تتلاحق الاحداث في الضفة وغزة بوتيرة سريعة منذ حملة اسرائيل القاسية على الضفة بحثا عن المستوطنين المختفيين الثلاثة والتي زادت وتيرتها بعد العثور على المستوطنين مقتولين بمنطقة قرب حلحول واطلاق يد الجيش الاسرائيلي والمستوطنين للانتقام من الفلسطينيين ,واصبح المستوطنين والجيش الاسرائيلي يتقاسمون الحرب على الفلسطينيين هذا يغير على غزة بطائرات أف 16 ,وهذا يفجر بيوت الفلسطينيين في الخليل وهذا يسلم اخطارات بهدم بيوت اخري في نابلس ,والاخطر من هذا كله ما حدث في مخيم شعفاط بالقدس عندما اختطف ثلاث مستوطنين الشاب (محمد ابو خضير) واقتادوه الى احراش دير ياسين وعذبوه وحرقوه حتى الموت , وكل يوم نصبح على تهديدات من هذا الوزير الاسرائيلي او ذاك وكأن الدنيا اصبحت على وشك القيامة منهم من يدعوا لسحق غزة واخر يطالب باغتيال من فيها ,وصوت هناك يطالب باعتقال ونفي كل القيادات الوطنية من الضفة الى غزة .
انفجر الوضع بالقدس وكل محافظات الضفة على خلفية الجريمة التي اهتزت لها الابدان وهي حرق الطفل (محمد ابو خضير) والتي اوصلت حالة الغضب الى المستوي الذي ينزر بنشوب انتفاضة اخري جديدة لوقف كل اعتداءات المستوطنين الخطيرة التي تغاضي عنها الجيش الاسرائيلي ووقف موقف المتفرج ,وهناك بعض التسريبات الاخبارية التي تقول ان الطفل (محمد ابو خضير) عذب وحرق وقتل على مرأي من قوات الجيش الاسرائيلي , ولم تكن حادثة (محمد) هي الحادثة الوحيدة ,فهناك محاولات اخري للمستوطنين باءت بالفشل لخطف شبان واطفال اخرين في العديد من مناطق الضفة , ومع انفجار الوضع بالقدس بالطبع امتدت ألسنة الاحتجاجات الى بيت لحم والخليل ونابلس والكل الفلسطيني وبات الفلسطينيين يؤكد انهم بحاجة الى حماية ليأمنوا ارهاب هؤلاء القتلة وهذا ما استدعي تحرك شبابي لتشكيل لجان الحماية الشعبية لمطاردة قطعان المستوطنين الذين يستهدفوا البيوت والممتلكات الفلسطينية في مناطق التماس بالضفة.
غزة لم تبتعد كثيرا عن حالة التصعيد بل تعتبر البقعة التي يستهدفها جيش الاحتلال بالقصف و الغارات المتلاحقة وقد تدفع غزة الثمن الكبير الذي يريده نتنياهو ليقنع جمهور المستوطنين ان القصاص قد تم اخذه وان النار باتت في كل بيت في غزة وهذا يدلل على شراهة الحكومة المتطرفة للدم والقتل والتدمير والاستيطان, وقد توسع العملية العسكرية في الايام القادمة على غزة لإعاقة أي تطور ميداني بالضفة الغربية يؤدي الى نشوب انتفاضة شعبية فلسطينية تأتي على الاخضر واليابس وتأتي بالتعاطف الدولي الكبير لهذا الشعب الذي يعاني منذ اكثر من سبعة عقود من الارهاب الإسرائيلي الممنهج والتميز العنصري القاتل الذي حرم الفلسطينيين من الثبات والتمكن من ارضهم وبيوتهم ومزارعهم ومازالت خطط الاستيطان تنفذ على مستوي يهدد الوجود الفلسطيني في كثير من المناطق بالضفة الغربية ويجعل تلك المناطق لا تواصل جغرافي بينها ليستحيل بعد ذلك اقامة دولة فلسطينية قابلة للعيش والتطور .
كل أسباب الانتفاضة الثالثة أصبحت دافعة خاصة ان شعلة الانتفاضة يبدو انها قد اوقدت بعد حادثة مخيم شعفاط والحوادث الأخرى ,ومن اهم هذه الاسباب ان حالة الاحباط العام قد وصلت الى مستوي متقدم جدا وتعدت مستويات الشعب لتصل الى الاطار القيادي الفلسطيني وقد تكون وصلت الى المستوي السياسي , حالة الحصار الخانق منذ سنوات التي لا توفر للفلسطينيين العيش الكريم بالمطلق ويعانون حاله تمييز عنصري متصاعد يحرمهم من البقاء في ارضهم وممارسة حياتهم العادية وتحقيق طموحهم السياسي , بالإضافة الى تبعيات فشل المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة الامريكية بسبب الاستيطان وبناء الالاف من الوحدات السكنية الاستيطانية وعدم اطلاق سراح الاسري الفلسطينيين القدامى ,واطلاق يد المستوطنين ليمارسوا ارهابهم الممنهج تحت حماية الجيش الإسرائيلي, والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى ومحاولة المتطرفين اليهود تقسيمه زمانيا ومكانيا ,و وجود قناعة لدي المجموع الفلسطيني ان الانتفاضة الشعبية هي المحرك الرئيس للقضية الفلسطينية امام العالم الحر وهي الدافع الحقيقي للعالم المركزي لان يدفع باتجاه توفير الحماية للفلسطينيين ويحقق الطموح السياسي الفلسطيني, السبب الهام الاخير هو معاداة وحصار حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ومصادرة حق الفلسطينيين في التوحد و رص الصفوف وخاصة انها حكومة غير فصائلية تعمل على تحقيق العيش الكريم للفلسطينيين , وهذا ما يجعل انتفاضة فلسطينية كبيرة على الابواب الا اذا تم نزع فتيل الانتفاضة بإنهاء التصعيد الاسرائيلي بالضفة وغزة ووقف جنون الاستيطان والمستوطنين والجيش الاسرائيلي وفتح افاق سياسية تفاوضية مع الفلسطينيين وهذا لا يبدو ممكنا في ظل حكومة مستوطنين متطرفة لا تؤمن بغير هذا.