أوصى مشاركون في اليوم الدراسي الذي عقدته وزارة الأوقاف والشئون الدينية بالتعاون مع جمعية أصدقاء الصحة النفسية في معهد الأمل للأيتام بعنوان "الصحة النفسية في الشريعة الإسلامية" بضرورة بذل الباحثين والمهتمين المزيد من الجهد في التعامل مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لمعرفة وفهم الدلالات العميقة في علم الصحة النفسية, والاهتمام بتطبيقات السنة النبوية لأولياء الأمور والمؤسسات التربوية والثقافية, إلى جانب توسيع الدعاة والوعاظ لمعارفهم في مجال علوم الصحة النفسية وذلك من أجل تقديم خطاب دعوي أمثل.
جاء ذلك بحضور ومشاركة وزير الأوقاف بغزة إسماعيل رضوان والنائب في المجلس التشريعي سالم سلامة, ووكيل الوزارة حسن الصيفي ورئيس جمعية أصدقاء الصحة النفسية جميل الطهراوي ومستشار الوزير وليد عويضة إلى جانب حشد من العلماء والدعاة وأساتذة الجامعات من والشخصيات الاعتبارية.
ودعا المشاركون إلى ضرورة تخويل النيابة العامة الصلاحية في الإشراف على إجراءات الجهات الإدارية المختصة في حال تواجد المريض في إحدى مؤسسات العلاج العقلي أو النفسي سواء كان تواجد المريض إرادياً أو إلزامياً, والعمل على إظهار التراث النفسي الإنساني خاصة في العصور الإسلامية الأولى وإبراز دور علماء الأمة والمؤسسات النفسية والصحية التي تم إنشاؤها, ومطالبة المؤسسات الحكومية والأهلية لبذل المزيد من العناية بالطب النفسي وإعطائه الأهمية القصوى وذلك من أجل المحافظة على الإنسان.
وفي كلمته أوضح رضوان أن وزارته تسعى في هذا اليوم الدراسي إلى تبيان مدى اهتمام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في الصحة الوقائية والعلاجية من خلال مناقشة العديد من الأبحاث المقدمة لبيان سماحة الشريعة الإسلامية في هذا الجانب, منوهًا إلى أن القرآن تضمن العديد من الإشارات التي تهتم الصحة النفسية وتبرز أهميتها في حياة الفرد والمجتمع.
وقال :" يأتي هذا اليوم الدراسي في ظل ازدياد الضغوط التي تمارس على شعبنا الفلسطيني خاصة في ظل الحصار الخانق والمفروض على القطاع بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الصعبة بفعل هذا الحصار"
وأشار وزير الأوقاف إلى إن دعوة الإسلام في جوهرها هي رحمة وهداية وسعادة للبشرية، وعلاج لأدواء القلق والاضطرابات التي تُنغص على الإنسان حياته، وحول هذا المعنى أعلن القرآن الكريم للبشرية حقيقة هذه الرسالة مستشهدًا بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}.
كما وبين رضوان أن تعزيز الصلة بالله سبحانه وتعالى أمر أساسي في بناء المسلم في المراحل الأولى من عمره حتى تكون حياته خالية من القلق والاضطرابات النفسية, مشيرًا إلى أن الإيمان بالله يشيع في القلب الطمأنينة والثبات والاتزان ويقي المسلم من عوامل القلق والخوف والاضطراب.
واستطرد:" :يربي الإسلام في المؤمن روح الصبر عند البلاء، وذلك عندما يتذكر قوله تعالى :{ وَالصَّابِرِين فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}. وكذلك عندما يعلم أن في المصائب تكفير للذنوب، وهذا هو معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كُلَه خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن إن أصابته سراءُ شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراءُ صبر فكان خيرًا له)".
وحث وزير الأوقاف المؤمن على التفاؤل وعدم اليأس, ويطمئن الله المؤمنين بأنه دائماً معهم, إذا سألوه فإنه قريب منهم ويجيبهم إذا دعوه, إلى جانب التسلح بذكر الله تعالى, موضحًا أن الذكر اتصال بمصدر القوة الحقيقية.
وكعادته لم ينسى وزير الأوقاف ما يتعرض له المسجد الأقصى من مؤامرات, مشيراً أن هناك تحضيرات من قبل قطعان المستوطنين لاقتحام الأقصى, محذرًا الاحتلال من المساس بالأقصى, مشيراً إلى أن ما يقوم به الاحتلال بحق المقدسات ينذر بإشعال حرب دينية في المنطقة.
ودعا رضوان أبناء شعبنا إلى الرباط في المسجد الأقصى والدفاع عنه, وطالب الأمتين العربية والإسلامية إلى ضرورة اتخاذ مواقف حازمة للدفاع عن الأقصى, ودعا الخطباء إلى تخصيص يوم الجمعة القادم للحديث عن القدس والأقصى والتحذير من المخاطر المحدقة بالقدس.
وفي نهاية كلمته قدم وزير الأوقاف شكره وتقديره لكل من ساهم في نجاح هذه اليوم الدراسي سائلاً المولى عز وجل أن يساهم هذا اليوم في علاج هذه المشكلة.
بدوره أوضح الطهراوي أن هذا اليوم يأتي كثمرة للتواصل الايجابي مع وزارة الأوقاف والشئون الدينية لتنفيذ العديد من الفعاليات لنشر وتعزيز ثقافة الصحة النفسية التي لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.
وبين أن جمعية أصدقاء الصحة النفسية تركز جل اهتمامها على فئة المرضى النفسيين المهمشين في المجتمع, وتعمل على تمكينهم والدفاع عنهم في المحافل المختلفة والمطالبة بحقوقهم, مشددًا في الوقت ذاته على أهمية وجود الدعاة والوعاظ في هذا الجانب لأنه يمثل دعم كبير لعمل الجمعية من خلال تقديم مشكلاتهم وتعزيز ونشر ثقافة الصحة النفسية.
هذا وثمن ترحيب وزارة الأوقاف ممثلة بوزيرها إسماعيل رضوان في التعامل البناء مع الجمعية في شتى المجالات, واصلاً شكره وتقديره لكل من ساهم في إنجاح هذا اليوم.
وترأس الجلسة الأولى مستشار وزير الأوقاف د. وليد عويضة والتي استعرضت عدداً من الأبحاث وأوراق العمل منها ما قدمه أ. محمد الزير والتي عرض خلالها بحثًا بعنوان :"الوضع النفسي الراهن للشعب الفلسطيني في ظل الحصار, أما بحث أ. د. عبد السلام اللوح قدمه للتعرف على الصحة النفسية في القرآن, ورمت دراسة حسن الصيفي إلى التعرف على الصحة النفسية في السنة النبوية.
وترأس الجلسة الثانية وكيل وزارة الأوقاف حسن الصيفي, واستعرض خلالها محمود الدعمة دور الداعية المسلم في الصحة النفسية, وقدم صادق قنديل خلال بحثه أحكام المريض النفسي, كما واستعرض عمر نوفل حقوق المريض النفسي في الشريعة, وبين مازن نور الدين حقوق المريض النفسي في القانون.
