ملهاة اسمها السلام..

بقلم: يوسف الكويليت

جميع الأحداث العربية من انقلابات وحروب منشؤها القضية الفلسطينية، لأن الوعي العربي المبكر عاشها وتفاعل معها وأصبحت جرحاً في الضمير العام، والدليل أنها لا تغيب أو تنتهي حتى بوجود أزمات كبرى..

الحالة الراهنة في عملية السلام مهمة معقدة مع الفلسطينيين وفسحة كبيرة لإسرائيل يوجزها الواقع أنها لا تريد السلام، وعمليات الدفع من أمريكا نوع من المناورة التي تحذر العرب، ولا تضر بإسرائيل، ولم يكن شيئاً مستنكراً أن نرى كل رئيس أمريكي يحل بديلاً عن آخر، أن يختار من فريق عمله عناصر صهيونية، ويضاعف المساعدات المالية والعسكرية، ولذلك من الغباء أن نقبل المعادلة المتكررة بأن السلام مقابل السلام في وقت بدأت رقعة الأرض الفلسطينية تتقلص لصالح التمدد الإسرائيلي لتنتهي الحكاية بالاتفاق على حدود دولة للفلسطينيين وفق ما يتداوله العرب على رقعة 1967م..

القوانين لا تحمي الضعفاء، وهذه حقيقة ثابتة في النزاعات الدولية، وإسرائيل في المحيط العربي قوة نووية وتقليدية عسكرية، وخلفها حماية القوة الأمريكية، ولذلك من العبث الاعتقاد أن أمريكا ستضغط على إسرائيل في أي حوار حول هذه القضية، والمباحثات الجديدة، حداثتها في الأشخاص لا في الطروحات إذ نفس الكلمات والأفكار التي بدأت منذ أول لقاء عربي - إسرائيلي، وبرعايات مختلفة بريطانية وفرنسية، ثم أمريكية لازالت تشكل جدول عمل أي اجتماع بين طرفي القضية، حتى إن شروط إخراج سجناء انتهت محكومياتهم منذ سنوات، طرحت إسرائيل في المباحثات القائمة إطلاق سراح جاسوسها «بولارد» وهو الأمر الذي ليس للفلسطينيين أي علاقة بهذه الحالة، لكنهم يجيدون إدارة اللعبة وفرض شروطهم في انتزاع مكسب ما من الفلسطينيين أو الحليف الأكبر..

الفلسطينيون بدون قوة سياسية أو عسكرية واقتصادية بعكس إسرائيل، ومن العبث تصور سلام لا ترغب أمريكا أن تكون الفاعل والمقرر، لأن الموانع الثاتبة تغذي الإحساس العام بتمييع هذه القضية بعوامل الزمن الطويل وهي السياسة التي لم تتغير طالما الثوابت قائمة لدرجة أن التنازلات التي أعطاها المفاوض الفلسطيني زادت من تعنت إسرائيل بانتزاع مكاسب في أي رحلة حوار أو لقاء يسمى عبثاً وضع إطار للسلام لتضاف للأخرى السابقة..

العامل الآخر والمهم أن التفرد الأمريكي في إدارة الصراع العالمي ومنه القضية الفلسطينية لا يوحي بأي تغيير قادم لأن الخدعة مستمرة والأسلوب في الحوار يدار من طرف واحد هو من يقرر النتيجة، وعلى مدار السنوات الطويلة باتت مجرد ملهاة بين طرفين لا يتفقان رغم لقاءاتهما المتعددة..

هذا التعامل اللامتكافئ هل يقود إلى نهايات منطقية أم تستمر الدورة السياسية العبثية قائمة بحيث تتغير الشخصيات لكن المسرحية بنصها ثابتة، والفلسطيني معذور حين يقول الحقيقة التي تُسمع ولكنها تُرفض، ولا يستطيع الانسحاب من موقف مكرهين على حضوره، والخصم قوي مدعوم بقوة عظمى، والسلسلة طويلة بجدل لن ينتهي بين خصمين الخيار فيه يبقى أمريكياً، ولكنه من يستعمل المصطلح العربي في الممانعة وعدم زحزحة المواقف إلا بخسارة الطرف الأضعف؟!