المسلكيات الحركية اتجاه وسلوك ..

بقلم: مازن صافي

منذ سنة كاملة، تشرفت بتكليف من عضو اللجنة القيادية "سابقا" وسفير دولة فلسطين الحالي في الجمهورية اليمنية الأخ المناضل الكبير والدبلوماسي الدمث الأخلاق دياب اللوح " أبو النمر" الذي يتمتع بالسمات القيادية التي تبهرك في اللحظات الأولى التي تجلس فيها أمامه، ويزداد اقتناعك به وهو يتنقل معك من فكرة على فكرة من حوار الى آخر، وبل انه يزرع فيَّ أفكار لم تكن في مخيلتي يوما، فلقد قال لي يوما : " يمكنك يا مازن أن تكتب المسلكيات الحركية في قالب تنموي جديد" وقبل أن أجيبه، قال لي مبتسما: يمكنك ذلك . وبعد عدة أيام كان سلمني تكليفي في وحدة الثقافة في المجلس الإعلامي المركزي في مفوضية الإعلام والثقافة، موقعا من الأخ الدكتور زكريا الأغا مفوض التنظيم بقطاع غزة وقد كنت مفوض الإعلام في إقليم وسط خان يونس ، وعكفت منذ ذلك الوقت على كتابة حلقات أختار عنوانها الأخ المناضل أبو النمر : " المسلكيات في الثقافة الذاتية والحركية"، ومستمر حتى اللحظة حيث وصلت إلى الحلقة 27 وقد عرضت الحلقات الأولى على المفكر الكبير والرائع الأخ المناضل بكر أبو بكر عضو المجلس الثوري لحركة فتح، وقد شجعني على الاستمرار في الكتابة وتبنى نشر كافة الحلقات كما وعدني بأن يكتب مقدمة الكتاب الذي أنوي ان يكون بنفس الاسم حين أنتهي من الحلقة المائة ان شاء الله .
وكما قام الأخ والصديق المناضل زاهر أبو حسين المدير الإعلامي في مفوضية العلاقات الوطنية باللجنة المركزية الذي قام بنشرها تباعا في موقع العلاقات الوطنية، وكذلك قام الأخ د. جهاد البرق بنشر الحلقات المنشورة وإرسالها إلى عدد من أقاليم الشتات ومنها الأردن ولبنان، وكما قام العديد من الأخوة في المواقع الإعلامية بنشر الحلقات .
ما دعاني لكتابة مقدمة مقالي هذا، هو ذلك قناعتي بأهمية وضرورة التحديث في الإرث الثقافي لحركة فتح، وبحيث يكون مواكبا لتغييرات العصر بما يشكل التقنيات الالكترونية وتنوع وسائل الإعلام، وطبيعة الأخوة واهتماماتهم المختلفة، وكذلك اختلاف البيئة الحركية اليوم عن عشرات السنوات السابقة. وفي نفس الوقت يجب ان يترافق هذا مع التطبيق الفعلي لهذه المواد الثقافية والتثقيفية الحركية، بحيث لا تصبح مجرد نظريات وكتب مكدسة بلا قراءة، بل يجب ان توزع في كل دورة او تدريب حركي مهما كان بسيطا او موسعا، فالتثقيف الذاتي واجب بل فرض على كل عضو في حركة فتح وكما ينص عليه النظام الأساسي للحركة .
وكثيرا ما كنت أسمع واقرأ التعليقات، أنني أكتب بمثاليات لا وجود لها اليوم، وتنكر لأي جدوى من النشر ومن الاستمرار في كتابة الحلقات، وكنت دوما أقول، هذه سلبيات ترونها من داخلكم، حدثوني عن إيجابيات ولو واحدة ، وان لم تستطيعوا ، فانا اكتب لأولادي الصغار الذين يوما ما سيجدون هذه الحلقات وربما يستفيدوا منها، وأنا على يقين من حدوث ذلك، والدليل أننا نقرا كثير من الكتب والمنشورات التي سبق وان نشرت قبل عشرات السنوات، ونجد في بعضها مطابقة مع واقعنا اليوم .
لن أتوقف عن الكتابة، ولن يسكت قلمي ، ولن يجف الحبر، طالما رزقني الله بالحياة وبالقدرة على الفعل، فهذه الملكات يسخرها الله لنا ويسخر ما نكتب لغيرنا، وأما عن الفائدة كما ذكرت فلن تكون مقيدة أو مرهونة باليوم، علينا أن نستمر بلا توقف، وهكذا كان دوما ينصحني سعادة السفير أبو النمر حفظه الله .
وقناعتي أن غريزة المقاتلة التي تولد معنا، تتمثل في كتابة مقال او قراءة كتاب او كلمة تقال بحيث يكون منها الفائدة، فمن يقول أن المداد المكتوب يجف، فهو لا يعرف الحقيقة، ومن يعتبر الكتابة هدر للوقت، فهذا هروب من التثقيف الملزم، ونصيحتي لكل الزملاء أن من يجد في نفسه القدرة على الكتابة فليكتب، حتى لو كان هو القارئ الوحيد لما يكتب، وليستثمر طاقته في القراءة والتزود من الكتب المختلفة والاتصال والتواصل مع المفكرين بحيث تتكون لديه أفكار متجددة وخبرة راقية، والقدرة على مناقشة ومعالجة القضايا المختلفة، والتراكمات عبر الأجيال، والدخول إلى كافة المجالات التربوية والثقافية الحركية، و السياسية والاجتماعية، وأعماق الإنسان وعوامل النجاح والفشل والتفوق والإبداع .
مسؤولية التثقيف أمانة، وأنا هنا أتشرف أنني اكتب وسأستمر سواء كان هناك تكليف أو لا يوجد، وسواء كانت هناك حاضنة للنشر أو لم تكن، وسواء وجدت الأوراق البيضاء أو لا يوجد، سأستمر لأنني عاهدت الله أن أعطي ما منحني من ثقافة وقدرة على التعمق في القراءة والتحليل والتنوير وتطويع المسلكيات العظيمة التي حفظناها صغار لأكتبها في قالب ومزيج من التنمية البشرية والعلوم الإدارية والقيادية والسلوكية الحديثة، أو كما سماها أخيرا الأخ د. حسن أحمد مفوض الإعلام والثقافة في قطاع غزة بــ" اتجاه وسلوك" .
أحاول أن أزيد ثقافتي، وما أن أنتهي من كتابة حلقة حتى أعيد قراءتها والتعمق فيها ووضع الملاحظات والنقاشات، استعدادا للحلقة التالية، وستبقى الحلقات القادمة كما المنشورة لإبراز قيم المجتمع التي تزرعها حركة فتح في وجدان وسلوك وتصرفات واتجاهات أعضائها، ووسيلة للتواصل والاتصال والارتقاء نحو الأفضل .
[email protected]