لقد شكل السابع والعشرون من نيسان علامة بارزة في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني ، وشكلت انطلاقة جبهة التحرير الفلسطينية بالعودة الى اسمها بعد الانتفاضة الثورية لقيادة وكوادر وقواعد الجبهة عام 1977 على نهج التبعية و الوصاية الذي حاول البعض حرف مسيرتها عن خطها الوطني الديمقراطي ، لتجدد رؤيتها المتمسكة بالمبادئ والأهداف التي انطلقت من اجلها وقدمت في سبيل ذلك التضحيات الجسام ، حيث ارادت من خلال ذلك ان تؤكد على نقطة تحول في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني.
ومع بزوغ فجر السابع و العشرين من نيسان، توقد جبهة التحرير الفلسطينية شمعة جديدة في مسيرة كفاحها الوطني على طريق تحرير الأرض والإنسان، حيث مثلت محطة نوعية بارزة في تاريخ الشعب الفلسطيني ومسيرة ثورته المعاصرة حيث تواجدت جبهتنا في قلب كل المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية المعاصرة في جميع ساحات النضال .
لقد مرت جبهة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها بتجارب سياسيه وتنظيميه واسعة وكان السابع والعشرين من نيسان واحده من المحطات المصيرية في تطوير الجبهة التي مثلت جزء كبيرا من تاريخ شعبنا الفلسطيني وتاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة وفي تاريخ حركات التحرر العربية، وقد شاركت جبهة التحرير الفلسطينية في معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية وتميزت الجبهة في النضال ضد العدو الصهيوني ، وقد نفذت سلسله من العمليات البطولية النوعية منها أول عمليه اقتحام استشهادية كبري لأوكار الغزاة الصهاينة في مدينه الخالصة المحتلة وعملية الزيب " القدس " الذي قادها الشهيد حمزة الباكستاني ، وعمليه الإنزال البحري علي شواطئ مدينه نهاريا البطولية والتي قادها الأسير المحرر اللبناني العربي الفلسطيني سمير القنطار وعمليه نابلس وبريختا والطيران الشراعي والمنطاد الهوائي والسفينة أكيلي لاورو والقدس البحرية وعمليه القدس الاستشهادية والعديد من العمليات الاخرىمن خلال المدرسة النضالية الخاصة التي كانت بإشراف الرفيق القائد الوطني والقومي الامين العام الشهيد محمد عباس "أبو العباس" الذي امن بشعار الرئيس الراحل القائد جمال عبد الناصر ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوه ، والقائد العسكري للجبهة الرفيق القائد "سعيد اليوسف" الذي فقد وهو يقاوم العدو الصهيوني في جبل لبنان الأشم في عام 1982، والرفيق القائد ابو العز الذي فقد اثناء الاحتلال الامريكي للعراق .
ونحن اليوم نسجل بهذه المناسبة العظيمة فخرنا بمسيرة الجبهة الرائدة ، ونعتز بفلسفتها ومدرستها الخاصة ، ونحترم كل من انتمى إليها وناضل في صفوفها وتحت لوائها ، ولمن انتسب إليها وأمضى ولو يوما واحداً في إطارها وساهم بهذا القدر أو ذاك في تقدمها ورقيها ، ونعتز بمن عرفناهم خلال مسيرتنا النضالية من أجل حماية منجزات ومكتسبات شعبنا وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا ودافعت عن قرارها الوطني المستقل، وعن المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بحق عودة اللاجئين من أبناء الشعب الفلسطيني الى ديارهم و ممتلكاتهم التي شردوا منها وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
اليوم، ونحن نوقد شمعة الانطلاقة المتجددة احتفالا باليوم الوطني للجبهة نؤكد على أن الجبهة ستظل وفية للدلالات والمعاني التي مثلها السابع والعشرين من نيسان وفاء لجماهير شعبنا وشهدائه وجرحاه واسراه وكل أنّات الأمهات الثكالى ، ستظل وفية للمبادئ و القيم التي جسدها قادتها الشهداء الكبار الامناء العامين المؤسسسون القائد الوطني الكبير طلعت يعقوب وفارس فلسطين أبو العباس الذي اغتالته يد الاجرام الصهيونية والامريكية في العراق بعد عام من اعتقاله ، وضمير فلسطين أبو أحمد حلب ،والقادة سعيد اليوسف و فؤاد زيدان ، مروان باكير ، خالد الأمين ، حفظي قاسم ، عز الدين بدرخان ، وجهاد حمو ، وابو عيسى حجير ، وكل شهداء الجبهة والشعب والثورة وفي مقدمتهم الشهيد الخالد الرئيس القائد ياسر عرفات ، والشهداء القادة ابو جهاد الوزير ، الحكيم جورج حبش ، الشيخ أحمد ياسين، سمير غوشه ، بشير البرغوثي ، أبو علي مصطفي ، فتحي الشقاقي ، حيدر عبد الشافي ، عبد الرحيم أحمد ، زهير محسن، جهاد جبريل، وعشرات الآلاف الذين حملونا أمانة الوفاء للأهداف التي ضحوا من أجلها.
إن جبهة التحرير الفلسطينية كانت رائدة في مسيرة الكفاح الوطني التحرري الذي يخوضه الشعب الفلسطيني، ومن هنا تكتسب مناسبة اليوم الوطني كفصيل رئيسي مكافح ومناضل العمل من اجل تحقيق انهاء الانقسام وانهاء الاحتلال، ليصبح شعارا رئيسيا لدى كل الفصائل القوى الفلسطينية بعيدا عن المنطق المزيف الذي نسمعه من قبل البعض في الساحة الفلسطينية، فتؤكد على تمسكها بخيار المقاومة بكافة اشكاله بمواجهة عصابات نتنياهو وقطعان مستوطنية الذين يغتصبون الارض والمقدسات، ومجرم من يعبث بحقوق الشعب الفلسطيني.
ومن هنا شقت جبهة التحرير الفلسطينية طريقها وتحمل امانة شهدائها من خلال حامل الامانة القائد الوطني المناضل الدكتور واصل ابو يوسف، ونائب الامين العام القائد المناضل ناظم اليوسف ، هؤلاء القادة الذين يتابعون مسيرة الجبهة ليؤكدوا على استمرار مسيرة الكفاح والنضال من اجل تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني،فلهم منا الف التحية في اليوم الوطني لجبهتنا هم ورفاقهم في المكتب السياسي واللجنة المركزية وعموم قيادة وكوادرومناضلي واعضاء جبهة التحرير الفلسطينية، ونقول نأمل أن نرى الجبهة كما عرفناها ، وكما يفترض أن تكون ، فاعلة ومؤثرة ، ناشطة وقوية وأن تساهم مع باقي الفصائل الفلسطينية بفاعلية أكثر لإستعادة وحدة الشعب الفلسطيني ، وفي الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها ، وفي صون المشروع الوطني الفلسطيني على طريق تحقيق أهداف شعبنا المشروعة ،وأن تنهض بمستواها وحضورها وتأثيرها ، كما أرادها الشهيد القائد ابو العباس و تمناها القائد طلعت يعقوب ، وكما حلم بها القائد ابو احمد حلب وكما يسعى لتجسيدها الدكتور واصل ابو يوسف، ونحن نرى المساعي المبذولة حاليا من اجل انهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة، من خلال بوابة الوحدة والتوافق الوطني على استراتيجية وطنية واحدة وموحدة، تمكننا من ادارة المعركة مع الاحتلال الاسرائيلي بأنجع الوسائل، وتوفر مقومات صمود الشعب واستنهاض ارادته المقاومة، من خلال علاج قضاياه المعيشية، ووقف حالة الانهيار والاحباط العام، واستعادة ثقة الشعب بذاته وبقيادته .
اليوم يحاول البعض عبر مقالاته دس السم من خلال طمس هوية الجبهة السياسية والتشويش على خياراتها الفكرية عبر الحديث عن لغة مختلفة ، حيث لم يعلم صاحب مقال كي لا ننسى ولأجل التاريخ ، ما زال يتحدث بلهجة التجريح والتهرب من الحقيقة، فهو يعلم من ارتضوا لنفسهم ان يكون بعيدين عن الجبهة ويتحدثون باسمها بعيدين عن حقيقة توجهات الجبهة وسياساتها المعتمدة آخذين في ذلك بعين الاعتبار الزوايا الحادة .
ونحن اليوم نتحدث بصراحة وشفافية عن الأزمات التي واجهتها الجبهة غداة الخروج من بيروت واحتدام الصراع داخل الصف الوطني الفلسطيني ، ولم تتردد الجبهة في تحديد حجم الأزمة على غير صعيد لكن الظروف كانت معقدة وصعبة .
ان الشهيد القائد الامين العام ابو العباس شكل بمواقفه الوطنيه نبراسا يرشد الأجيال تلو الأجيال من المناضلين نحو أهداف شعبنا ، ونحن نحتاج لفكره الثاقب ومواقفه المبدأية، وشخصيته المؤثرة للغاية في محيطه سواء داخل جبهة التحرير الفلسطينية أو خارجها، حيث من خلال مسؤوليته استخدم أفضل الأساليب الكفاحية في مواعيدها واتخذ أكثر المواقف مرونة في مواعيدها أيضاً ، الرجل الذي كان لتحليله السياسي وتوقعاته المستقبلية أكبر الأثر على قرارات الجبهة ، والذي اتسم سلوكه كقائد بالمنهجية العلمية والنموذجية لتعليم الآخرين ولمصلحة مستقبل أكثر موثوقية للجبهة رغم كل الأزمات التي مرت بها الجبهة ومن بينها حالات الانشقاق التي عالجها الشهيد القائد الامين العام ابو العباس بحكمة.
واليوم بوصلة الجبهة الأكثر دقة، بما يجري في المنطقة وعلى الصعيد الفلسطيني وبما يخص العلاقات الداخلية مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بشكل خاص وفصائل العمل الوطني والإسلامي بشكل عام، فقد غلبت الجبهة دوماً التناقض الرئيسي مع العدو على التناقضات الثانوية، انطلاقاً من كون ان المنظمة هي البيت والوطن لكل الفلسطينين ،وهي القادرة على توحيد طبقات الشعب وفصائله الوطنية والإسلامية في وجه العدو.
لقد دفعت التحولات الإقليمية الأخيرة، اهمية الوصول إلى تحقيق المصالحة المنشودة ، وان التحولات الإقليمية التي وقعت، خصوصاً في مصر وسوريا، لعبت دوراً مهماً في إنضاج الحالة الفلسطينية في اتجاه المصالحة، وولوج حركتي فتح وحماس لمسار العمل المشترك من أجل إعادة ترتيب الساحة الفلسطينية، إلى جانب كل القوى والفصائل الفلسطينية من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة تؤكد على الثوابت وتحفظ حق المقاومة بكافة اشكالها واجراء انتخابات رئاسية و تشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني، لأن الشعب هو المصدر الرئيسي لكل السلطات في النظام السياسي الفلسطيني.
وفي هذه الايام التي تحتفل فيها جبهتنا جبهة التحرير الفلسطينية كفصيل فلسطيني عربي اممي له تاريخ ثوري يشهد له كل مناضل، وله رصيد كبير لدى الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله، ومكانة عالية في مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، نرى التطورات الحاصلة على الساحة العربية، والثورات المضادة وما تتركه من انعكاسات الانقسام ، في وقت خفت فيه صوت القوى الديمقراطية وضاعت معه امكانية اجراء أي حل ديمقراطي يعيد الى سوريا وحدتها ويحصّنها تجاه العدوان الخارجي التي هدفه تعميم الفوضى من بوابة الفتنة الطائفية والأثنية المذهبية والعرقية بهدف الوصول لتقسيم العالم العربي الى دويلات متصارعة على أسس طائفية تفسح في المجال أمام سرقة ما تختزنه الأرض العربية من ثروات لتمكين الرأسمالية من الخروج عن أزمتها، وانهاء القضية الفلسطينية وبناء الكيان الاسرائيلي على أساس تحويله الى ما يسمى "دولة اليهود في العالم" مما يستدعي استنهاض دور الاحزاب والقوى العربية في مواجهة كل أشكال وأقنعة الاستعمار الإمبريالي الصهيوني الجديد الساعي إلى تشتيت وتفتيت وتقسيم المنطقة، ومحاولاته الحثيثة .
ختاما: لا بد من توجيه التحية لرفاقنا الاسرى وفي مقدمتهم وائل سماره وشادي غالب أبو شخيدم ،ووائل حجازي وشادي أبو شخيدم ،ومعتز محمد الهميوني، وجميعهم محكومين بالسجن المؤبد (6) مرات ، والى المناضل الصامد القائد أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين , والقادة المناضلين مروان البرغوثي وفؤاد الشوبكي وباسم الخندقجي, وكل الأسرى والمعتقلين القابعين في السجون والمعتقلات الصهيونية دون استثناء.