الفلسطيني في الاعتقال الإداري بجرة قلم إسرائيلي

بقلم: رمزي النجار

لقد كتب علينا الفلسطينيين أن نبقي نعاني من الظلم الواقع على شعبنا نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وفي خضم هذه المعاناة المستمرة نقف أمام معاناه الأسرى وخاصة من سياسة الاعتقال الإداري الذي يكون لشخص مجرد أنه فلسطيني دون توجيه التهمة له ودون اعداد لائحة اتهام ضده ودون حسم قضائي، فالاعتقال الإداري سياسية إسرائيلية قديمة مارسها الاحتلال البريطاني على أرض فلسطين وسرعان ما نفذها الاحتلال الاسرائيلي ضد المناضلين الفلسطينيين الذين لم تثبت عليهم أي مخالفات، ولكن مجرد أنك فلسطيني تكون عرضة لهذا الاعتقال تحت غطاء الملفات السرية، وبالتالي لا يحق لك الدفاع عن نفسك أمام محكمة عادلة ولا تفترض فيك حق البراءة، فبمجرد جرة قلم من جندي إسرائيلي يحولك للاعتقال الإداري دون معرفة أسباب ذلك، فهو اعتقال يكون بناء على قرار إداري وبدون محاكمة ولا يسمح لمحاميك الاطلاع على أدلة الاتهام وتبقي سرية بين الملفات الأمنية التي تعدها الأجهزة الأمنية الاسرائيلية للنيل من الفلسطينيين والتلذذ بعذاباتهم واختلاق الحجج الواهية من أجل زيادة معاناتهم.

والحقيقة أن الاعتقال الإداري هو إجراء تعسفي غير قانوني يتنافى وأبسط المعايير الدولية لحقوق الإنسان وخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 الذي يهدف إلى ضمان الحق في الحرية والإجراء العادل والحق في الدفاع والحق في البراءة، ولو رجعنا إلى تبرير سلطات الاحتلال الاسرائيلي القيام بالاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين وفقا ً لأنظمة الطوارئ المعمول بها عام 1945م على اعتبار أنه قانون البلد المحتل، هو مخالف للحقيقة الثابتة التي تؤكد على أن نظام الطوارئ ملغى أصلا في العام 1948، كما أن إسرائيل احتلت الاراضي الفلسطينية بالضفة وغزة عام 1967م، والمادة (43) من اتفاقيات لاهاي 1907م التي تعتبر عرفا دوليا ملزما لا تجيز لسلطات الاحتلال أن تغير في الواقع التشريعي للبلد المحتل، وإسرائيل ملزمة باتخاذ إجراءات الازمة لإعادة الأمن والحياة العامة إلى الأراضي الفلسطينية بقدر الإمكان واحترام القوانين المعمول بها في البلاد المحتلة، وبالتالي لا يجوز لها أن تغير بها إلا بما يخدم مصلحة السكان الأصليين، وإسرائيل تقر بوجوب تطبيق أنظمة لاهاي لعام 1907م، وهذا تم تأكيده أكثر من مرة بقرارات واضحة من المحكمة العليا الإسرائيلية، وعليه فإنه لا يوجد أي أساس قانوني يعطى إسرائيل صلاحية الاستناد إلى أنظمة الطوارئ كأساس للجوء إلى الاعتقال الإداري، لذا فهو يتعارض مع التشريع الإسرائيلي ذاته، وإذا كانت المحكمة الدولية قضت السماح باستخدام هذه الوسيلة في حالات استثنائية فقط، على أن تكون الوسيلة الأخيرة الممكنة وفي حال انعدام أي طريق بديل لدرء الخطر، كما أن القانون الدولي الإنساني أجاز اللجوء للاعتقال الإداري لأسباب أمنية قهرية وبشكل استثنائي وينتهي فور زوال الأسباب، ووضع قيوداً صارمة على تنفيذه وحدد ضمانات قضائية من أبرزها معرفة المعتقل الإداري أسباب احتجازه فور اعتقاله وبشكل تفصيلي وباللغة التي يفهمها، والطعن في شرعية الاحتجاز، وحصوله على المساعدة القانونية ومنحه الحق في النظر بشكل دوري في شرعية استمرار احتجازه، وحقه في الاتصال بأفراد عائلته عبر المراسلة والاستقبال، وحقه في الحصول على الرعاية الطبية ، كما ألزم سلطات الاحتلال بإخطار الجهات الوطنية التابع لها الشخص المعتقل إداريا بأمر احتجازه، وأجبرها على السماح للسلطات الدبلوماسية أو القنصلية ذات الصلة بالاتصال برعاياها وزيارتهم .

ورغم ذلك تقوم سلطات الاحتلال الاسرائيلي بالاعتقال الإداري كمسألة روتينية فقط وكسيف مسلط على رقاب الفلسطينيين وأداه في يد المخابرات الاسرائيلية لاستهداف النشطاء من المثقفين وأصحاب الفكر من الكتاب والاكاديميين، حيث شرعته اسرائيل عام 1988 في الاراضي الفلسطينية المحتله بالضفة وغزة باستثناء القدس، وعدل شكليا في العام 2007 للاستمرار في سياسة الاعتقال الإداري في مدة أقصاها سته شهور للشخص وتمدد فترات الاعتقال لتصل إلى خمس سنوات وبمصادقة المحكمة العسكرية البدائية والاستئنافية وتبادل الأدوار مع النيابة العسكرية، حتى أن هناك من يصدر قرار الافراج عنهم يتم اعتقالهم بعد فترة وبذرائع أمنية سرية جديدة، فالاحتلال الإسرائيلي على مدار سنوات الماضية قام باعتقال الآلاف من الفلسطينيين تحت ما يسمى الاعتقال الإداري لفترات تراوحت بين سته أشهر إلى خمسه سنوات، فمنذ بداية الانتفاضة الأولى في العام 1989 وحتى العام 2013 وصل عدد الفلسطينيين الذين اعتقلتهم اسرائيل إداريا ما يقارب من (25000) خمسه وعشرون ألف معتقل، وما زالت تحتجز اسرائيل اليوم أكثر من 180 معتقل إداريا دون توجيه أي تهم لهم وبدون محاكمة عادلة ودون الكشف عن المعلومات السرية التي يعتقل من أجلها الفلسطيني، من إجمالي أكثر من خمسة آلاف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال من بينهم 21 أسيرة و 200 طفل، في خطوه تحدي للقانون الدولي، وعليه هم مختطفين من قبل اسرائيل ما دام الفلسطيني يعتقل بجرة قلم جندي اسرائيلي يضعه في غياهب السجون دون أدني الرعاية المطلوبة ودون محاكمة، وهي جريمة يعاقب عليها المجتمع الدولي وفقا للقوانين والأعراف الدولية يجب مسائلة اسرائيل عليها وعلى جرائمها التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.