ترفع المعاقة حركيًا نور إرشي 28 من سكان مدينة دير البلح وسط قطاع غزة كلتا يديها برشاقة للأعلى متبسمة وتحدق عيانها تجاه الفريق الخصم، كي تلقف كرة الطائرة التي ترمي بها إحدى فتيات الفريق وتدفعها عن ساحتها لتحرز هدفًا لصالح فريقها.
ونجحت إرشي التي تمثل كابتن الفريق بصد كثير من الكرات التي ألقى بها فريق الخصم بقوة نحو فريقها، وبدا عليها متحمسة للعب لفترة أطول، لشعورها بالاندماج والسعادة وهي تلعب بروح الفريق مع زميلاتها المعاقات حركيًا.
وتشارك إرشي بجانب نحو أحد عشر فتاة أخرى من فئات عمرية مختلفة في المباراة التي تعتبر بمثابة إعلان عن انطلاق أول فريق "طائرة الجلوس" داخل نادي الاتحاد العام للمعاقين في المحافظة الوسطى.
طموح وتطلعات
وتقول بعد انتهاء المبارة: "نحن نشارك بهذا الفريق لنقول للعالم خاصة مجتمعنا الفلسطيني، أنا المعاق هو ليس معاق السمع والبصر والحركة، بل معاق التفكير والإبداع، وما مشاركتنا باللعبة لهو خير دليل على كسر ذلك التصور تجاه المعاق".
وتضيف "الرياضة تشكل عذاء الروح للإنسان، ولا بد من ممارستها، ومن حق المعاق اللعب والمشاركة بمختلف الرياضات"، مشيرة إلى أن مشاركتها باللعب بأول فريق كرة جلوس، شكل لها نقلة نوعية بحياتها، وجعلها تجسد مستقبلاً أجمل وأفضل لها ولزملائها الذي يشعرون شعورها".
وتتابع إرشي "تجمعنا رغم الألم الذي نعيشه كمعاقين بهذا الفريق، ونلعب سويتًا بروح الفريق، ونتعامل مع أصدقاء جُدد، ونلعب كفريق متعاون متكامل، وهذه أبلغ رسالة للعالم بأن لنا قدرات وإبداعات وطموح كما الأسوياء وزيادة".
وعبرت عن أملها بأن تجد من يهتم بهم ويرعاهم ويوفر لهم نادي خاص، ومدربين لأنهم بحاجة لمزيد من التدريب حتى نصبح فريق يمثل فلسطين أمام العالم، مشيرة إلى أن المعاق يعاني من عدم اهتمام واستغلال واضح حتى أن بعض مؤسسات تستغلهم، لذا وجب الوقوف معهم.
وقابلنا بالفريق الخصم المعاقة سارة النجار 50 عامًا عام من سكان مدينة دير البلح وهي تجلس على كرسيها المتحرك وتقول متبسمة : "أشعر وكأنني لستُ معاقة، ومتحمسة جدًا للعب وتحقيق الفوز بهذه التجربة المميزة من نوعها لنا كفتيات معاقات حركيًا".
وتشير النجار إلى أنها تُحب لعب كرة الطائرة ومعظم الرياضة وتمارس لعبة التنس منذ سنوات وتجيدها بجدارة، وتتمنى أن يكن لها مستقبل بتلك اللعبة، وأن تجد حاضنة لتلك اللعبة الفريدة من نوعها لمجموعة فتيات يطمحنَ بمستقبل واعد، يعكس إرادتهن في التحدي والصبر والصمود والإبداع".
احتياج لدعم
من جانبه، أوضح رئيس الاتحاد ونادي المعاقين بالمحافظة الوسطى مازن بشير لـ مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" إلى أن هذا الفريق هو الأول من نوعه على مستوى فلسطيني، وسبق وأن تم تشكيل فريق مماثل قبل عامين من الذكور وشارك في بطولات عديدة وحاز على المركز الثاني على مستوى القطاع".
وأشار بشير إلى أن الهدف من تشكيل الفريق هو تفريغ طاقات هذه الفئة المهمة المهمشة بالمجتمع، وهي فئة "الفتيات" التي تختلف نفسياتهم عن الشباب المعاقين، وإبراز دورها وقدراتها، وصولاً لتشكيل فريق مميز يضم فتيات مبدعات يمثلنّ فلسطين على مستوى العالم".
وأضاف "نحاول أن نرتقي بهذه الفئة لنثبت للمجتمع ولكل العالم أن الإعاقة لن تحد من الإبداع والتفوق، وأن لهم حقوق كما المجتمع، ويجب تفعيل قانون (4) لعام 1999م الذي يكفل الحياة الكريمة لكل معاق، لأن حقوقًا كثيرة مهدرة ولا يلتفت لها أحد وكأن المعاق ليس جزءًا من المجتمع".
وبين إلى أن هو من يدرب الفتيات وتتمثل فكرة اللعبة باللعب ككرة السلة التي يمارسها الأسوياء لكن تمارس واللاعبات جلوس كونهنّ مُعاقات حركيًا يتم خفض مستوى الشبكة لتلامس الأرض حتى تمرر الكرة من فوقها دون عائق، والتمرين مرة كل أسبوعين".
ولفت إلى أن تشكيل الفريق وتمويله بتمويل ذاتي ونادي التدريب ليس ملكًا للاتحاد بل يتم منحة من قبل نادي المعاقين، مطالبًا بتوفير نادي وإمكانيات للفريق ورعاية من قبل الجهات الرسمية المعنية بشئون المعاقين، وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة والتعامل معهم كمنتجين وليسوا مستهلكين وفتح مراكز تأهيل بجميع المجالات..ِ".
تصوير/ عبد الرحيم الخطيب