ومن غرائب الناس قبل قدوم شهر رمضان من كل عام.. منهم من يستعد ليس لتنفيض الغبار المتراكم من فوق أسطح أغلفة المصاحف التي تشتكي إلى الله هجرانها، ووضع ذاك الغبار في سلة المهملات.. ولكن لوضعه في أكياس خاصة محكمة لمعاودة رشقها من جديد بعد فوات الشهر.. ومن الناس من يستعد للوضوء للمحافظة على الصلوات الخمس وبلا أدنى انقطاع ظنا منه أن الصوم لن يقبل منه في هذا الشهر إلا بالصلاة..و هناك منهم من هو مشغول بتدوين جدول يومي مُعد بصورة مسبقة هذي الأيام ليس لإقامة الشعائر الدينية وإحياء عبادات الشهر الكريم ،وصلة الأرحام .. بل بترتيب جدول دقيق لمصنفات أشهى الطعام التي سيتم تناولها ، من لحوم وأسماك وفطائر وحلويات ..ومن الناس من يستعد للاعتكاف ولكن ليس بالمساجد.. بل حول التلفاز الغني بالمسلسلات والأفلام التي سوف يشاهدها.. فيتفنن في إضاعة الوقت تحت مسمى التسلية ..تسلية الصيام وكأنه في نزهة أو رحلة ترفيهية ..ومنهم من يحاول بدلا من أن ينفض عن كاهله الخطايا ويستعد لتطهير الذنوب والمعاصي وتجديد التوبة إلى الله إلا..أنه قبل رمضان يزيد من الإكثار من الكذب والنفاق والنصب والسرقة وقذف الآخرين بالمسبات واتهام الناس بالباطل ..لأن أرصدته المشحونة سيتم تجميدها لفترة شهر واحد وأمثال أولئك لا يطيقون ذلك أبدا لأنه مخالف تماما لأصول سلوكياتهم الحمقى ..هم أغبياء لأنهم لا يعلمون أنها أحمال شاهقة كالجبال لا يريدون أن يلقوا بها في أغوار البحر.. بل هم عازمون بكل سفاهة على وضعها بقرب الشاطئ حتى يعودوا من جديد لمعاودة رفع تلك الأحمال بعد فوات الشهر العظيم ،وذلك لتواصل القافلة الحقيقية لنفوسهم الخرِبَة المسير ..أولئك هم الخاسرون حقا هداهم الله إلى الصراط المستقيم ..!!