قال وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينية محمود الهباش، إنه لا مكانة ولا كرامة للأمة العربية والإسلامية بدون القدس الشريف، داعيًا إلى ما سماه "بالزحف" السلمي العربي والإسلامي والمسيحي إلى القدس حتى لا تترك للاحتلال الإسرائيلي يفعل بها ما يشاء.
وأكد الهباش في تصريح صحافي لـ "وكالة أنباء الشرق الأوسط" على هامش مشاركته في المؤتمر الدولي (الطريق إلى القدس) في عمان الذي اختتم أعماله الأربعاء الماضي أنهم لن يقبلوا سلامًا ولا دولة بدون القدس، فهذه الأرض أرضنا وإن تركناها ولم نتواجد عليها ستضيع".
وشدد على ضرورة أن يكون هناك دعم عربي وإسلامي للمدينة وأهلها على كافة الأصعدة المادية والسياسية والاقتصادية والمعنوية، مشيرًا إلى أنه على الرغم من أن المؤتمرات التي تعقد من أجل القدس ليست كافية إلا أنها ضرورية لأنها تعيد وضع المدينة في صدارة الوعي والاهتمام العربي..
وقال الهباش : "إذا سكتنا على موضوع القدس في ظل ما يمارس داخل المدينة من انتهاكات فمعنى ذلك أننا ننسى الأجيال والشعوب هذه القضية".
وشدد على أن المؤتمرات ضرورية بما يترتب عليها وليست بذاتها، بمعنى أنها يجب أن تعمل على إحياء وإيقاظ الوعي العربي تجاه قضية القدس، والبحث عن إجراءات ذات طبيعة عملية من أجل دعم المدينة وإنقاذ التراث الديني والتاريخي والحضاري العربي الإسلامي والمسيحي فيها.
وطالب العرب والمسلمين بشد الرحال إلى القدس وأن يأتوا بأجسادهم للزيارة سواء للحج أو الصلاة لدعم المقدسيين إضافة إلى تقديم الدعم المادي ، قائلاً "إذا غابت الأجساد فإن الأرض ستضيع وإذا غابت الأزواد فإن أهل الأرض سيموتون والقدس بلا أهلها لا قيمة لها وأهلها بدون العرب والمسلمين لا يستطيعون الحياة".
ودعا الهباش العرب والمسلمين إلى ضرورة أن يكونوا أكثر وعيًا وفهمًا وحضورًا وتضامنًا مع قضية القدس لأنها مسئولية كبيرة، لافتًا إلى أن الفلسطينيين يؤدون ما عليهم تجاهها ولكن لا يستطيعون وحدهم أن يتحملوا كل التبعات لذا فإنه يجب أن يكون هناك حضور عربي وإسلامي في هذا الموضوع.
لا يحق لإسرائيل التدخل بالقدس
وحول رغبة الكنيسيت مؤخرًا في مناقشة سحب الوصاية الهاشمية على المقدسات، أجاب الوزير بأنه ليس من حق إسرائيل أن تتدخل في أي شأن من شئون القدس الشرقية، فهذه الوصاية ليست منحة إسرائيلية حتى تسحبها ولكنها رعاية سابقة لقيامها، علاوة على أن هناك اتفاقا فلسطينيًا أردنيًا على استمرار هذه الرعاية (31 مارس 2013).
وقال: إنّ "كل هذه (الخزعبلات) التي تحاول إسرائيل تسويقها وترويجها لا تنشيء لها حقا دينيا أو تاريخيا أو قانونيا في المدينة ، لأنها أمور ثابتة لا خلاف عليها، فهي دولة احتلال ليس من حقها أن تتدخل في شئون القدس ولا في شئون المقدسات ، ولا أن تدخل أي نوع من التغيير في الطابع الجغرافي والديموجرافي للأرض المحتلة ويجب أن نحاكمها في كل المحاكم الدولية".
ولفت إلى أن هناك ضعفًا في ثقافة ووعي العرب والمسلمين تجاه مدينة القدس والأقصى المبارك، وإن الكثيرين لا يعرفون ما هي المدينة ولا موقع المسجد منها ..موضحا أن الأقصى ليس هو قبة الصخرة ولا المسجد القبلي وإنما تبلغ مساحته 144 ألف متر مربع .. داعيا وسائل الإعلام والمثقفين ورجال العلم والأزهر الشريف والمجامع العلمية الإسلامية ووزارات التربية والتعليم إلى ضرورة تعريف النشء والشعوب بالقدس.
وأعرب الهباش عن تمنياته بأن تكون القدس طبقا يوميا على مائدة كل بيت عربي وموضوعا يوميا في كل وسيلة إعلام عربية (..)،وأن تكون قضية نقاش في كل صالون ثقافي..لأنها هي الروح وإذا فارقت الجسد فإنه يموت، قائلا "إننا لن نفرط في شبر واحد من القدس ولن يكون لأحد غير من المسلمين الحق في مليمتر واحد من الأقصى".
وحول اتفاق المصالحة، أعرب وزير الأوقاف الفلسطيني عن تفاؤله إزاء هذا الاتفاق ، قائلاً : إنّ "ما تحقق يعد خطوة كبيرة إلا أن القادم هو أكثر أهمية فهناك التزامات ومتطلبات لابد أن تؤدى حتى ننهى الانقسام ، لابد أن تعود المؤسسات واحدة ، السلاح واحد، السلطة القانونية واحدة، البرلمان واحد، الحكومة واحدة حتى نقول أننا قبرنا هذا الانقسام إلى الأبد".
وأشاد بالدور الرائد الذي قامت به القيادة المصرية في موضوع المصالحة منذ رعايتها للاتفاقات الأولى ومباركتها للاتفاق الأخير، مشيدًا في الوقت ذاته بالدورين السعودي المتمثل في اتفاق مكة والقطري في إعلان الدوحة..قائلا "كل من أسهم في هذا الدور مشكور ولكن العهدة الآن علينا أن نترجم ما تحقق على أرض الواقع..ما تحقق هو إيجابي لكن المطلوب هو أكبر بكثير مما تم الاتفاق عليه".
وفيما يتعلق بإعلان إسرائيل مؤخرا أنها لن تتفاوض مع حكومة التوافق الوطني القادمة ، قال الهباش إننا ننطلق من مصالحنا الوطنية (..)، وإسرائيل ليست هي من يحدد لنا بوصلة الحركة وإنما مصلحة الشعب الفلسطيني..نحن نبحث عن مصالحنا رضيت أم رفضت.
حول المفاوضات
وعن إمكانية استئناف المفاوضات السلام مرة أخرى، أجاب الهباش "أن الإسرائيليين هم من علقوا المفاوضات لكننا وقتها سننظر في جدول أعمالنا وبحسب ما تمليه وتفرضه المصلحة الفلسطينية، وإننا سنتحرك وفق ثوابتنا الوطنية، فلن نقبل ولن نتقدم إلى الأمام بدون دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو لعام 67 غير منقوصة مع تبادل طفيف في الأراضي بالقيمة والمثل، والقدس الشرقية كاملة عاصمة لها، وأن يكون هناك حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 وباقي القضايا حسب القانون الدولي..مضيفا "إننا لا نقبل بيهودية الدولة ولا باستثناء قضية اللاجئين ولا القدس لأنها قضايا أساسية مبدئية".
وعما إذا كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جادًا في تحقيق السلام أم لا؟، قال الهباش : إنّ "كيري جاد ويريد تحقيق السلام ولكن هل سيستطيع؟!، عليه أن يسأل الإسرائيليين الذين أفشلوهم مرة بعد مرة فمرجعية السلام معروفة وهي اتفاق على حدود 67 ودولة فلسطينية تعيش في أمن وسلام إلى جانب إسرائيل، مضيفًا "نحن لسنا تحت سطوة سيف الوقت ولم نخاف من المستقبل فنحن في هذه الأرض قبلهم وسنظل فيها بعدهم".
وحول ما أعلنته صحيفة (العرب اليوم) الأردنية مؤخرًا عن أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد خلال اللقاء الذي جمعه مع رئيس وأعضاء مجلس الشئون العربية والدولية بعمان الشهر الماضي أنه سيتنحى تماما في حال فشل كيري في تسويق خطته لدى الإسرائيليين، قال الهباش : "أعتقد أن المغزى الذي أراد الرئيس عباس توصيله هو أنه لا يمكن الاستمرار في لعبة السلطة بلا معنى وأنه لا يمكن أن يكون رئيسا لسلطة لا سيادة لها سواء على الحدود أو معابر أو المياه أو الأجواء أو الأرض أو الطرق".
وأضاف "إننا قبلنا بالسلطة الفلسطينية منذ 20 عاما كفترة انتقالية ولن تستمر إلى الأبد وإذا لم يتحقق السلام ، فإنه يتعين على إسرائيل أن تتحمل مسئوليتها القانونية كدولة احتلال من تعليم ، صحة ، طرق ، إنشاءات ، بيئة، وبنية تحتية وألخ".
