بعد تيقن المجتمع الدولي بموقف الكيان الصهيوني المتعنت الذي لا يبدي أي مرونة في عملية التسوية الجارية بينه وبين وفد السلطة المفاوض واستمراره في انتهاج العنصرية والغطرسة ضد الفلسطينيين والاستمرار في الاستيطان الذي ينخر جسد فلسطين في الضفة الغربية والقدس و امتناع الكيان عن الإفراج عن صفقة الأسرى ما قبل أوسلو الأخيرة ، تصاعدت النداءات الأوروبية الرسمية والشعبية مطالبة بضرورة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل كوسيلة للضغط على الكيان من أجل تغيير موقفه المعرقل للمفاوضات ولأجل دفع عجلة المفاوضات للأمام، ويمكننا أن نشير إلى نتائج استطلاع أجراه معهد "جيوغرافي" الإسرائيلي الذي بين أن حوالي 67% من الإسرائيليين يعتقدون أن المقاطعة الاقتصادية التي تهدد بها عدد من الدول الأوروبية ضد "إسرائيل"، ستضر بعائلاتهم بشكل أو بآخر.
إن الكيان ينظر إلى هذه النداءات بعين القلق والتراشق الإعلامي الذي أصبح واضحاً بين قيادات ووزارات الكيان حيث حاولت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقليل من آثار المقاطعة الاقتصادية، وقال المتحدث باسمها يغئال بالمور "هذه عبارة عن ضوضاء مزعجة لا أكثر"، وادعى أن التأثير الاقتصادي للمقاطعة تافه، لكن هناك مسؤولين في وزارة الخارجية نفسها هاجموا وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني قائلين "إن تصريحات أطلقتها ليفني تحرض على مقاطعة إسرائيل".
مكتب ليفني رد فوراً على انتقادات وزارة الخارجية من خلال القول: " إن هناك عددا من القادة الإسرائيليين يسيرون وفقاً لسياسات النعامة [دس الرأس في الرمل] التي ينتهجها مسؤولون لا يذكرون أسماءهم تهدف إلى خدمة أولئك الذين لا يريدون تسوية سياسية. من حق مواطني إسرائيل أن يكف هؤلاء عن الكذب عليهم، وأن نقول الحقيقة: بدون تسوية سياسية هناك خطر على اقتصاد إسرائيل. وعلى القيادة أن تتكيف مع هذا الواقع، وأن لا تخفيه وتكتشف يوما ما أن الوقت متأخر جدا".
ليفني خلال تصريحات شخصية في جلسة الحكومة الإسرائيلية ردا على الاتهامات قالت: "إن من يشجع مقاطعة إسرائيل دولياً هم أولئك المصرون على البناء في المستوطنات فلنقل الحقيقة، الذين يصرون على البناء وعلى تشجيع الاستقرار في مستوطنات معزولة هم الذين يشجعون المقاطعة الدولية ضد إسرائيل"، ومن جانب آخر هناك قلق صهيوني من توثيق العلاقات الإقتصاديّة مع الصين لأنه يشكل تهديداً للأمن القومي الصهيوني،حيث إنّ الانفتاح الصيني يأتي في وقت تظهر فيه دعوات مُتزايدة في أوروبا لمُقاطعة "إسرائيل"، معتبرةً أنّ دور الصين في "إسرائيل" ينمو سريعاً رغم مخاوف الصهاينة من فقدان سيطرتهم على أصول إستراتيجيّة. وعبّرت محافل إسرائيلية عن قلقها من قيام الصين بشراء حصة مُسيطرة في أكبر شركة للصناعات الغذائيّة في "إسرائيل"، لأنّه يُحقق قفزة أوسع نطاقاً للاستثمارات الصينية في اقتصاد مُرتبط بشكل كبير بالأسواق الغربية، مشيرةً إلى أنّ الصفقة تتيح للصين الاستفادة من خبرة تكنولوجيّة متطورة، فيما ستفتح أمام "إسرائيل" سوقاً ضخماً ومَصدراً للتمويل.