المعركة الأخيرة لانزواء الدور القطري في فلسطين منوطة بالإجابة على سؤال ، هل تستطيع مصر سحب البساط القطري من فلسطين؟
نقول كانت قطر ترسخ أقدامها مبكرا في فلسطين على حدود مصر ولم ينتبه الكثيرون إلا بعد اكتمال حلقات الحصار على مصر من كل الجهات حين أفاق المصريون قبيل الخروج من الفوضى الخلاقة بثورة السيسي بقليل.
في عام حالك حكم فيه الاخوان المسلمين كانت قطر تتربع على عروش الفوضى في ليبيا وتونس والسودان وفلسطين وتدير دفة حكم الاخوان في القاهرة وجيرانها.
قطر والإخوان فاجأتهم الضربة القاضية بانفجار الصندوق في أقوى نقطة محمية فيه كما تصوروها وفي مركز الاخوان بالقاهرة وانهارت القلعة "المركز" بأسرع مما تصوروا في وقت انعدمت فيه نسبة التنبؤ بالزلزال المصري ضد الاخوان إلى دون الصفر بدرجات.
انكفأ المد الإخواني في تونس في محاولة للتأقلم والتقية من آثار الزلزال المصري وارتداداته وامتدت ارتدادات الزلزال المصري إلى ليبيا قبل قليل من تربع قائد الثورة المصرية على عرش مصر عبر صندوق الانتخابات المصرية فكانت هبة الكرامة بقيادة حفتر التي تحولت لانتفاضة "الوطنية الليبية" في مواجهة جماعات الاسلام السياسي بعدما انفض الشعب الليبي من حولها وشكل لها حفتر بثورة الكرامة أملا جديدا سيكبر وينتصر باستتباب النظام الجاري في مصر الجديدة.
ولأن السودان له وضع خاص جدا ارتبك نظام البشير الإخواني الاسلامي المدعوم من قطر في السودان بعد فقدان الجنوب واتهام السودانيين للبشير أي الاخوان بالتفريط في التراب السوداني والآن يستشعر البشير بالخطر من الوطنيين بعد محاولات الشعب السوداني الاحتجاج والانتفاضة وأخيرا بدأ النظام بالارتباك فاعتقل ويعتقل رموز المعارضة وستتفاعل الحالة السودانية بارتدادات الزلزال المصري في القادم من الايام للتخلص من نظام البشير.
أما في فلسطين فقد كان تحصيل حاصل بأن السقوط قادم لجماعة الاخوان في غزة حيث الوضع الهش بحكم التحكم في حركة/تحرك "حركة حماس" المحاصرة أصلا من الداخل والخارج ، في الداخل من مناوئيها الوطنيين ورفضهم لحكمها ومن الحدود من اسرائيل وعندها أصبحت قطر في مأزق الخسائر وبدل أن يلجأ القطريون للانسحاب بذكاء بأقل الخسائر من الأطراف بعد سقوط المركز الإخواني بالقاهرة خيل إليهم بأن المال السياسي يصنع الصمود لجماعة فقدت المركز.
غيروا قواعد اللعبة في فلسطين حيث النظام الوطني الذي يقوده الرئيس عباس الذي هو ابنهم أصلا وتاريخيا، فأرادوا استنساخه بعد تدني شعبيته بمعاداته لثقافة ومقدسات الشعب الفلسطيني المحتل حين أفرط في تصريحاته العنيدة ضد طموحات وثقافة الشعب الفلسطيني وكسر التابوهات والقيم التي تربى عليها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال ولم يدرك أنه موغل في رحلة سراب خاسرة حين شق حركة فتح وقدس التنسيق الأمني ووعد بعدم اغراق اسرائيل باللاجئين أصحاب الأرض الأصليين واعترافه المتكرر بإسرائيل في الوقت الذي لا يعرف الشعب الفلسطيني والعالم أجمع ما هي حدود اسرائيل التي لم تقرر هي حدودها أصلا حتى هذه اللحظة ووذالك الشريط الطويل من مجابهة عباس للثقافة الفلسطينية وتحكمه في أرزاقهم كالعبيد على خلفيات مواقفهم السياسية وولاءهم له واستفراده بالتحكم في النظام السياسي الفلسطيني حتى بات في مجابهة مع تنظيم فتح الذي يقوده ومع فضائل منظمة التحرير ومناوئيه من كل ألوان الطيف السياسي وكذلك تمسكه المستميت بالمفاوضات الفاشلة ومنعه الانتفاضة على الاحتلال.
هنا وكما وضحت الصورة من وثائق القطريين المسربة في الاعلام وتآمرهم على النظام السياسي الفلسطيني ومحاولة استقدام رئيسا مثل جبريل الرجوب المعروف بعلاقاته التذيلية لحماس وقطر وعزل عباس الذي يقوم بدوره في ذلك عن قناعة ودفعه من قطر للمصالحة مع حماس لتعطي أصواتها لجبريل الرجوب في انتخابات الرئاسة القادمة ولذلك لأنها إرادات خارجية تتخبط المصالحة من خطوتها الأولى والآن يرتب عباس لذلك عبر المؤتمر السابع لفتح في أغسطس بعد شهرين من الآن وبعدها الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستحقة بنهاية العام لتلبية الطلبات القطرية.
نسي القطريون وعباس والرجوب أن قطر بفعلها الموجه أصلا للنظام المصري الجديد وليس للصالح الفلسطيني الذي يجب ألا يكون لعبة في تصفية حسابات قطر مع المصريين في محاولتهم المستميتة لبقاء حالة الفوضى في مصر وأن على الفلسطينيين بما فيهم حركة حماس أن تكون أقرب للموقف المصري الذي يحمي استراتيجيا القضية الفلسطينية لا أن يكونوا في حجر قطر التي تبحث عن مشروع آخر ليس له علاقة بالقضية الفلسطينية المصيرية للأمة العربية فهي أي قطر في موقع الدفاع الآن عن مستقبلها وليس مستقبل الشعب الفلسطيني بعد نجاح السيسي في الانتخابات المصرية وبعد انتخاب بشار الأسد في سوريا وتخشى من مواقفهم المستقبلية من دولة قطر بعد الأخطاء التي ارتكبتها قطر في تلك الدولتين العريقتين وما أحدثته السياسة القطرية من خسائر ومآسي للشعبين المصري والسوري وكذلك العراقي منذ الحرب على العراق في رحلة الفوضى الخلاقة التي فشلت في تتويج قطر على زعامة المنطقة ولن يرضى المصريون والسوريون وحتى العراقيون عن السياسة الفلسطينية الحالية التي تتحكم بها قطر لمواجهة مصر وباقي الوطنيين العرب ولذلك سوف يعاني الشعب الفلسطيني وخاصة أهل غزة من ألاعيب قطر وعباس وخيال جبريل الرجوب القاصر عن فهم الجيوبوليتك وتاريخ العواصم فعباس في نهاية مآسيه يتخبط في أخطائه وعدم استقبال السيسي له وفتح المعبر ما هي إلا نتائج ساسات عباس الخاطئة والموجهة من قطر ولكن لا أدري كيف للرجوب أن يتحالف مع قطر الخاسرة ويريد أصوات الاخوان المسلمين المطاردين من كل العرب وكيف وماذا سيفعل مع العرب لو كان وأصبح رئيسا لا سمح الله. والإجابة على سؤال هل تستطيع مصر سحب البساط القطري من فلسطين بعد استعراضنا هذا؟ نقول هي مصر قد سحبته فعلا وحتى حماس تعرف ذلك وما محاولات قطر وعباس والرجوب إلا تكبيرا لمعاناة شعبنا وعليهم الانسحاب من دورهم في مواجهة الحقائق على الأرض فهم لا يحاصرون السياسة المصرية ولا يستطيعون ولن يتركهم شعبنا يعبثون بمستقبله من أجل عيون قطر ومخططاتها التي فشلت وسيكون كل الوطنيين الفلسطينيين مع مصر الجديدة بالتأكيد ونتمنى على حماس ذلك أيضا فمشروعنا الوطني أهم من كل المشاريع .. أليس كذلك ؟