمات الرنانة، لتذكرنا بتاريخ الاعتقال وتاريخ الاستشهاد .. ونغيب في آخر المشهد ونتذكر الباقين الذين ينتظرون .. العشرات من المرضى في المعتقلات الاسرائيلية، وكثير منهم يعاني من كثير من الأمراض مجتمعة، فإلى متى .. حتى يلتحقوا بميسرة وجرادات شهداء ..؟!
ميسرة أبو حمدية .. حين يطرق جدران الصمت .. يستشهد حاملا الرسالة الخالدة .. رسالة أن الإهمال الطبي " مستمر، كما المعاناة مستمرة، كما الاعتقال مستمر ..؟!
ميسرة المعتقل .. مسيرة الشهيد .. كان هناك مكبلاً منذ 2002 وينقله الاحتلال بين الزنازين صامدا صلبا شجاعا شامخا .. لقد آمن بالثورة منذ انطلاقتها فانخرط في صفوفها فدائيا في عام انطلاقتها الثالث واستمر نضاله واعتقاله حتى تم إبعاده إلى الأردن في نهاية السبعينيات ، ومع اندلاع حرب إسرائيل ضد الوجود الفلسطيني في لبنان فقد انضم صفوف الفدائيين دفاعا عن الوجود الفلسطيني والأرض العربية اللبنانية فكان مقاتلا في كتيبة الجرمق الكتيبة الطلابية و كانت بقيادة المناضل معين الطاهر .. ولأنه ابن الثورة ابن النضال ابن الحق ابن الانتفاضة بدء العمل مع مكتب الشهيد أبو جهاد في الأردن منذ العام 1979 و من ثم مكتب الانتفاضة منذ العام 1988، ذلك ابريل الذي استشهد فيه القائد البطل أمير الشهداء أبو جهاد خليل الوزير و استشهد فيه ميسرة .. وتستمر الثورة وتستمر قوافل الشهداء، ويصمت العالم متفرجا بل منحازا للظلم وللعدو وللاحتلال ويستمر الاعتقال ..ليستمر الاعتقال لميسرة ويستمر التعذيب وليبدأ المرض في نهش جسده فأصابته قرحة في المعدة و ارتفاع ضغط الدم و ورم في منطقة الرقبة و تضخم في الغدة الدرقية و تدهورت حالته الصحية و نقل عدة مرات لمستشفى سجن الرملة مصابا بمرض السرطان ،وتعرض لإهمال طبي متعمد من قبل إدارة السجون ونقل على إثرها الى العناية المركزة حتى لقي ربه شهيدا صباح اليوم الثلاثاء 2/4/2013 بعد 11 عاما من الاعتقال في معتقلات القتل البطيء الاحتلالية ..
اليوم في ذكراه الأولى يكتب رسالته واضحة للعالم ولكل من يدعون الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان : "معتقلينا يموتون .. معتقلينا يعانون من ظلم الاحتلال .. معتقلينا يخرجون للحياة حاملين الأمراض المزمنة القاتلة والتي تعيقهم عن ممارسة حياتهم الطبيعية.. ماذا نقول لأبنائه الثلاثة ولزوجته ولأهله .. ماذا سنقدم لهم دفاعا عن روحه .. ماذا الذي يتوجب علينا عمله لكي ننقذ أسرانا من براثن المحتل وجبروته وقبضته .. لقد رحل الفارس الفلسطيني الجسور الشهيد ميسرة أبو حمدية وهو في أوائل الستينيات .. كبير القلب باقٍ فينا .
ملاحظة : المقال ورد في المجلة الخاصة التي أصدرها نادي الأسير الفلسطيني، ويشرف على إعدادها الأسير المحرر خالد صالح (عز الدين)المنفي بالجزائر، الذي يشرف أيضا على إصدار مجلة " صوت الأسرى" الفصلية في الجزائر وأطلق عليها عنوان " ميسرة يرث العالم شهيدا" وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، وتم توزيع هذا العدد في حفل التأبين الذي أقيم للشهيد بمدينة الخليل في الضفة الغربية بتاريخ 2/4/2014 .