لفت انتباهي خلال هذه الأيام العديد من التعليقات التي تداولها الشباب الفلسطيني على صفحات التواصل الاجتماعي أو خلال محادثاتهم الفردية حول تشكيل حكومة التوافق من المستقلين أي حكومة التكونقراط، كما أنه شوهد حراك خفي يقوده عدد من المستوزرين لتسويق أنفسهم ليكونوا وزراء في حكومة المستقلين، وهمس العديد من الطامحون لهذا الموقع لأصدقائهم المقربين بالقول "لو كنا مستقلين لأصبحنا في الحكومة القادمة"، بالطبع الطموحات كبيرة لدى البعض بأن يصبح وزيراً ليس من أجل الوطن ولكن من أجل الراتب الذي يتقاضاه والذي يبقى يتقاضاه حتى بعد انتهاء مهامه كوزير وفقا للقانون وكما أعضاء التشريعي ويذهب لورثته بعد الممات، فالراتب يؤمن له وللأبد حياة مستقرة في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة على حساب قوت هذا الشعب المسكين، ولكن كل هذه الطموحات العريضة والأحلام المجيدة لا تسندها أي رؤية موضوعية للواقع المحيط، أو قراءة عقلانية لآليات عمل الحكومة القادمة، لأن عمل حكومة الوفاق الوطني في حال الاتفاق عليها سيستمر حتى اجراء الانتخابات القادمة في موعدها المحدد لينتهي الانقسام السياسي والجغرافي الذي يمثل تاريخاً اسود في حياة الشعب الفلسطيني، ولكن يبقي والسؤال الأهم، هل ينجح المستقلون من خلال دورهم وافكارهم في قيادة هذه المرحلة الحساسة؟؟
ولو أخذنا دور المستقلين من ناحية تأثيره خلال الانقسام، أقول أنه يفتقر إلى التأثير القوي الضاغط على كل الأطراف، نتيجة قلة عدد الأعضاء المستقلين سواء في المجلس التشريعي أو على الأرض، وبالرغم من ذلك أعتقد أن دور المستقلين مهم جداً على الأقل باتجاه إظهار مواقف وسطية ومتوازنة في ظل أجواء المصالحة لأنهاء الانقسام، بعيداً عن لعب أي دور من شأنه أن يعمق ذلك، ولما الغالبية من الشعب الفلسطيني لا تجد تمثيلها الحقيقي إلا من خلال المستقلين بعد ان وصلت الخلافات والصراعات الحزبية لمرحلة لا تراعي فيها قداسة دورها النضالي واحترام دم شهدائها، كما أن الاطراف الحزبية القائمة ليست حريصة على دور قيادي وواضح واساسي للمستقلين وإنما دور المستقلين في هذه الفترة محدودا كمخرج من أزمة قائمة، وهذه فرصة تاريخية للمستقلين ليرى فيهم الشعب الفلسطيني خياره بعد ان سئم من التجاذبات الفصائلية، وفشل الجميع في تبنى هموم الشعب الفلسطيني، وبالتالي ليس غريبا ان يكون هناك دورا ومساحة للمستقلين في هذا المجتمع ذي اللون الواحد فتح أم حماس.
وإذا كان البعض يبحث أن يكون مستقلا هذه الأيام غرض ما في نفس يعقوب، فليس هكذا تأكل الأبل، فالشعب يتطلع الى نجاح المصالحة والدور الجديد الذي سوف يلعبه المستقلين، ومع ذلك هنالك إشكالية كبيرة في تنفيذ هذا الأمر تتمثل في كيفية اختيار المستقلين، فإذا ما تم ترشيحهم من قبل الكتل السياسية أو من قبل الأطراف المتخاصمة أو من أية جهة كانت فإن الأمر لا يختلف عن الوضع الحالي لأن تبعيتهم ستبقى للجهات التي رشحتهم، نريد حكومة تكنوقراط حقيقية من أسماء معروفة للجميع لها دور بارز وملموس على أرض الواقع، لا ان نستيقظ على تحقيق طموح فلان وعلان وتنفيذ رغباته وتحقيق أحلامه، لذلك نريد قيام حكومة فنيين أو بمعني أدق متخصصين لأن المهام كبيرة والمسئوليات كثيرة.