سيرالعتمة في وضح النهار

بقلم: أكرم أبو عمرو

قبل ايام معدودة من اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني المرتقب يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري من جهة ، وقرب انتهاء فترة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية يوم التاسع والعشرين من نفس الشهر ، بدأت الكثير من الاخبار تتناثر هنا وهناك ، منها معلومة المصدر واخرى غير معلومة المصدر حول الاحتمالات والسيناريوهات المقبلة ، خاصة اذا عاد الوفد الرئاسي الفلسطيني بعد زيارته القادمة لقطاع غزة ومقابلة قادة حركة حماس خالي الوفاض ، نستمع ونقرأ عن احتمالات حل السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتسليم مفاتيحها لضابط الادارة المدنية الاسرائيلي ، وتصريحات اخرى حول اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الضفة الغربية فقط ، تصريحات تثير لدينا تساؤلات عديدة ، ولنا كل الحق ان نسأل لان المسالة مسالة مصير مصير شعب ومصير اجيال حاليين واجيال قادمين ، ماذا نريد ؟ ، واين نحن ؟ والى اين نحن ذاهبون ؟، ما الذي يجري ؟ .
اعتقد اننا في هذه الحالة كمن يسير في المجهول والى المجهول ، او من يسير في عتمة الليل وهو في وضح النهار ، تائه هائم ، ونسأل مرة أخرى ، اين سنوات النضال والمقاومة ، اين التضحيات وصمود السنوات ، اين المكاسب التي تحققت ، اين دماء الشهداء وعذابات الاسرى ، اين ابداعات شعبنا وعلى مر التاريخ ، هل سدت الافاق امامنا ، ام لا نستطيع السير الى الامام ، هل هناك عودة الى الصفر ، او بمعنى اخر الى المربع الاول .، اين الخيارات المتعددة .
لا ليس هكذا نريد ولا هكذا ننتظر ، وهنا لا بد من الاشارة الى بعض الامور ، الامر الاول اريد ان اذكره لمن يستسهل عبارة حل السلطة وتسليم المفاتيح الى ضابط الادارة المدنية الاسرائيلي ، ارجو اولا ان لا تكون هذه العبار قيلت في لحظات ياس وتعب ووهن ، ربما قيلت باي شكل او رسالة موجهة الى حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف لادراك تبعات التعنت الاسرائيلي في المفاوضات ، وان الشعب الفلسطيني لن يستطيع الصبر اكثر مما صبر عما يواجهه من معاناة ، لكن الحديث عن السلطة اخذ ياخذ منحى الجدية في التصريحات وبدا البعض يتحدث عن احوال الفلسطينيين في اليوم التالي لحل السلطة ، اعتقد ان الحديث عن حل السلطة ليس في محلة ، وليس من المناسب ابدا ، بل هو ضربه لشعبنا وانجازاته ، فالسلطة الوطنية الفلسطينية لا يجب النظر اليها من كونها مجموعة مؤسسات لها ميزانيات وتضم موظفين ، بل ان السلطة الوطنية رغم كل ما يقال وقيل عنها منذ قيامها عام 1994 ، من حكم ذاتي ، وفساد مالي واداري ، ونتاج اوسلو ، فهي تبقى اللبنة الاولى للكيان الفلسطيني على الارض الفلسطينية ، هي رمز الكيانية الفلسطينة التي كان من المقرر ان تتحول الى دولة ذات سيادة بعد انقضاء الفترة الانتقالية عام 1999 ، لكن التعنت الاسرائيلي والمماطلة والتسويف ارجات هذا التحول لسنوات عديدة ، واعتقد ان سنوات التاجيل انتهت يوم 29/11/2012 عندما قررت الامم المتخدة الاعتراف بفلسطين دولة عضو بصفة مراقب والدولة هنا معرفة بالاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 ، وهذا وحده انجازا عظيما لشعبنا يفتح امامه الابواب واسعة للانطلاق لتحقيق حلمه واستكمال نضاله لتحقيق العودة وتحرير الارض ، لذلك ليس من المعقول بل من الجريمة التحدث عن حل السلطة وتسليم الامور للغاصب المحتل لاعطائة الفرصة لاستكمال ترحيل شعبنا ومصادرة اراضيه خاصة في هذه الظروف التي تشهدها المنطقة العربية والعالم .
الامر الثاني هو مسالة انتخابات في الضفة الغربية ، بداية نتمنى ان تكلل جهود زيارة الوفد الرئاسي لقطاع غزة لمقابلة قادة حماس لمناقشة مسالة تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين طرفي الازمة الفلسطينية ، وانهاء الانقسام بكل تداعياته ، وهنا لا بد من القول وبصراحة بعد التصريحات التي سمعناها وقرأنا من رئاسة واعضاء الوفد ، ومن السيد الرئيس ، ان الكرة الان في ملعب حركة حماس ، لذلك فان حركةحماس الان يجب ان تتحمل مسؤلياتها الكاملة حرصا على مصالح شعبنا العليا، حيث يقف الان عند منعطف حاد ، لا بد من مواجهة شعبنا للظروف التي تواجهه بموقف واحد موحد ، ولا يجوز اطالة امد الانقسام اكثر من ذلك ، وبصراح فإن حركة حماس سوف تخطيء خطأ كبيرا هذه المرة بحق شعبنا اذا لم تتعاطى بإيجابية مع المبادرات ومحاولات المصالحة وراب الصدع الفلسطيني الحالية ، على اي حال في حال نجاح الوفد الزائر لقطاع غزة ومع الاسف نقول زائر ، فإن هذا سوف يعمل على تسهيل الكثير من الامور ، لكن الامر المهم اذا عاد الوفد بدون تحقيق نتائج ايجابية او بمعنى الفشل فما العمل ، اعتقد ان هناك ثلاثة امور وهي الكفيلة بوضع فلسطين وشعبها على الخارطة الدولية من جديد ، وتضع قضية شعبنا على راس القضايا العالمية .
الامر الاول : عدم التمديد للمفاوضات ، والمفاوضات الوحيدة التي يمكن الجلوس لها هي مفاوضات ترسيم الحدود .
الامر الثاني: هو الاعلان رسميا عن انتهاء السلطة الوطنية الفلسطينية كصورة من صور الحكم الذاتي ، واعلان قيام دولة فلسطين على الاراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 ، والتغيير الفوري لكل مسميات المؤسسات الفلسطينية الى مؤسسات دولة فلسطين بدئا بالرئاسة الى المجلس التشريعي ، وذلك عملا بقرار الجمعية العامة رقم 19/67 بتاريخ 29/11/2012 ، والذي يقضي باعتبار فلسطين دولة بصفة مراقب ، وان يتم الاعلان دون اخذ الاعتبار بالموقف الامريكي والاسرائيلي لانه من المعروف موقفيهما من هذه المسالة .
الامر الثالث ، هو تشكيل لجنة من كبار رجال القانون قضاه واساتذة جامعات لمناقشة وايجاد صيغة قانونية لاجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في جزء من الوطن حتى لا يفتح المجال للخلافات حول هذه المسالة وما يتبعها من مزيادات من شانها تعكير الاجواء وربما تسميمها .
اعتقد ان للمجلس المركزي في جلسته القادمة دورا بالغ الاهمية، وربما فرصة كبير وأخيرة لاثبات انه المرجعية التشريعية والتنظيمية لشعبنا ودولته وإلا سيصبح مجرد صورة باهته لا قيمة له اذا لم يتخذ قرارت مصيرية وحاسمة في هذا الوقت بالذات
أكرم أبو عمرو
غزة- فلسطين
21/4/2014