في نهاية الحرب العالمية الثانية أراد اليابانيون حرمان الألمان من الأدوية المسكنة من أصول أفيونية، وتم تخصيص عدد كبير من الجيش وكافة المعدات والطائرات لحراسة مزارع الأفيون على طول البلاد، حتى قيل أن الجنود اليابانيون أنفسهم قد تم حرمانهم من الدواء نفسه أو لم يحصلوا منه على كفايتهم أثناء الحرب، ولكن الصيادلة والكيميائيين الألمان لم يستسلموا لهذا الحصار الدوائي، فقاموا في مصانع الأدوية بعمليات التجريب للعديد من الأدوية المخدرة حتى تم اكتشاف دواء هام جدا لازال حتى اللحظة يستخدم منذ 1939 وقد كان يستخدم كمسكن للتقلصات واكتشف أنه يحتوي على قدرة تسكين قوية تقل قليلا عن قوة المورفين، إنه دواء البثيدين، وبذلك استطاع الألمان إكمال الحرب ومد الجنود بهذه الأدوية القوية التسكين والتي تخدم إجراء العمليات الجراحية ، واستمر المصنع في دورة إنتاجه القصوى حتى العام 1945م حيث انتهت الحرب وهزم الألمان، وتكبدت هذه المصانع الخسائر الجسيمة مما أدى إلى إغلاق الكثير منها، في المقابل عانى أكثر من مليون نصف مليون ياباني من الإدمان واستمر علاجهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع لسنوات طويلة .
جئت بمقدمة مقالي لأقول أن البدائل قد تكون موجودة بين أيدينا ولكننا نحتاج الى العقول والإرادة التي تستطيع أن تبدع فيما هو موجود وتحوله الى قوة حقيقية، وهناك حقيقة تقول أنه ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻨﺎﻓﺲ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻄﻮر، والتطور هنا هو القدرة على البقاء برغم كل المؤثرات المحيطة بنا سواء كانت داخلية او خارجية او حتى من صناعتنا الداخلية " النفس" .
الحاجة أم الاختراع، والتنافس يولد الإنتاج، وهنا علينا أن نضيف عامل هام، وهو أن اعتمادنا على النتائج بدون تخطيط لا يمكن أن تمكننا من اجتياز الأداء إلى الإبداع، فلا يوجد إبداع بلا تخطيط ودراسة ومثابرة وعمل مستمر ومواجهة الصعاب ومعالجتها والبناء وفق خطة استيراتيجية وخطوات تكتيكية على طريق الوصول إلى الهدف الأساس .
الإنسان يحتاج إلى حافز، والقائد يوجد هذا الحافز حتى من الفراغ، والإنسان صاحب المهارات والذكاء والحكمة والذي يتمتع بصفات إدارية متقدمة أو قيادية واضحة، يجب أن يصل إلى إرضاء ذاته لكي يمكنه أن يعطي الآخرين ويتفهم حاجياتهم، فلا أصدق أن إنسان مهزوز في داخلة مهتريء في إرادته، يستطيع ان يبني أو يرسم برنامج ويمارس العمل القيادي الناجح والسليم .
لقد اختصر الألمان الحاجة الطبية والنفسية الماسة للمسكنات وتوصلوا إلى اكتشاف وصناعة البثيدين ، ويختصر أي إنسان معركته في كل ظروفه والتحديات حين تجتمع فيه قوة العقل مع اتزان العاطفة، ويبتعد عن التصرفات المبنية على ردود الأفعال الغير مثمرة، وفي النهاية يشهد ويسجل التاريخ مجريات الأيام والأحداث بغض النظر عن النتائج النهائية .