منذ فترة ليست ببعيدة لم ينعم الشعب الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة بليلة نوم هادئة، فإسرائيل مستمرة في تنفيذ عدوانها وسياسة العقوبات الجماعية بحق شعب أعزل من فرض الحصار ومنع تنقل المواطنين والسفر وإغلاق المعابر واقتحام المدن والقرى وترويع الآمنين وهدم البيوت واعتقال الرجال والاطفال والنساء، والقصف الإسرائيلي المتواصل على طول مناطق قطاع غزة، واصرار حكومة الاحتلال على إباحة الدم الفلسطيني وافساح المجال لعربدة المستوطنين لخطف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم بأبشع صور لم يشهدها التاريخ المعاصر، وأخرها قيام المستوطنين بقتل الطفل محمد أبو خضير الذي لم يتجاوز السادسة عشر من عمرة وتعذيبه وحرق جثته بصورة وحشية لم يتقبلها الضمير الإنساني، بينما العرب يعيشون ليلتهم بأمن وهدوء واستقرار، والصمت المطبق يبقي سيد الموقف ولا حراك لوقف هذا العدوان، أليس الدم الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الدم العربي والإسلامي بحكم أن الشعب الفلسطيني شعب عربي مسلم، فلماذا كل هذا الصمت أمام استباحة الدم الفلسطيني من قبل الاحتلال ومستوطنيه الذين يرتكبون الجرائم تلو الأخرى؟!
فأبناء الشعب الفلسطيني يدفعون الثمن كونهم شعب عربي، فالأحقاد الاسرائيلية على العرب حقيقة قائمة ومثبته تاريخيا، فلسطين اليوم تدفع الثمن، فالاحتلال سيطر على الأرض وقام ببناء المستوطنات التي نهشت جسد الضفة الغربية، وتحويل أرض الضفة إلى جزر صغيره تفرقها المستوطنات، والقدس تتعرض لحرب تهويديه شملت جميع الجوانب، والبيوت تهدم وتدمر لبناء مكانها بيوت للمستوطنين ومتنزهات لليهود، والأقصى تتعرض مكانته الدينية لانتهاك والسعي لتقسيمه، وحتى الأسرى داخل السجون ضاعت قضيتهم، فخاضوا إضرابا طويلاً ولم يجدوا اسناد ودعم عربي.
وعلى ما يبدو أن المرحلة المقبلة سوف تشهد المزيد من الأعمال العنصرية ضد الفلسطينيين، فالنوايا الإسرائيلية مبيته وتصريحات قادتهم لا تبشر بخير، والواقع على الأرض قد يكون الأصعب منذ الاحتلال الإسرائيلي في العام 67، فما زالت إسرائيل تواصل أعمالها التحريضية ضد المدنيين الفلسطينيين التي تؤدي إلى تكثيف جرائم الكراهية العنصرية والانتقام التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين ضد المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال من عمليات دهس وخطف وقتل واحراق للمساجد والبساتين وقلع الأشجار والاعتداء على الممتلكات.
ولقد بات واضحا للجميع بأن تلك الممارسات والانتهاكات التي تقترفها إسرائيل وأفرادها ضد الشعب الفلسطيني وأرضة تقع تحت مفهوم العدوان على شعب تحت الاحتلال، وبالتالي تتحمل كافة أشكال المسؤولية الدولية الجماعية والفردية وفقا لاتفاقيات جنيف، فكل الأعمال التي تقوم بها حكومة الاحتلال تقع تحت إطار العدوان الذي أقرته الأمم المتحدة وانتهاكا للأعراف والمواثيق الدولية، فاستمرار إسرائيل في سياسة الانتهاكات هو تحدي حقيقي للشرعية الدولية والقرارات الدولية.
فالشعب الفلسطيني شعب عربي بامتياز، لذا مطلوب من العرب وقفة عربية جادة وحاسمة ليس بالكلام فقط بل بالفعل والممارسة لحماية أبناء الشعب الفلسطيني، فالحماية واجب قومي ووطني وديني، والسعي إلى تدخل دولي لوقف هذه الاعتداءات، أما على الصعيد الداخلي يجب المحافظة على المصالحة الداخلية هي الطريقة الوحيدة المثلى لمواجهة انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، والابتعاد عن لغة المناكفات، فالوقت ضيق، والمرحلة صعبة للغاية، وعلى القيادة مواصلة العمل للانضمام إلى المنظمات الدولية لمعاقبة اسرائيل على جرائمها، كما أنه مطلوب حماية الجبهة الداخلية الفلسطينية بالوحدة والتكاثف والعمل المشترك.