واجهت فلسطين وشعبها منذ القرن الماضي, وضعاً خاصاً وتحديات مختلفة تمثلت بالحركة الصهيونية والمشروع الصهيوني الذي بدأ عام 1907 من خلال موجات الهجرة الحاقدة لتغيير الواقع الديموغرافي وبمحاولة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية بكل أشكال التآمر والخديعة ومحاولات التأثير والاحتيال على إمبراطورية الدولة العثمانية, لكن الشعب الفلسطيني دافع بكل بسالة وبما توفر لديه من إمكانيات عن حقه التاريخي ودافع عن هويته وكيانه وانتمائه وملكيته التي اغتصبت منه بفعل الهجمة العنصرية التي استهدفت اقتلاعه من أرضه ولكن الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل كرست وتمسكت بحقها في وطنها وفي أرضها, فالحق لا يضيع بالتقادم أو بمحاولات التطهير العرقي وبجرائم الحرب المتواصلة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.
لقد كان قرار التقسيم 181 الذي صدر عام 1947 هو بداية النكبة للشعب الفلسطيني, فالأرض الفلسطينية تقسم إلى دولتين بدون وجه حق ورغماً عن أصحابها الأصليين وملاك الأرض الشرعيين, صادقت الجمعية العامة على هذا القرار والذي قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية, وبالتالي فإن مصادقة الجمعية العامة على قرار التقسيم, يعطي هذا القرار طابعاً ملزماً لتنفيذه من قبل جميع الدول, ولكن نفذ الشق المتعلق بدولة يهودية, وبقيت الدولة الفلسطينية العربية حبراً على ورق, ليس ذلك فحسب بل تم اقتلاع وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه في عملية تطهير عرقي منظمة ومدبرة قامت بها العصابات الصهيونية المسلحة, حيث تؤكد المعطيات والشواهد التاريخية أن عملية التهجير القسري للفلسطينيين عن وطنهم كانت مدبرة منذ زمن طويل, توجت بإعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948 على أنقاض الشعب الفلسطيني, بعد عمليات القتل والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين.
لم تكن نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 والتي تم فيها طرد 400 ألف فلسطيني من أرضهم وقراهم هي النكبة الوحيدة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني, فقد تلاها نكبة أخرى تم فيها تهجير واحتلال ما تبقى من أراضي فلسطين في عام 1967, لتعبر عن مأساة كبرى للشعب الفلسطيني حيث قامت إسرائيل بتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة, فضلاً عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقاءهم داخل نطاق الأراضي التي تخضع لسيطرة إسرائيل, وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1300 قرية ومدينة فلسطينية
وتشير البيانات الموثقة أن الاسرائيليين قد سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة, وقاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية, كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين, وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
حيث لم يقف عدد الشهداء عند هذا الحد, فقد تشير البيانات الاحصائية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بمناسبة الذكرى السنوية السادسة والستين للنكبة, إلى أن عدد الشهداء منذ بداية انتفاضة الأقصى خلال الفترة 29 / 9 / 2000 وحتى 31 / 12 / 2013 بلغ 7822 شهيداً.
كما تشير بيانات وزارة شؤون الأسرى والمحررين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ العام 1967 وحتى مطلع نيسان/ إبريل 2014 حوالي 805 آلاف فلسطيني.
تأتي الذكرى السادسة والستين للنكبة, في ظل اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس (اتفاق الشاطئ), لذا يتطلع الفلسطينيون إلى التخلص من أخطر نكبة تعرض لها الشعب الفلسطيني وهي نكبة الانقسام الفلسطيني التي دخلت عامها السابع.
لذا نأمل أن تشهد الأيام القريبة الخطوات التنفيذية لبنود المصالحة والاعلان عن تشكيل حكومة الكفاءات الوطنية وأن تكون قادرة على تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات وإعادة الوحدة بين شطري والوطن وأن تعمل على تلبية طموحات الشعب الفلسطيني.
وأخيراً نقول نحن باقون في أرضنا .. عائدون إلى ديارنا .. حتى حصولنا على حقنا في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ..
بقلم /رائد محمد حلس
كاتب وباحث اقتصادي
غزة – فلسطين