رسالة إلي أولياء الأمور

بقلم: هاني زهير مصبح

عزيزي ولي الأمر أيها الأب أيتها الأم أيها الأخ إلي كل ولي أمر نحن الآن ندخل أشهر تعودنا علي أن تكون مميزة وهي تبدأ من فصل الربيع وتستمر حتي نهاية فصل الصيف تملأها الأفراح والسعادة والليالي الملاح .
أريد أن أوجه رساله لكم من خلال تناول قضية هامة يعاني منها الشباب في المجتمع الفلسطيني ككل وفي غزة علي وجه الخصوص لظروف اقتصادية قهرية جبرية تفرض علينا أن نعيد التفكير كثيرا وهي قضية المهور والزواج .
نحن نعلم أن الإسلام عظيم ولم يحدد المهور ولكن الإسلام أرشدنا في إشارات ودلائل كثيرة عندما نصت الأحاديث النبوية الشريفة وروايات كثيره ذكرها الصحابة رضوان الله عليهم جميعا كلها تشير بأن أقلهن مهورا أكثرهن بركة .
اليوم نحن نعيش واقع صعب ومرير وليس أحد منا بمعزل عن ذلك ولا يقول أحد منا أنا متزوج لا يعنيني الأمر ولا يقول الآخر أنا ليست هذه مشكلتي فكلنا جزء من هذا المجتمع وكلنا يجب أن نساهم في وضع الحلول من خلال ثقافة نتناولها جميعا وننشرها بيننا ،عندما تجلس مع الشاب تسمع منه ما يتقطع له القلب تجد الشاب ما شاء الله مثقف ومتعلم ونحن شعب فلسطين بالمناسبة من أكثر شعوب العالم مثقفين وجامعيين وهذا باب فخر وعز لنا وليس باب كبرياء فنحن طلبة علم ،تجد الشاب أنهي دراسته الجامعية ولم يجد وظيفة ويبقي هكذا الحال لسنوات طويلة ويبحث عن عمل حرفي أيضا ولا يجد فكما ذكرت في بداية حديثي وقلت أننا نعيش واقع اقتصادي صعب جدا بسبب الاحتلال الإسرائيلي وبسبب الحصار الإسرائيلي المفروض علينا منذ ثمانية سنوات تقريبا وكذلك الحروب الإسرائيلية المتكررة علي قطاع غزة والتي دمرت كل شيء تقريبا ولا أريد الخوض في ذلك كثيرا فجميعكم يعلم ذلك وتعيشون ذلك بأنفسكم .
نعود للشاب الذي يريد الزواج وتواجهه الكثير من العقبات فيقول أن أولياء الأمور يطلبون مهور غالية لا طاقة لنا بها وتكاليف ولوازم فرح كثيرة وكماليات صعبة ومرهقة .
بالمقابل تجلس مع أولياء الأمور للصبايا الجميلات وبالمناسبة كثير جدا من بناتنا اليوم تحلم بفارس الأحلام بالشاب الذي لا طاقة له بالتكاليف المرتفعة فيقول لك والد الفتاة بأن الحياة غالية والأسعار مرتفعة وتجهيز الفتاة يتطلب الكثير من المصروفات .
بصراحة هنا الشاب علي حق وأنت أيضا يا ولي أمر الفتاة علي حق ولكن ولي أمر الفتاة نظر هنا إلي جانب وترك الجانب الآخر نظر إلي الوضع الاقتصادي الصعب من حيث تجهيزات ابنته ونسي أن ذلك الوضع الصعب هو معاناة الشاب أيضا
وسوف أتكلم معكم بكل صراحة لأنها قضية مجتمع عاشها كثير جدا من الشباب وهي أن الشاب يغرق في الديون ويدفع المهر المرتفع وبالمناسبة أنا لا أعتبر ذلك مقياس لقيمة الفتاة فهي أغلي من ذلك بكثير ولا تقدر بثمن ، وتجد الشاب يوفر كل ما يطلب منه من تجهيزات أخري تغرقه في الديون بعد أن غرق الشاب بفضل والد الفتاة وتم عقد القران بالمحكمة يأتي دور الفتاة في متطلباتها الغير منتهية من فارس الأحلام المسكين تريد فستان فرح بمبلغ كبير من اكبر المعارض وكان يمكنها بالمقابل أن ترتدي فستان فرح أجمل بأقل من هذا السعر بكثير وتريد صالة أفراح وتجهيزات للفرح في فندق خمس نجوم وكان يمكنها أن يكون الفرح في مكان جميل وبتكاليف أفضل وأقل وأشياء أخري وهذا كلة بسبب أن الفتاة الفلسطينية بصراحة عاشت في منزل والديها دون أن تتحمل أدني مسئولية لأن مجتمعنا هكذا يعامل الفتاة وهذه أيضا كارثة بحد ذاتها .
بعد أن تنتقل الفتاة لبيت زوجها وتبدأ حياتها الزوجية التي يكون فيها جزء من المشاركة وتحمل المسئوليات التي لم تكن تعرفها عندما كانت فتاة في بيت والدها تكتشف الزوجة التالي بأن زوجها غارق في الديون وبعد مرور أيام قليلة يبدأ الحزن علي وجه الزوج فتسأله "شو في حبيبي؟ فيقول لها أحببتك وتعلقت بك وما كنت أريد غيرك وتدبرت أموري لتجهيزات الفرح وتداينت من فلان وفلان وفلاااااااااان والآن يطالبونني برد هذا الدين ولا أعلم ماذا أفعل" ولأنهم في شهر العسل ومازال الحب مشتعل والقلوب تتعانق فتقول له الزوجة خذ يا حبيبي ذهبي وبعد ذلك تشتري لي أحسن منه لقد اشتريته ب4000 دينار من المهر والان يمكنك بيعه ب3300دينار بمخسر خلال ايام قليلة مبلغ كبير وهكذا يسدد ديونه
رسالتي لكم يا أولياء الأمور فجميعنا مسئولين ويجب أن نتعاون معا من أجل تجاوز تلك العقبات فيسروا ولا تعسروا وخففوا من متطلباتكم وخفضوا في طلبات المهور وغيروا من أفكاركم فبناتكم هن قواريرنا التي أوصانا عليها رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم عندما قال أوصيكم بالنساء خيرا وعندما قال رفقا بالقوارير وعندما قال أقلهن مهورا أكثرهن بركة .
فلا تساهموا في خلق مزيد من المشاكل التي تنتشر في مجتمعنا بسبب مغالاتكم في المهور فلقد أصبحنا نجد انتشارا ملحوظا للفساد بسبب عدم مقدرة الشباب علي دفع تكاليف الزواج الكبيرة فتجده يذهب في الطريق الخطأ وحتي كثير من الفتيات تسير في نفس الطريق فتلك هي غرائز وضعها رب العالمين في جميع مخلوقاته وعلينا أن ندرك ذلك ويجب أن تعلموا جميعا يا أولياء الأمور بأن مجتمعنا وثقافته لا تسمح للفتاة بأن تخبر أهلها عن رغبتها بالزواج وكذلك الشاب يبقي صامتا ولكن هذا الصمت بمثابة قنبلة موقوتة تنفجر في المكان الخطأ في كثير من الأحيان فلا تغالوا في المهور وأنظروا جيدا من حولكم ويسروا ولا تعسروا ونسأل الله العلي القدير أن نجد في هذا العام زواجا ميمونا لكثير من شبابنا وبناتنا وبالرفاه والبنين للجميع .
كاتب المقال / هاني زهير مصبح