لا يمر في الأغلب أسبوع، وفي بعض الأحيان يوم، إلا ونجد شريطا أو أشرطة، تصور عملية أو عمليات إعدام بالرصاص أو ذبح للناس بالسكاكين كما تذبح النعاج.
هذه الظاهرة ابتدأت بشكل عملي "واسع" على إثر الاحتلال الأمريكي للعراق، و صارت تتنامى بشكل كبير مع الانتشار الهائل للانترنت، إلى ان وصلت إلى ما هي عليه الآن، خاصة مع بداية الأحداث في أكثر من دولة عربية فيما صار يسمى "الربيع العربي".
وحيث أصبح بإمكان أي كان ان يقوم بتصوير وتوثيق ما يصادفه من أحداث، خاصة مع توفر الأجهزة المتطورة والذكية بين أيدي الجميع، بحيث أصبح أي حامل لهاتف ذكي، ومع توفر خط للانترنت، ان يقوم بتسجيل وبث أو نشر ما يشاء على الشبكة العنكبوتية.
هذا الانفتاح والسهولة في الحصول على الصورة والتقاط الحدث ونقل الأخبار وتناقلها، كان من الممكن أن يتم بصورة فيها من الايجابية أكثر مما تحمله من سلبيات، تسهم عمليا في تشويه الكثير من المفاهيم والقيم، وتسيء بشكل غير مسبوق إلى مبادئ الإسلام السامية والداعية إلى تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية.
إن اللافت في اغلب ما يتم نشره، هو تلك "الأفلام أو المقاطع" التي تصور حالات الذبح البشعة، أو حالات الإعدام غير المبررة، والتي تعكس عقلية منحرفة مريضة، لا علاقة لها بأي من القيم الدينية أو الإنسانية.
عمليات القتل وكل الممارسات البشعة التي يتم نشرها، تكون في العادة مصحوبة بصيحات التكبير والتهليل، وتعكس حالة من "الانتشاء" في أجواء المكان الذي تتم فيه المجزرة.
غريبُ هذا الأمر، ان الكثير من الأسباب التي يتم سوقها لعمليات "القتل"، سواء كانت بإطلاق الرصاص من مسافة صفر على رؤوس الضحايا، أو جز الرقاب بسكاكين قد لا تكون صالحة لذبح الخراف، هي تبريرات واهية ضعيفة ومتهالكة، لا تبرر هذه البشاعة في ممارسة القتل.
إن كل عملية قتل تتم باسم الإسلام، ويتم فيها استخدام اسم الله سبحانه في كل "غزوة" من غزوات هؤلاء المدعين الدفاع عن دين الله، إنما يسيئون إلى الإسلام، ويحطون من قيمه ومبادئه السمحة، التي تدعو إلى التسامح والعدل والسلام، وان كل ممارسة باسم الله في كل غزوة من هذه الغزوات، إنما تعيدنا إلى غزوة مانهاتن ضد برجي مركز التجارة، التي لم تجلب على الأمة سوى المصائب والكوارث التي لا زالت آثارها في العراق وأفغانستان ماثلة أمامنا.
مع تزايد هذه العمليات البشعة، خاصة في سوريا، ومع "الاحتفاليات" التي تصاحبها، وما يصاحبها من "تلذذ" وتكبيرات باسم الله، تجعلنا نتوقف للتساؤل، لمصلحة من تتم مثل هذه الفظائع؟، وهل هذا يعكس الفهم الحقيقي للجهاد وما ينادي به الإسلام؟، ألا يوجد بين هؤلاء رجل رشيد يعمل على منع مثل هذه الجرائم، ووقف مثل هذه الإساءات للإسلام ولاسم الله؟.
عمليات القتل البشعة، والتمثيل في الجثث، لا يمكن ان تكون ممارسة إنسانية، فما بالك حين تتم باسم الله الذي من صفاته الرحمة والسلام والعدل، فأين هؤلاء من صفات الله ومبادئ الإسلام؟ وكيف سيخدم هؤلاء الإسلام بمثل هكذا ممارسات؟ ان الدين بريء مما يفعلون، والإسلام براء مما يقترفون، والإنسانية أيضا، والله بريء مما يعملون.
19-5-2014