نثق بأن حكومة التوافق الوطني تؤسس لفهم مجتمعي متقدم، وتخرج من ثوب الانقسام الأسود إلى فضاء الوحدة والمصالحة الناصع والمضيء، وهي حكومة ستقود إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية ومرورا بعودة الحياة الطبيعية للناس .. وهذا المشروع الوطني هو امتداد للأهداف الاستيراتيجية والمرحلية لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي نقلت الكيان الفلسطيني من السلطة الفلسطينية إلى دولة تحت الاحتلال " عضو مؤقت" .. وبالتالي فإننا على ثقة أن هذا المشروع " حكومة التوافق" ستحقق النتائج المُرضية، كونها جاءت بعد حوارات ولقاءات ونقاشات واختلافات واتفاقات وسفر وقنوات ووسطاء، وولدت فوق الأرض الفلسطينية، ومن قلب غزة التي عانت من الانقسام وتداعياته، فأصبح كل شيء فيها قسمين، واليوم نحن بحاجة الى التخطيط المدروس والشامل وتوخي كل بنود المعالجة الصحيحة وتوفير إمكانيات التنفيذ والتطوير ..
إن الوطن أوسع من مساحة الحاجات الخاصة للفرد، والنظرة الموضوعية أكثر رحابة وإيجابية من ضيق النظرة .. وفي نفس الوقت لابد من الدراسة الشمولية وقراءة المعطيات والمعلومات بشكل علمي ووطني ووحدوي .. للوصول الى استعادة حيوية الجميع وقدرتهم على البناء المشترك .. وكل عمل له ناظم ويخضع للنظام، فالناظم هو المرشد والمنفذ والمخطط والنظام هو الفيصل والحكم والقاضي ..
إن حكومة التوافق الوطني وهي تحظى منذ إعلانها بالقبول الدولي، وتلقت الإشارات الايجابية، تتخطى بذلك القبول المعضلة الكبرى، وتتأقلم بالمتغيرات، وتقف صامدة وقوية أمام التهديدات والعنجهية الإسرائيلية، فنحن لا يمكن أن نتصور أن الاحتلال المستفيد الأكبر من الانقسام، يمكن أن يكون الداعم الأكبر للمصالحة، بل أن أبسط التوقعات تقول أنه سيمارس عدوانه الإعلامي والسياسي والاقتصادي والعسكري، لإجهاض المصالحة وإفشال الخطوة الأولى الهامة وهي حكومة التوافق الوطني.
إن المستوى الاستراتيجي العام والمتمثل في الترحيب الأمريكي والأوروبي والروسي والعربي والمحلي بحكومة التوافق الوطني، يؤسس لنا الآلية التي يمكن أن تتبع لخوض المعركة مع الاحتلال على المستوى الدبلوماسي والمنظمات الدولية، ولا يمكن ترك حكومة التوافق أن تخوض هذه المعركة منفردة والكل يقف متفرجا على ما يحدث، بل على جميع الفصائل والقوى وكل فئة وطبقة ونقابة ووزارة وتجمعات أن يساهم في الانتصار الوطني على تهديدات المحتل الظالم، وآخرها ما ورد في الخطة الأمنية والاقتصادية والإعلامية الإسرائيلية لإفشال المصالحة وحكومة التوافق.
ونرى أيضا أنه على جامعة الدول العربية والإسلامية ومنظمة العمل الإسلامي ودول التعاون الخليجي والدول الصديقة والداعمة للحق الفلسطيني والإنساني أن تساهم في دعم برامج الحكومة، ورفع مستوى القدرة على معالجة الأزمات الناجمة عن تداعيات سبع سنوات من الانقسام البغيض .
وعلى مستوى المواطن الفلسطيني سواء في الداخل خاصة او في الخارج عامة، ان يكون على قناعة تامة أن هذه الحكومة هي شمعة وسط الظلام، فالمطلوب اليوم العطاء والمشاركة، و المتابعة المستمرة وتحسين الأداء والتنشيط الفردي وصولا إلى الإنجاز ..
إن حكومة التوافق الوطني هي حكومة الكل الفلسطيني، وبالتالي نجاحها وتقدمها مسؤولية الجميع على كافة مستويات الكل الفلسطيني.