صدر حديثًا للاستاذ الدكتور يونس مرشد عمرو رئيس جامعة القدس المفتوحة، كتاب جديد بعنوان: "ابن جبيرول اليهودي الأندلسي... وأثر الفكر العربي في مؤلفاته"، ويقع الكتاب في 368 صفحة من القطع المتوسط، في عشرة فصول، وخاتمة وصدر عن دار أسامة للتوزيع والنشر في العاصمة الأردنية عمان 2014.

وكثيرون هم الذين يتكبدون الجهد والمشقة في أبحاث دون أن يصلوا إلى نتائج دقيقة مفيدة تخلد ذكرهم أو ترفع من شأنهم، وقليلون هم الباحثون الذين أخذوا على عاتقهم خوض غمار البحث العلمي الدقيق باختيارهم الموضوعات المهمة واتباعهم المنهجية البحثية الدقيقة، وما الأستاذ الدكتور يونس عمرو إلا واحداً من هؤلاء، فقد آل على نفسه ألا يكون أديبًا وباحثًا في اللغة العربية وآدابها وحسب، وإنما كان عالمًا وباحثًا وناقدًا جادًا وأديبًا مثقفًا، وبحثه هذا لم يكن الأول ولا الأخير رغم أهميته ومكانته التي تنبع من كون صاحبه قد أدخل نفسه في معترك الحديث عن شخصية شاملة كاملة ألمت بالمعرفة والفلسفة والأدب والدين والشعر وعلوم ما وراء الطبيعة والنفس الإنسانية، وما خلفه من مؤلفات وأشعار إلا شاهد صدق على ذلك رغم الغموض الذي اكتنف صاحبها، ألا وهو سليمان بن جبيرول الشاعر والأديب واللغوي والفيلسوف اليهودي الذي ولد وعاش وتوفي في الأندلس وقد فرض على نفسه العزلة والاختلاء والاعتكاف بنفسه عن الناس، ورغم ذلك تمكن بعلمه وأدبه وشعره وفلسفته أن يوجد له مكاناً في كل الأوساط حتى العالمية منه، حتى جسد من خلال ما ترك أثر الفكر العربي على الثقافة العبرية وخاصة في الأندلس ما يعتبر دليلًا ناصعًا على فضل اللغة العربية وعلومها على التراث العبري الذي ما كان ليبقى ويحفظ من الاندثار لولا فضل العرب والعربية على اليهود وثقافتهم،

 فقد استطاع الاستاذ الدكتور يونس عمرو من خلال كتابه هذا أن يبرز هذا الدور في مختلف مجالات الأدب والثقافة شعرًا ونثرًا وعلومًا باطلاعه على مؤلفات ابن جبيرول ورجوعه لها من مصادرها العربية والعبرية والأرامية واللاتينية، مترجمًا نصوصًا بكاملها أو أجزاءً منها إلى اللغة العربية تدعيمًا للنتيجة التي يسعى إليها من كتابه هذا، الذي يعتبر بحق مرجعًا للدراسات العربية العبرية المقارنة، بل إن هذا الكتاب يعتبر أول مصدر باللغة العربية عن هذا الشاعر المفكر الأندلسي الذي اعتبره الباحثون أميرًا للشعر العبري في العصور الوسطى.