بعناوين متعددة وبأشكال مختلفة ومتنوعة للتعبير عن معاناة إخواننا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني وبجهود متواصلة ومضنية لفئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله. الهم الفلسطيني كبير ومتشعب. هم الوقوع في احتلال تسخر له القوى المتجبرة في العالم كامل إمكاناتها السياسية والعسكرية والدبلوماسية لكي يبقى جاثما على الأرض وفوق الرقاب وهم المعاناة والمأساة اليومية في ظل استغلال بشع للثروات الوطنية الفلسطينية يضاف إليها هم الانقسام الفلسطيني وتنازع رهانات ومصالح خارجية على حساب حقه التاريخي المشروع في الاستقلال وإقامة الدولة. فمن يهتم بالأسرى في ظل الراهن الفلسطيني الذي طغت فيه الصراعات السياسية الداخلية على روح المقاومة وإرادة التحرر. لم يعد الأسير رقما مهما في المعادلة السياسية الجديدة إذ بحكم وجوده تحت الأغلال لم يعد صوتا انتخابيا ولا طرفا في اللعبة السياسية ولا يمكنه أن يكون منافسا في أية انتخابات. لكن هو أكبر من كل هذا فهو يمثل أجمل صور مقاومة المحتل الغاصب ويري العالم ما وصل إليه الكيان الاسرائيلي من إبداع في التعذيب والإذلال وسلب للحريات ومنع للتواصل مع النسيج الاجتماعي الفلسطيني الحقيقي الذي يحل اللحمة الفلسطينية.
نحاول منذ مدة رفقة ثلة من الزملاء الإعلاميين الجزائريين وبقيادة المايسترو خالد صالح (عزالدين) أن نقوم بأضعف الإيمان، أن نشارك إخواننا الأسرى الفلسطينيين أنينهم وآهاتهم وآمالهم في الخلاص من الأغلال التي ظلت عليها لعشرات السنين. نقف متعاطفين مع أهاليهم وذويهم ونشاركهم آلامهم وشوق كل واحدة من عائلاتهم لرؤية عزيز غيبته غياهب السجون والمعتقلات. لكن أكثر من هذا نرفع رؤوسنا شامخة وكلنا فخر واعتزاز ببطولاتهم ونثني كل يوم على صبرهم. ذلكم الصبر على التغييب ومحاولات الطمس والتعتيم نحاول مقابلته بقبس من نور يعم العالم عبر ما أوتيت به أقلامنا من طاقة وحبر نسكبه لتبقى قضية الأسرى حية في الأذهان وتوقظ مضاجع المجرمين في جميع أنحاء العالم.
حربنا اليوم معهم ليست حرب بنادق وصواريخ وقذائف إنما هي حرب إعلام بامتياز فليس هناك ما ينهك قوى العدو أكبر من إعلام يعرف كيف يختار أهدافه وكيف ينتشر على الأرض والطريقة المثلى التي يستغل بها أفضل ما جادت به التكنولوجيا الإعلامية من أساليب للتواصل المباشر عبر كافة أنحاء العالم.
لم تعد الصحافة المكتوبة اليوم إلا وسيلة لتوثيق الأحداث وتدوين الوقائع والمواقف أمام تنامي استغلال الفضاء والطرق السريعة للانترنيت. وتتيح مواقع التواصل الاجتماعي كالفايس بوك والتويتر واليوتيوب اليوم منافذ هامة لفضح الاحتلال ففضلا عن كونها أكثر متابعة من الصحف والمجلات فهي تفتح الباب لكل فرد في أن تكون مصورته وهاتفه النقال وسيلة لنقل ما لا يمكن أن تنقله أكبر وسائل الإعلام الكلاسيكية. ماذا لو أنشئت صفحات على الفايس بوك وعلى التويتر وغيرهما باسم كل أسير فلسطيني تكون بوابة له للتعبير عن همومه وتطلعاته وآرائه في الغد الفلسطيني والمشاركة من خلالها في الحياة الفلسطينية عن طريق نقل أخباره وما يتعرض لهم ضغوط وتعذيب وممارسات وحشية.
نريد أن نقتسم مع العالم أجمع ومع المنظمات والدولية هموم الأسير في كل يوم. نريد أن نصم آذانهم في كل صباح وننشر على صفحاتهم وبواباتهم ومدوناتهم أخبار أسرانا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. لم يعد التعبير اليوم حكرا على الإعلاميين المحترفين ولم يعد للإعلاميين اليوم من دور إلا تأطير هذا الدور وتوجيهه واختيار أهداف رصاصاته. وليس هناك أدنى شك في أن الشباب الفلسطيني قادر على الاضطلاع بهذه الانتفاضة الإعلامية المباركة. ولا أظن أن الشباب الجزائري الذي يحمل في دمه قيم الحرية والانعتاق سينأى بنفسه عن مثل هذه المعارك.
احسن خلاص.
مدير تحرير صحيفة الجزائر