بعد أن ضاقت بهم الدول العربية التي عاشوا فيها النكبة التي حلت بشعبنا الفلسطيني ، وبعد ان عانوا شظف الحياة واشكال التمييز والقهر كافة ، وبعد ان الهبت ظهورهم سياط ذوي القربى في بلدان الشتات وانغرست في خواصرهم خناجر الغدر فغدت حياتهم جحيم في مخيمات لبنان وسوريا والاردن علاوة على ما عانوه داخل الاراضي الفلسطينية من عدوان الاحتلال وبطشه ومجازره الوحشية ، بالإضافة الى ما اصابهم من احباط جراء الانقسام المر الذي عصف لسنوات بالساحة الفلسطينية، جاءوا الى هذه البلاد ،وصلوا وحط بهم الرحال في السويد وقد تحملوا مخاطر الطريق قضة بعضهم غرقا في البحار وتاه من تاه في الغابات والجبال بحثا عن الامن ولقمة الخبز ، بحثا عن انسانية فقدوها في بلاد ضنوا انها توفر لهم الكرامة ولقمة الخبز في مكانهم المؤقت قبل تحقيق حلمهم بالعودة الى فلسطين التي طردوا منها لكنها سكنتهم اينما حلوا ،،، وصلوا منذ عشرات السنين الى السويد وانتشروا في مدنها تكاثروا فغدوا وذريتهم بالألاف شقوا طريقهم الصعب بمعاناة وألم وقد اصبح للعديد منهم مصالح و شركات ومحال تجارية يعيشون اوضاع مستقرة ، جلهم مازالوا ينحتون الصخر للوصول للاستقرار ، بين الفينة والفينة يعودون في زيارة لمن تبقى من الاهل في بلدان اللجوء التي غادروها،، في السنوات الاخيرة دأب العديد منهم مستغلا ما توفره له الجنسية الجديدة على زيارة ارض الاباء والاجداد يدحضون رواية الاحتلال بأن الكبار يموتون والصغار يموتون ، هم اليوم يقولون كما قال شاب يدعى منير الاحمد كان قد ولد في مخيم الشبريحا في لبنان وهو الان في منتصف العشرينات من العمر حين قرر زيارة ارض اجدادها وسأله الصهاينة حين وصل مطار بن غريون الي اين انت قادم ولماذا ؟ فكان رده انا قادم الي بلدي أنتم ماذا تفعلون هنا ؟ فما كان منهم الا احتجازه لأسبوعين واعادته من حيث اتى، لكنه بمحاولته هذا اثبت أن عمق الانتماء متجذر لديه ولأقرانه، اذن هكذا هم الفلسطينيون في السويد عملوا وكدوا وتعبوا وتحملوا المعاناة لكنهم لم ينسوا ارضهم وجذورهم الوطنية يتعلقون بالعلم والكوفية يبحثون عن كل ما يربطهم بالوطن والقضية ،، في الثالث والعشرين من حزيران الجاري وصلت السويد في زيارة قصيرة لأخي غسان واختي لالتقي بهم واولادهم بعد سنوات، وهم من اللذين وصلوا لهذه البلاد منذ عقدين واكثر من الزمن ، على هامش زيارتي القصيرة هذه التي استمرت لأربعة ايام بعدد قليل من ابناء شعبنا المنتشرون كقمح بلادي في العديد من المدن السويدية التقيت أم احمد التي تعرفت على من هم اهلها في مخيم شاتيلا حدثتني وذكرتني عن ايام كنا نأكل فيها الخبز بالدم مغموسا وحدثتني عن القذائف التي كانت تمزق الاطفال وتحيلهم اشلاء وقالت لهذا جئنا الى هنا، التقيت ابو علاء وام علاء من سوريا يعكسون كم هي فلسطين كما سوريا عزيزة عليهم، زرت في وقت متأخر من الليل النادي الفلسطيني في ضاحية يلبو في مدينة يوتوبوري التقيت مديره أبو يارا احد فدائيي كتيبة شهداء ايلول تذكرنا تلال المية ومية والاشرفية شرقي صيدا حدثني مطولا عن ما يريده الفلسطيني من منظمة التحرير وعلى ماذا يتطلعون انهم كما قال ابو يارا وغيره يبحثون عن كل ما يعمق ارتباطهم والاجيال الشابة اكثر بجذرهم الوطني وقضيتهم وتراب اجدادهم هم يحملون عتب شديد على سفاراتنا التي لا توليهم أي اهتمام ولا تحتفظ باي قاعدة بيانات عنهم ، صحيح قد يكون منهم هم بعض التقصير لكن هذا قد ينطبق على حديثي اللجوء لكنه قطعا لا ينطبق على من استقر وباتت مسالة الانتماء الوطني شغله الشاغل ، تعرفت العديد منهم وأعرف تماما انه يوجد اسرة فلسطينية في السويد الا وقدمت شهيدا او جريحا وتحملت معاناة وقهر اللجوء في مخيمات الشتات، منهم من كان لنا شرف الدفاع معا عن شعبنا وثورتنا في مخيمات لبنان عرفت ان بعض ممن شاركوني نعمة النجاة من مجزرة صبرا وشاتيلا وقاتلوا الى جانبي لإنقاذ حياة الالاف هنا في السويد وبعضهم في الدنمرك المانيا وغيرها لم اتمكن من لقاؤهم لضيق الوقت، هؤلاء الذين قادهم الاهمال والاحباط واليأس للوصول الى هنا ما زالوا يحتفظون بعمق الانتماء يحتفظون بمخزون كفاحي يجاهرون به في كل مناسبة وطنية إنهم يشكلون نقطة ضوء في هذه البلاد البعيدة ، هم فقط يحتاجون لرعاية لحضن دافىء يبحث عنهم في المدن والضواحي يلبي احتياجاتهم المتواضعة لكن الاهم من ذلك ربطهم بالوطن بالقضية والتعامل معهم باحترام وتقدير يضمن ان يشكل هؤلاء وابناءهم واحفادهم فيما بعد كتلة فلسطينية مؤثرة تحمل رسالة شعب جرى طرده من ارضه على يد العصابات الصهيونية فتناثرت اشلاءه في كل بقاع الدنيا ، انه الواجب الوطني لكل يرى بأن ساحة الراي العام يجب ان تولى الاهتمام فهؤلاء هم رصيدنا الذي لا يقدر بثمن وسفراؤنا النجباء لو أحسنا التعامل معهم.
*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني السويد مدينة هسلى هول 25-6-2014
*عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
[email protected]