كثيرا الذين يشاركون أهالي الأسرى اعتصاماتهم أمام الصليب الأحمر وإعلان تضامنهم معهم ويهتفون بصوت هافت لحرية الأسرى وبخجل واضح ليس إلا، والتزاحم على حمل صور الأسرى والتقاط الصور التذكارية وسرعان ما يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيرا ما نسمع عن المؤسسات واللجان الفاعلة اتجاه قضية الأسرى ودورها على أرض الواقع لتعزيز الالتفاف الشعبي حول قضية الأسرى واهتمامها المحصور على نشر الخبر لإثبات الذات وأغلبها تنشط في المناسبات الموسمية، وكثيرا ما نسمع بين الحين والأخرى التصريحات الصحفية التقليدية للساسة والقادة عن الأسرى وتضحياتهم والمطالبات بالإفراج عنهم ، وكثيرا ما نرى صفحات الأخبار والمواقع الالكترونية تخصص عمود خاص لنشر أخبار الأسرى، والدعوات تتواصل للوقوف بجانبهم ووقف معاناتهم، كلها أدوار مقبولة ولكن لا ترتقي بمستوى معاناة وتضحيات الأسرى، كما أن القليل منهم لم يذكر الأسرى في قلب قضية الوطن، بل أن الوطن مختزل في الشعارات الحزبية وتناسى الكثيرين بأن الأسرى العنوان الأكبر لحرية الوطن، فهل يدرك الجميع أن حرية الأسرى من حرية الوطن، وهل يدرك الجميع عندما نذكر الأسرى حيث الزنازين التي لا يُرى فيها الشمس، وضوء كهربائي ساطع ليل نهار، وإقدام السجانين تزيد قسوة الأيام وصرير الأبواب الحديدية وأنين السجناء تحت وطأة التغيب حد الموت، والشعور القاتل بالوحدة، والأمل المبعثر في أروقة ظلام الغد الذي لربما لا يأتي سريعا.
في الحقيقة هناك تساؤلات كثيرة تطرح نفسها وتحتاج لإجابات مكتوبة بدماء أهل المعاناة الحقيقيين، وهل لدينا الجرأة والشجاعة لامتلاك الشعور والأحاسيس بالمعاناة الكبيرة لأمهات الأسرى وزوجاتهم وانتظارهم السنوات تلو السنوات لاحتضان أبنائهم، هل بالفعل ستبقي قضية الأسرى قضية مصيرية وجزء أساسي من الحل السياسي وتطرح بقوة على الطاولة السياسية بدون مساومة على حقوقهم وخاصة بعد التهرب الاسرائيلي من التزاماته وعدم الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى ما قبل أوسلو ، فهل يمكن أن يتم استثمار الاعتراف بدولة فلسطين في الامم المتحدة باتخاذ قرار الانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع على اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، من أجل الاعتراف بأن جميع الأسرى والأسيرات الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي هم أسرى حرب وأسرى دولة وتسري عليهم تلك الاتفاقيات، هل حقا تستطيع القيادة إدراج مشروع قرار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بالتوجه إلى محكمة لاهاي الدولية واستصدار فتوى حول المكانة القانونية للأسرى بصفتهم أسرى حرب وفق القانون الدولي الإنساني.
باعتقادي أن الوفاء لقضية أسرى الحرية ودعم صمودهم يتطلب من الجميع مؤسسات رسمية وشعبية وحقوقية الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم بأن تشكل قضية الأسرى دوماً قضية إجماع وطني، وأن تحتل أولوية عليا في برنامج عمل القيادة الفلسطينية، وأن يكون الهدف المركزي هو تحرير الأسرى، كون قضية حريتهم تشكل عموداً أساسيا في المسيرة التحررية لشعبنا، وأن يشكل خطابنا الرسمي قوة وفعالية نحو قضية الأسرى بأنها قضية كل مواطن فلسطيني دون ربطها بتقدم العملية السلمية، وعلى الدبلوماسية الفلسطينية ان تبتكر خطوات دولية لدعم تلك القضية الحاضرة الغائبة في وجدانهم، فالمطلوب اليوم الكثير من أجل الأسرى ليس سوى الأسرى للوقوف معهم وطرق كل أبواب العالم من أجل نيل حريتهم، يجب أن نشعر كفلسطينيين أن للوطن للقضية تتمثل في الأسرى العنوان الأكبر لحرية الوطن، فبدون حرية الأسرى سنبقي أسرى في الوطن.
بقلم / رمزي النجار
[email protected]