ولازال الهجوم مستمرا ..

بقلم: مازن صافي

من الأوائل العشرة المؤسسين لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، مؤسس حركة الشبيبة فوق أرض المعركة، المسؤول والداعم والموجه للانتفاضة الكبرى الشعبية الأولى 1987، وخطط ونفذ للمئات من العمليات العسكرية التي أرهقت المحتل، وأوجعت قوات العدو، حتى أن الضابط المجرم والقاتل الصهيوني "ناحوم ليف" قائد المجموعة التابعة لـ "سييرت همتكال" الخاضعة "لهيئة الأركان العامة" في الجيش الإسرائيلي، والتي نفذت العملية الإرهابية واغتالت أمير الشهداء خليل الوزير "أبو جهاد"، أنه درس كل سطر وكل حرف عن خليل الوزير، وأضاف كنت أعرف أنه كان يقف خلف العديد من العمليات العسكرية التي نفذها الفدائيون الفلسطينيون، لقد كانت عملية الاغتيال ضخمة ومركبة وتمت في تونس في يوم 17 إبريل 1988، أي بعد أقل من عام من اندلاع الانتفاضة والتي استمرت لسنوات أخرى بعد استشهاده، ويومها نقل جثمانه إلى دمشق وشيع في موكب جنائزي مهيب ، شارك فيه أكثر من نصف مليون من اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين السوريين والعرب في مخيم اليرموك.

أمير الشهداء أبو جهاد الرجل الثاني في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"واحد مؤسسيها مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، عضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية- عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، مفوض شؤون الوطن المحتل، المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، ولقد ناضل إلى جانب الشهيد أبو عمار و قيادة الثورة لأكثر من ثلاثين سنة، وكان رجل الثورة والمفكر والقائد الذي أوجع المحتل بسلسلة من العمليات العسكرية النوعية والناجحة وآخرها عملية مفاعل ديمونة عام ثمانية وثمانين ،و لما كان له من دور قيادي متقدم كنائب للقائد العام للقوات المسلحة الفلسطينية خلال الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 معركة الصمود التي استمرت 88 يوما ،و غادر بيروت إلى تونس مع الأخ قائد الثورة الفلسطينية الشهيد أبو عمار.. ولم يكن الخروج النهاية، بل البداية وتفجرت انتفاضة الوطن فكانت أولى خيوط العودة إلى ارض المعركة ، فالتحمت الجماهير مع الفكرة وهندسة التفاعل الشعبي وتطوره وانتقاله من الحجر إلى المقلاع إلى البيان الى الصمود والتلاحم الجماعي ، لقد ولدت الثورة من جديد ، ولم يعد المنفى هو الحضن بل أصبح الوطن هو الملاذ وهو المخلص وهو بوابة الكرامة الفلسطينية في كل العالم .. فكان أبو جهاد هو المتهم الأول في ترجمة مفاهيم الانتفاضة ليتفاعل معها الوطن كل الوطن .. لقد استطاع أمير الشهداء ان يحول الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987 من حالة عفوية بسيطة الى ثورة شعبية منظمة وفاعلة تقاوم التفوق العسكري الإسرائيلي وتلغي نظرية أن الفلسطيني الغارق في المال لن يعود الى ساحات العمل الفلسطيني .. نعم لقد كانت أفكار الشهيد أبو جهاد إبداعية وخلاقة ، ولهذا كان دائما المطلوب رقم واحد للموساد الإسرائيلي وكثير من أجهزة المخابرات المعادية للحق الفلسطيني .. فكان قرار اغتياله يتفاعل في دولة الكيان كوسيلة لإخماد الانتفاضة .. لكن اغتياله كان وقودا ثوريا لتستمر وتستمر في الهجوم كما كان يريدها دائما مهندسها وصاحب المقولة الخالدة "لنستمر في الهجوم حتى نعري عدونا، ونسقط الورقة الأخيرة التي تستر عورته فيغدوا عاراً على أصدقائها، وعبئاً ثقيلا على حلفائه" .. لهذا اغتيل أبو جهاد في عملية عسكرية معقدة ومراقبة امتدت لشهور طويلة قبل لحظة عناق الروح لأرواح شهداء الثورة الذين سبقوه على درب السرية والفداء وفلسطين .

ان ما يميز الأخ الشهيد ابو جهاد أنه أسس مدرسة ثورية تعتمد المبادئ الراسخة والمفاهيم الواضحة التنظيمية والحركية من أجل البناء والتقدم وبقاء الثورة متجددة، وأضاف البعد الفكري والثقافي في مفاهيم البندقية والفداء، فلم يكن الفدائي ابن الثورة حاملا للبندقية فقط بل حاملا للحلم والهدف واستيراتيجية التحرير ومتسلحا بالإيمان العميق بان الثورة إنسانية سياسية تخترق كل الحصون وتأبى أن تستمر بلا تطور أو تغيير أو معالجة دقيقة للمتغيرات .. لهذا نجح الشهيد أمير الشهداء واستمرت مدرسته حتى اليوم وهي أساس الاستنهاض في حركة فتح، فقد عُرف خلال مسيرته الكفاحية بالالتزام المطلق بفلسطين وبالنضال في سبيلها،متمسكا بالوحدة الوطنية وبالقرار الوطني المستقل وساعيا لتحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني، و في مواقعه القيادية المتقدمة كان مثالا لنكران الذات والتواضع وتكريس الطاقات للنضال، وكانت له علاقات واسعة وقوية مع حركات التحرر في الوطن العربي والعالم.وارتبط بعلاقات شخصية قوية مع المقاتلين والثوار.
واليوم في الذكرى الـ26 لاستشهاده، ستبقى العاصفة ثورة حتى النصر .. ستبقى الهوية والإرادة .. رحم الله الشهيد القائد أبو جهاد مهندس الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى .. والنصر لشعبنا الصامد .
[email protected]