شروط الخلافة الإسلامية وفق المفهوم الاسلامي

بقلم: علي ابوحبله

اعلان داعش عن قيام دولة الخلافة الاسلاميه وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة ابو بكر البغدادي خليفة للمسلمين ، اعلان دولة الخلافه الاسلاميه من قبل داعش حدثا غير عادي ، في تاريخ المسلمين الحديث بعد ان تم التامر على الخلافه الاسلاميه من قبل الذين شرعوا في هدم الخلافة وقيام اتاتورك بثورته وتحويل مركز الخلافه الى دوله علمانيه ، الخلافه العثمانيه كانت تمثل في نظر اوروبا ان هناك نظاما يعمل على جمع شمل المسلمين في شرق العالم وغربه ، وان الخلافه الاسلاميه امام مفكري الغرب الاستعماري تمثل لهم دليل على استمرار الحضارة الاسلاميه واستمرار التاريخ الاسلامي في ظل شعار سياسي موحد يجمع شمل ألامه الاسلاميه شرقها وغربها ، خطوة داعش تمثل خطوة غير مسبوقه بنظر العديد ممن يتابعون الاحداث الجاريه في عالمنا العربي الاسلامي ، وان هناك ضوابط وشروط وضعتها الشريعة الاسلاميه واتفقت عليها الرعية من العلماء والعامة على ضرورة تحققها ووجودها في الحديث عن شروط الراعي قبل توليه مقاليد الحكم ومراسم الخلافه ، ومما لا ريب فيه ان التأمل في هذه الضوابط والشروط ومقارنتها بالضوابط التي تعارفت عليها المجتمعات الفارسيه والرومانية في زعمائها وحكامها لياخذنا نحو الابهار الحقيقي والتقدم الذي احرزته الحضارة الاسلاميه على صعيد مؤسسة الحكم الاسلامي ، ان الاسلام جاء ليرفع من قيمة الانسان ويجعل كل انسان خليفة الله في ارضه ، بيد انه حافظ في ذات الوقت على وحدة الجماعه الاسلاميه من خلال وضع مجموعه من الانظمه والضوابط التي تجعل من ألامه الاسلاميه في مصاف الامم الاخرى ، بل اعظم من هذه الامم ، لقد حقق النظام الاسلامي المعادله الصعبة التي كانت مفتقده في الانظمه السابقه وكذا اللاحقة ، هذه المعادله التي تقوم على ضرورة تحقيق شرع الله في الارض ، مع حفظ الحقوق الكاملة للراعي وإجابة كل المتطلبات الشرعيه التي تحتاجها الرعيه مسلمة كانت او غير مسلمه ، وهذه المعادله ظاهرة جلية في التشريع الاسلامي بأصولها وفروعها ، فقد جاء في الموسوعة الفقهيه تحت عنوان صفات اهل الحل والعقد : لما عهد بأهل الحل والعقد لعمل معين وهو تعيين الخلفاء وكان لا بد من ان تتوفر فيهم الصفات التاليه :- العدالة الجامعه لشروطها الواجبه في الشهادات من الاسلام والعقل والبلوغ وعدم الفسق واكتمال المروءة ، وان يكون من ذوي الشوكة الذين يتبعهم الناس ويصدرون عن رأيهم ليحصل بهم مقصود الولاية والإخلاص والنصيحة للمسلمين ، ثم جاء بعد ذلك بيان طريقة تعيين من يقوم باختيار الخليفة من اهل الحل والعقد وان ذلك يتم باحد طريقين :

أ ـ تعين الخليفة لهم، كما فعل عمر بن الخطاب بتعيين ستة من أهل الحل والعقد ليختاروا واحدا منهم خليفة للمسلمين بعده وكان ذلك بمحضر من الصحابة دون نزاع.

ب ـ التعيين بالحضور: إذا لم يعين الخليفة جماعة من أهل الحل والعقد، فإن من يتيسر حضوره منهم تنعقد به البيعة، ويقوم الحضور مقام التعيين.

التعريف بأهل الحل والعقد والشروط الواجب توفرها فيهم، وذلك في الفتوى رقم: 46949.وللبيان المجمل لموضوع أهل الحل والعقد وعلاقتهم بالأمة؟ وكيف يتم اختيارهم، ننقل ما ذكره الدكتور عبد الكريم زيدان في أصول الدعوة حيث قال: إذا كان انتخاب الخليفة من حق الأمة، ولها أن تباشر هذا الحق عن طريق أهل الحلِّ والعقد، فمن هم أهل الحل والعقد؟ وما علاقتهم بالأمة؟ وكيف ينالون هذه المنزلة؟.أما عن السؤال الأول: من هم أهل الحد والعقد؟ فإنَّ الفقهاء يذكرون أوصافًا عامة لهم، ويقولون: هي الشروط المعتبرة فيهم وهي: الأول: العدالة الجامعة لشروطها.والثاني: العلم الذي يتوصّل إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها.والثالث: الرأي والحكمة المؤديان إلى اختيار من هو للأمة أصلح وبتدبير المصالح أقوم ...أما علاقة أهل العقد والحل بالأمَّة: فهي علاقة النائب والوكيل، فهم يباشرون انتخاب رئيس الدولة ـ الخليفة ـ نيابةً عن الأمة ومن ثَمَّ يعتبر انتخابهم ملزمًا للأمة.أما كيف ينالون هذه المنزلة ـ منزلة أهل العقد والحل ـ فإنَّ المتبادر إلى الذهن أنَّ الأمة هي التي ترفعهم إلى هذه المنزلة باختيارهم لهم، ولكننا لا نجد في السوابق التاريخية القديمة ما يشير إلى أنَّ الأمة اجتمعت وانتخبت طائفة منها وأعطتها صفة أهل الحل والعقد، ومع هذا فإنَّ خلوَّ السوابق التاريخية مما ذكرنا لا يدل على أنَّ من كانوا يسمُّون أهل العقد والحل ما كانوا يمثلون الأمة ولا يعتبرون وكلاء عنها، لأنَّ الوكالة ـ كما هو معروف ـ تنعقد صراحة أو ضمنًا، وقد كانت وكالة أهل العقد والحل عن الأمة في عصر الإسلام الأول ـ عصر الخلفاء الراشدين ـ وكالة ضمنية، لأنهم كانوا معروفين بتقواهم وسابقتهم في الإسلام ودرايتهم بالأمور وإخلاصهم في العمل، مع فضل الصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومدح الله لهم في قرآنه وثناء رسوله العام والخاص إليهم، ومن ثَمَّ فقد كانوا حائزين على رضى الأمة وثقتها، فما كانت هناك حاجة لقيام الأمة بانتخابهم وتوكيلهم عنها صراحة، وحتى لو قامت بهذا الانتخاب لما فاز فيه إلّا أولئك الأخيار الذين عُرِفوا بأهل العقد والحل ولما نازعهم أحد في هذه المنزلة، ومن ثَمَّ كان انتخابهم يعتبر انتخابًا من الأمة نفسها، لأنه تَمَّ بتوكيل ضمنيّ منها لهم للقيام بهذا الانتخاب.

ثم قال تحت عنوان: معرفة أهل العقد والحل في الوقت الحاضر: وإذا أخذنا في الوقت الحاضر بالانتخاب غير المباشر لرئيس الدولة وفقًا للأحكام الشرعية، فلا مناص من قيام الأمة بانتخاب من يمثلونها وينوبون عنها في مباشرة هذا الانتخاب، ومن تنتخبهم الأمة لهذه المهمة يمكن أن يوصفوا بأنهم أهل العقد والحل، لمتابعة الأمة لهم ورضاها بنيابتهم، وعلى الدولة أن تضع النظام اللازم لإجراء هذا الانتخاب، وضمان سلامته من التزييف والتضليل، وأنْ تُعَيِّن في هذا النظام الشروط الواجب توافرها فيمن تنتخبهم الأمة لتكوين جماعة أهل العقد والحل، في ضوء ما ذكره الفقهاء من شروط فيهم، إنَّ مثل هذا الانتخاب على النحو الذي ذكرناه ضروري ـ على ما نرى ـ لإيجاد أو معرفة أهل العقد والحل، ولإثبات نيابتهم عن الأمة بالتوكيل الصريح، لأنَّ التوكيل الضمني يتعذَّر حصوله في الوقت الحاضر لكثرة أفراد الأمة، ولأن إجازة مثل هذا التوكيل الضمني يفتح بابًا خطيرًا على الأمَّة، ويؤذن بفوضى وشرِّ مستطير، إذ يستطيع كل عاطل عن شروط أهل الحل والعقد أن يدَّعي لنفسه هذه المنزلة، وينصب نفسه ممثِّلًا عن الأمة ونائبًا عنها، بحجة أنها ترضى نيابته ضمنًا..وقال الشيخ عبد الرحمن حَبَنَّكَة الميداني في كواشف زيوف: المؤهلون لاختيار واصطفاء أمير المؤمنين الأعلى، وتأدية أمانة الحكم إليه، يختلفون من مجتمع لمجتمع، ومن بيئة لبيئة، ومن زمن لزمن، فتحديد هؤلاء هو من الأمور القابلة للتطور والتغير بحسب تغير أحوال الناس، وتغير مستويات ثقافاتهم، ومستوياتهم الحضارية، ومقادير مشاركاتهم الاجتماعية ... وما تزال المدن الحضارية وقراها خاضعة للتطورات الاجتماعية التي تبرز فيها صورة جديدة، وبسببها يختلف تحديد أهل الحل والعقد، فما دام الأمر متروكاً للمسلمين فهو من أمرهم، ولهم أن ينظموا الشكل الذي يؤدون به أمانة إمارة المؤمنين لمن هو أصلح المؤمنين لها، وهو أهلها، وقد يكون ذلك بانتخاب أعيانهم وأهل الحل والعقد منهم في مواطنهم ودوائرهم، ثم يختار كل أهل بلد منهم الصفوة، ثم تجتمع مجالس الصفوة من البلدان في مجمع واحد لاصطفاء الأمير العام للمؤمنين، واختيار أهل الحل والعقد في بلدانهم أو قراهم أو أحيائهم أو حاراتهم، يكون من قبل المؤهلين لمعرفة أهل الحل والعقد فيها، وقد يتم هذا تلقائياً باجتماعات تعقد لهذه الغاية، أو يتم بصورة أخرى، ويمكن تنظيم مجالس شورى محلية عامة، للأمور الإدارية والسياسية، يكون أعضاؤها المختارون في قبل القاعدة الشعبية المؤهلة للاصطفاء هم أهل الحل والعقد، في القضايا الخاصة بدوائر كلمتهم المسموعة، ومشورتهم المقبولة، وعن طريق هذه المجالس مع المجالس الشورى الأخرى التخصصية يتم انتخاب أمير المؤمنين أو رئيس الدولة. ـ.وفي الحقيقة أن هذه المرونة في نظام الحكم الإسلامي هي أحد أسباب صلاحية الإسلام وشريعته لكل زمان ومكان، وقال الشيخ علي الطنطاوي في كتاب: تعريف عام بدين الإسلام: إن شريعة الاسلام قد جاءت مرنة، تصلح لكل زمان ومكان، وبيان ذلك أن العقائد والعبادات في الإسلام جاءت بها نصوص قطعية مفصلة، لا تقبل التعديل ولا التبديل، لأن العقائد والعبادات لا تتبدل بتبدل الأزمان، ولا تختلف باختلاف الأعراف، والأوضاع الدستورية والمعاملات المالية والأحوال الإدارية، التي تؤثر فيها تبدل الزمان واختلاف العرف، جاءت فيها نصوص عامة هي كالأساس والدعائم في البناء، وترك لنا أن نضع لكل زمان ما يصلح له بشرط المحافظة على هذه القواعد، وأمثل على ذلك بأمثلة أعرضها عرضا موجزا، من الأمثلة: أن الإسلام أوجب أن يكون الحاكم منتخبا برأي الأمة، وأن يكون فيه من الصفات من يمكنه من القيام بأعباء الحكم، وأن يلتزم بالدستور الإسلامي الذي هو القرآن، وأن يستشير أهل الحل والعقد، وترك لنا تحديد أسلوب الانتخاب ـ أي البيعة ـ وطريقة تعيين أهل الحل والعقد، وكيفية الاستشارة.. والسؤال هل ما اعلن عنه ابومحمد العدناني المتحدث باسم الدوله الاسلاميه في العراق والشام او ما يعرف ب داعش عن تاسيس دولة الخلافه الاسلاميه وتسميتها بالدوله الاسلاميه وتولي ابوبكر البغدادي منصب خليفة المسلمين تتوافق مع شروط الخلافه الاسلاميه وفق مفهوم الشريعه الاسلاميه ، لم يعد سرا ان الامه بحاجه للعدل والامن والاستقرار وهي بحاجه لحفظ حقوقها وامنها ، فهل يتحقق ذلك للمسلمين ، وهل بمقدور الخليفه ابو بكر البغدادي حقن دماء المسلمين وحماية اهل الذمه وفق ما نصت عليه الشريعة الاسلاميه ، وهل بمقدور الخليفة المسلم ابو بكر البغدادي من حفظ وحدة بلاد المسلمين وصونها من التامر والاعتداءات التي تستهدفها ، ان اعلان دولة الاسلام والاعلان عن خليفة المسلمين تتطلب مبايعة المسلمين للخليفة في انحاء الماموره والاطاعة الواجبة لامير المؤمنين ، لكن وبحقيقة الواقع ووفق الشروط التي يجب توافرها في الخليفة المسلم واجماع المسلمين فان خطوة داعش قد تزيد وتعمق الانقسام بين المسلمين وقد تؤدي لمزيد من الاقتتال بين المسلمين بعضهم ببعض ، ان امريكا والغرب وحلفائهم يستشعرون مخاطر قيام دوله اسلاميه موحده ويخشون من وجود خليفة عادل تتوفر فيه الشروط التي تتطلبتها عملية الاختيار للخليفة العادل وان ما نخشاه اليوم هو الخطورة التي تحدق بعالمنا العربي والاسلامي من جراء استغلال خطوة داعش باعلان دولة الاسلام من قبل امريكا والغرب وحلفائهم لسفك المزيد من دم المسلمين وللعمل على فتنة المسلمين بعضهم ببعض خاصة وان مقومات الدوله الاسلاميه ما زالت لم تكتمل بعد وهي لم تتحقق على ارض الواقع ، وانه ووفق توفر شروط الخلافه الاسلاميه التي يجب توفرها في الدوله والخليفة المسلم لم تكتمل شروطها.