يأتي شهر رمضان للعام الثامن على التوالى في ظل استمرار و تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة وتختلف أجواء هذا العام عن الاعوام السابقة , حيث أنة يأتي في ظل أجواء المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة الوفاق الوطنى التى طالما انتظرها أبناء الشعب الفلسطيني و تفاءل مواطني قطاع غزة بتشكيلها للتخلص من أعباء الحصار و الازمات المتعددة التى عانوا منها على مدار سبع سنوات من الحصار , لكن للأسف الشديد يأتي هذا الشهر الكريم في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يمر بها قطاع غزة لم يسبق لها مثيل خلال العقود الاخيرة , حيث استمرار وتشديد الحصار الظالم و استمرار إغلاق معبر كرم ابوسالم المتكرر ومنع دخول كافة احتياجات قطاع غزة من السلع و البضائع المختلفة وأهمها مواد البناء و التى تعتبر المشغل و المحرك الرئيسي للعجلة الاقتصادية في قطاع غزة.
هذا الشهر الكريم يأتي على قطاع غزة بما يحمله من أعباء مالية مضاعفة على الاسرة الفلسطينية وذلك لخصوصيته و متطلباته الخاصة من زيارات عائلية وخلافة في ظل تفاقم أزمة البطالة و الفقر حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل جنوني وبلغت نسبتها 41% حسب بيانات الربع الاول من عام 2014 بأكثر من 180 الف عاطل عن العمل ومن المتوقع ارتفاعها في الربع الثاني لتلامس 44% وارتفاع عدد العاطلين عن العمل لأكثر من 200 ألف , وأصبح ما يزيد عن 600 الف شخص في قطاع غزة دون دخل يومي وهذا يشكل 30% من إجمالى السكان , بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر لتصل إلى 38.8% من إجمالى عدد السكان وانتشار ظاهرة الفقر المدقع.
كما أنة يأتي بعد عدة إغلاقات متكررة لمعبر كرم أبو سالم منذ بداية الشهر الحالي بسبب الاعياد اليهودية و أزمة إغلاق البنوك والتى كان لها اثر كبير على انخفاض حركة الواردات بسبب توقف إصدار الحولات المالية و الاعتمادات المستندية و خطابات الضمان الخاصة بالبضائع المستوردة , وكل هذا كان له الاثر السلبي استيراد العديد من السلع الموسمية الخاصة بتلك الموسم و خصوصا العديد من سلع المواد الغذائية , كما تسبب بحالة كساد وركود اقتصادي في كافة الانشطة الاقتصادية وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني من ضعف في المبيعات نتيجة لضعف القدرة الشرائية لدي المواطنين , وأصبحت الاسواق التجارية خالية ومهجورة من الزبائن .
إن استمرار الوضع على ما هو علية سوف يكبد التجار و المستوردين ورجال الاعمال خسائر فادحة في الفترة القادمة , ولن يستطيعوا تغطية مصاريفهم الجارية الثابتة نتيجة الانخفاض الحاد في مبيعاتهم اليومية.
وبمقارنة الواردات من البضائع المسموح بدخولها من قبل إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم بين النصف الاول من عام 2013 و النصف الاول من عام 2014 نجد انخفاض كبير في الواردات بنسبة تصل إلى 30% حيث بلغ عدد الشاحنات الواردة 27243 شاحنة خلال النصف الاول من عام 2013 مقارنة مع 19300 شاحنة خلال النصف الاول من عام 2014.
إن كل ما سبق من ارقام كارثية تدل على مدى التدهور الاقتصادي و الاجتماعي الذي يعشه قطاع غزة و مدى معاناته من الازمات المتعددة ( الفقر – البطالة - الكهرباء – إغلاق المعابر – نقص الدواء – أزمة الرواتب .... الخ ).
وهنا يجب مطالبة كافة الدول التى باركت ودعمت تشكيل حكومة الوفاق الوطنى (الولايات المتحدة الامريكية – روسيا - الاتحاد الاوروبي – هيئة الامم المتحدة – الرباعية) القيام بدورها وتطبيق دعمها على أرض الواقع بالضغط على إسرائيل لإنهاء حصار قطاع غزة قبل أن تحل الكارثة.