عملية الرعب المتدحرجة كما يسميها الاحتلال عبارة عن حملة عسكرية تشمل أراضي الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي تبدأ من إعلان أنها تهدف لاستعادة المستوطنين الثلاثة، و لا أحد يعلم إلى أين يمكن تنتهي، خاصة وأنها ستمتد إلى قطاع غزة كما يصرِّح قادة الاحتلال، بما يعني أننا مقبلون على أيام صعبة وتدمير مبرمج ومتدحرج لمقومات الحياة الفلسطينية وإمكانيات حكومة الوفاق الوطني وقيامها بواجباتها، وهي تستهدف الكل الفلسطيني بما في ذلك حركتي فتح وحماس، ويخطئ من يظن أن العملية سوف تتوقف عند حركة حماس فقط .
هذه العملية العسكرية ليست وليدة اللحظة، بل ضمن سيناريوهات، ومخططات قديمة، وتنفذ عبر خطة عسكرية وردت في خطابات الإسرائيليين وجاءت استجابة لنداءات المستوطنين واليمين المتطرف ورغبة نتنياهو في إنقاذ مستقبله السياسي، وهو يعتقد أن هذا لا يتم إلا من خلال إنهاك الفلسطيني وقتله وتدمير حياته واعتقاله، ويمارس أيضا سياسة إعلامية تهدف لتضليل وتشويه الصورة وبل إغراق الإعلام الفلسطيني والعربي بمخرجات الاستخبارات الإسرائيلية ونشر الرواية المتدحرجة بحيث تبرر الدوافع والمسببات والنتائج لهذه السياسة العسكرية التدميرية .
وعلينا أن نتذكر انه من عدة اشهر، و (إسرائيل) تتحدث عن انسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية، ولهذا خطورة كبيرة في كونه رفضا وإعاقة وتدميرا لإمكانية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وفرض الحلول الإسرائيلية، وتكريس العزل والترانسفير الداخلي والخارجي وتقسيم المدن وتقطيع أوصالها وبما يمنع أي تواصل بين السكان ومنع ومحاربة أي تنمية اقتصادية وزراعية، ويمكن لنا أن نعرف كيف يؤثر الانسحاب الأحادي الجانب بما أفرزه الحصار على غزة حيث كان الانسحاب الأحادي الجانب في العام 2005م .
والعملية العسكرية المتدحرجة والمستمرة اشتملت حتى الآن على اقتحام الآلاف المنازل الفلسطينية وتدمير محتوياتها وكذلك اقتحام واحتلال الكثير من المباني والمؤسسات الحكومية والخاصة، واعتقال أكثر من 400 فلسطيني وإعادة اعتقال أكثر من 60 فلسطيني من الأسرى المحررين في صفقة شاليط 2010، وإصابات بالعشرات واستشهاد قرابة الثلاثة شهداء، واخذ أكثر من ربع مليون فلسطيني رهائن لهذه العملية وخاصة في مدينة الخليل التي تحولت إلى ثكنة عسكرية إسرائيلية، وعلى الجانب الآخر أكثر من عشرين ضربة جوية على قطاع غزة وإحداث الخسائر والتدمير والإصابات العديدة .
إنها حرب وحشية مستمرة تستهدف كل الحياة الفلسطينية، وتحاصر مدينة القدس ويهدد قادة الاحتلال بمنع ممارسة الشعائر الدينية في الأقصى الشريف في شهر رمضان القادم، واقتصاده على إعداد واعمار محددة وكذلك لربما منع سكان بعض المدن وخاصة الخليل من الوصول إلى مدينة القدس، والمسجد الأقصى الشريف.
وهنا من الأهمية القصوى شكوى إلى الأمم المتحدة والى محكمة الجنايات الدولية حول كل هذه الجرائم الإسرائيلية المستمرة، و كما يجب أن تقوم جامعة الدول العربية بعقد جلسة طارئة تناقش الوضع الفلسطيني المدمر وتدويل القضية وصولا إلى وقف هذه الحرب العدوانية والتي بدأت ولا نعرف كيف ستنتهي والى أي مدى ممكن أن تصل .
وكما يجب على منظمات حقوق الإنسان الدولية والعاملة في الأراضي الفلسطينية ان ترفع تقاريرها وصرختها إلى الأمم المتحدة، وكما يجب تسليط الضوء على مخططات الاحتلال وما يصرح به قادة الاحتلال من عملية إبعاد جماعي لقيادات فلسطينية من الضفة الغربية إلى قطاع غزة واعتقال بعضهم أيضا، وفي هذا مخالفة وانتهاك واضح وفاضح لاتفاقية جنيف ولمواثيق الأمم المتحدة ونذكر هنا أن المادة (8) من ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نصت على أن "إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها يعد جريمة حرب".