ــ لا يدخر المصرى وسعاً فى مساندة بلاده على مرّ التاريخ، من مشروع القرش الذى أطلقه احمد حسين سنة 1931، مرورا بالتبرع للمجهود الحربى وتجربة أم كلثوم بعد هزيمة 1967 ، الى معونة الشتاء ومبادرات التبرع فى عهد السادات ثم مبارك لسداد ديون مصر، وصولا الى محطة "مبادرة مشروع السيسى"، مما صادف بعضه النجاح، ومات أغلبه بالسكتة النفعية التى استغلها البعض لأسباب أخرى غير مصلحة الوطن.
ــ ولا أخفى تقديرى الشخصى لـ "مبادرة مشروع السيسى"، وإن كنت أراها مبادرة لسداد عجز الموازنة سداداً مرحلياً سيختفى أثره سريعاً، شأنها شأن المساعدات العربية التى لن تغنى جميعها عن العمل وحده، وإلا فالأمر أشبه بمجموعة من المتراهنين داخل غرفة مغلقة يفوز أحدهم بالرهان ليعود فيخسره وهكذا دون دخول لاعب جديد بقيمة مضافة، وفى النهاية نشترى بقيمة الرهان مشاريب !
ــ ودعونا نوضح بفرضية رقم يمثل متوسط تكلفة المواطن الواحد على الدولة يوميا، أيا كان عمره، من الخدمات العامة فقط، والذى اظن أنه لن يقل عن 3 جنيهات مثلا يوميا رغم بساطة الرقم !
وعلى فرض تعدادنا 95 مليون نسمة حسب التقدير الرسمى الأخير، فالدولة تحتاج 285 مليون جنيها مع اشراقة كل شمس، أو 8550 مليون جنيها شهريا تعادل حوالى المليار دولار ونصف، اى 18 مليار دولار سنوياً، ذلك على صحة الـ 3 جنيهات تلك الساذجة ولبند واحد فقط، لم نضف اليه دعما ولا تسليح ولا رواتب ولا اى من المقومات الأخرى لأى دولة ! وهو رقم يقل كثيرا عن حجم المساعدات العربية مجتمعة، والتى من المفهوم أنها لن تستمر الى الأبد، خاصة وهى أمور تخضع لتداعيات السياسة وتقلباتها.
ــ لذلك، كنت أرى الأفضل أن تصب "مبادرة السيسى" فى اتجاه دعم مشروع تنموى قومى معلن ملموس تظهر نتيجته ومردوده مع جهد وطنى نلمسه ونشارك فيه، تثبيتا لجدية النظام فى العمل الشعبى الوطنى.
أيضاُ، وحتى لا يتحول الأمر الى نوع من المزايدات والهمبكة من البعض، ستؤثر على ثقة الشعب في نوايا النظام ومبادراته المستقبلية، فالأمر يستوجب طرح آلية جادة لمتابعة كل من أعلن تبرعه "إعلامياً" سواء بنسبة من دخله السنوى أو من ثروته، أو بمبلغ محدد أو قيمة عينية، بما فيهم الرئيس السيسى نفسه كقدوة وبيان على المعلم، وإعلان ذلك على الأمة بوضوح وشفافية، منعاً لتضليل البعض ولو من باب المحاسبة الأدبية، ولعدم المنّ على هذا الشعب، وحتى لا تستغلها بعض قبيلة رجال الأعمال والسماسرة ومغتصبو أراضى الدولة كدعاية ترويجية او كغسيل أموال أو لإصطناع يدٍ عند النظام تسمح بتسهيلات ما !!
سيادة الرئيس، دعنا نعلم من بكى ممن تباكى !
ضمير مستتر ..
" لستُ بالخِبِّ ، ولا الخِبُّ يخدعُنى"
عمر بن الخطاب، رضى الله عنه
علاء الدين حمدى شوَّالى
[email protected]