رواتب موظفي غزة وصوت العقل !!

بقلم: عبد القادر فارس

بينما كنت أتابع على أمواج إذاعة الأقصى من غزة , أخبار الغارة الإسرائيلية على سيارة في مخيم الشاطئ , والتي استشهد فيها عنصران من ألوية الناصر صلاح الدين , استمعت لبرنامج حواري شارك فيه من داخل الاستوديو نائب نقابة الموظفين في قطاع غزة إيهاب النحال , وعبر الهاتف الدكتور أحمد يوسف المستشار السياسي السابق لرئيس الحكومة السابقة اسماعيل هنية , وكان من المفترض أن يشارك في الحوار الناطق باسم حكومة التوافق الوطني الدكتور ايهاب بسيسو عبر الهاتف من رام الله , والذي حسب الصحفي مدير الحوار , لم يتمكن من الاتصال به , على رغم من موعد مسبق وتأكيد على المشاركة .

بدأ الحوار بسؤال المذيع لممثل نقابة الموظفين بغزة عن أزمة رواتب موظفي حكومة حماس السابقة , والفعاليات التي يزمعون القيام بها بعد اضراب يوم الخميس , الذي شل الحياة في وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية في قطاع غزة , وقد أسهب النحال في شرح المشكلة مشيرا إلى أن نحو خمسين ألف موظف في غزة كانوا يتقاضون رواتبهم من الحكومة السابقة في غزة , لم يتلقوا رواتبهم منذ أربعة شهور , ولم يتلقوا ولو حتى سلفة منذ خمسين يوما , أي منذ عقد اتفاق المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد الله ,مطالبا الحكومة بصرف رواتبهم كاملة , ورفض ما يدور عنه الحديث من صرف سلفة مع بداية شهر رمضان , بعد أن يتم تحويل المنحة القطرية , ومطالبا في الوقت ذاته اعتراف الحكومة بشرعيتهم كموظفين رسميين في حكومة الحمد الله , وإلا فإن فعاليات جديدة ستقوم بها النقابة لمواجهة الحكومة , بعد الاجراءات السابقة التي تمثلت بإغلاق البنوك خلال صرف رواتب موظفي رام الله في قطاع غزة بداية شهر يونيو , وأخيرا الاضراب في الوزارات والمؤسسات , دون أن يكشف عما تحضر له النقابة من تصعيد خلال الأيام المقبلة .

بعدها انتقل الحوار بالاتصال مع الدكتور أحمد يوسف , الذي يمكن وصفه بصوت العقل , والذي رفض في البداية لغة التصعيد والتهديد التي اعتمدها ممثل نقابة الموظفين بغزة إيهاب النحال , شارحا أوضاع الحكومة وما تواجهه من مشكلة في صرف رواتب موظفي غزة , مؤكدا أن المسؤولية لا تقع على الحكومة وحدها , كما حاول النحال من إلقاء التهم والمسؤولية على الرئاسة والحكومة واتهامها بالفئوية وتجاهل موظفي غزة , وعدم مساواتهم بموظفي رام الله , حيث أشار أحمد يوسف أن المسؤولية تقع على طرفي المصالحة وليس على طرف واحد , مؤكدا أن اتفاق المصالحة ينص على تشكيل لجنة إدارية وقانونية لدراسة أوضاع أكثر من أربعين ألف موظف وظفتهم حركة حماس على مدار سبعة أعوام , هي عمر الانقسام , وأنه لا بد من الصبر وانتظار اللجنة للانتهاء من عملها , مع الأخذ بالاعتبار أوضاع الموظفين واسرهم من خلال ايجاد مخارج من خلال صرف سلف مثلا لتفادى أزمة اقتصادية لموظفي غزة وعائلاتهم , مؤكدا أن المسؤولية هي مسؤولية الجميع الرئيس محمود عباس وحكومة رامي الحمد الله وحركة حماس , وانه لا بد من المزيد من الحوار من أجل ايجاد حلول للازمة دون تشنج أو تصعيد , وتعطيل مصالح الناس.

شكرت بداخلي هذا الموقف العقلاني من الدكتور أحمد يوسف , وأسفت لغياب صوت الحكومة ممثلا بالناطق باسمها الدكتور ايهاب بسيسو , كما أسفت لموقف الصحفي المذيع في إذاعة الأقصى , الذي تمنيت أن يكون حياديا , وألا يشحن الموقف اكثر من خلال تدخلاته ومقاطعته للدكتور أحمد يوسف , وتمنيت أن يكون السيد ايهاب النحال ممثل نقابة الموظفين بغزة , قد استمع لصوت العقل وألا يتم التصعيد وإغلاق البنوك أمام موظفي رام الله من أبناء قطاع غزة , الذين ينتظرون صرف رواتبهم مع بداية شهر رمضان , وان تنتظر النقابة الحلول المؤقتة لحين الخروج من الأزمة , مع تعاطفنا مما يعاني منه موظفو غزة وعائلاتهم من ضائقة مالية , لأن المسؤولية ليست مسؤوليتهم , وإنما مسؤولية من أفهم بالخطأ موظفي غزة أنهم سيصبحون بين يوم وليلة موظفين رسميين في السلطة الفلسطينية , وتصريحات خرجت من مسؤولين في حكومة غزة السابقة والناطقين باسم حركة حماس , بأن الموظفين سيتقاضون رواتبهم فورا , بل ومستحقاتهم السابقة المتراكمة على الحكومة السابقة , بعد إجراء المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني , وعدم تعريفهم أن اتفاق المصالحة ينص على عدم إدماجهم فورا في الوظيف العمومي , وإنما ذلك سيتم وفق آلية تنجزها لجنة إدارية وقانونية , تقدم نتائجها للحكومة , وبعدها يتم تقييم الوضع واتخاذ القرارات المناسبة , فلا يعقل أن تتحمل الحكومة توظيف أربعين أو خمسين ألف موظف في يوم واحد , لا تستطيع حتى حكومة الولايات المتحدة أن توظفهم في يوم واحد أو حتى في شهر , وتحميل خزينة الحكومة رواتب هؤلاء الموظفين التي تصل لعشرات الملايين من الدولارات , في ظل أزمة اقتصادية وعجز مالي , وحصار تهدد به الدول المانحة , وتمنع فيه اسرائيل إرسال أموال المقاصة .

هذه دعوة للتعقل , وسماع صوت العقل الذي استمعنا له عبر إذاعة الاقصى من الدكتور أحمد يوسف , وعدم إفشال المصالحة التي انتظرها شعبنا سبعة أعوام , قبل انطلاقتها , بسبب أزمة الرواتب , التي نأمل أن تجد طريقها للحل في أقرب وقت .