البطالة في الأراضي الفلسطينية: من يدق جدار الخزان ؟!

بقلم: حسن عطا الرضيع

ملخص لدراسة بحثية بعنوان الأثار الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية .
تناولت تلك الدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للبطالة في الأراضي الفلسطينية , وحاولت التطرق لمفهوم البطالة وأنواعها وأسبابها وللنظريات الاقتصادية المفسرة لها, واستمدت الدراسة أهميتها من خلال راهنيتها ومواكبتها للواقع الاقتصادي والاجتماعي الفلسطيني, حيث مثلت البطالة المشكلة الأكثر تأثيراً وجدلاً عند متخذي القرار الاقتصادي الفلسطيني, وهدفت الدراسة إلى التعرف على واقع الاقتصاد الفلسطيني وتطور معدلات البطالة منذ إنشاء السلطة الفلسطينية, وكذلك التعرف على بعض التجارب العالمية الناجعة في مكافحة البطالة كالتجربة الماليزية والبرازيلية وتجربة بنجلادش وغيرها, واتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي والقياسي معتمداً على مصادر البيانات الرسمية , وفسر النموذج أهم المتغيرات المؤثرة على البطالة في الأراضي الفلسطينية من خلال نموذج انحدار متعدد, وتوصلت الدراسة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من مشكلة متأصلة في بنيته وهي البطالة, وأن قانون أوكيون ومنحنى فيلبس لا يلاءم الاقتصاد الفلسطيني, وأن السلطة الفلسطينية ما زالت تعتمداُ وإلى حد كبير على المساعدات الخارجية وعلى الضرائب وخصوصا ضريبة القيمة المضافة وهذا رسخ تبعية وريع الاقتصاد الفلسطيني وهشاشته, وأن النمو في الناتج لم يُترجم إلى أرض الواقع ولم يحدث تحسن ملموس في مستويات المعيشة بسبب عدم قدرة النمو على الضغط على معدلات البطالة للانخفاض., وأوصت الدراسة بضرورة تأسيس اقتصاد منتج يقوم على تعظيم الموارد الذاتية المتوفرة والممكنة, تمهيداُ لاقتصاد سوي يؤسس لمعالجة الخلل القائم في الميزان التجاري, ويعزز إمكانات الاقتصاد المجتمعي المؤسس على تحفيز إنتاج الخيرات المادية من سلع وخدمات من شأنها توفير المقومات المادية لتنمية اقتصادية مستدامة تضع في المقام الأول مكافحة ظاهرتي البطالة والفقر ضمن سياسات اقتصادية مالية وتجارية ونقدية متوازنة تنحو نحو العدالة الاجتماعية, وتقصية الموارد المحلية والذاتية والتي من شانها تعزيز الاستغلال الاقتصادي, والسير نحو تنمية اقتصادية مؤسسة على سريان مفعول العدالة الاجتماعية المُغيبة عبر إصلاح الاختلالات الهيكلية والبنيوية في الاقتصاد الفلسطيني والقائمة على سياسات النيو ليبرالية نجم عنها تعميق التبعية للاقتصاد الإسرائيلي وتزايد الاعتماد على الخارج وخصوصا في الواردات وتعظيم الاعتماد على المساعدات الخارجية , كذلك ضرورة أن تنتهج السلطة الفلسطينية لسياسات تضع حداً للعمل غير المنتج والثراء الفاحش وغير المشروع, وتقضي على قيم الموت ليحل محلها قيم التنوير والنهضة تمهيداً للحداثة واللحاق بركب التقدم.
أهم نتائج وتوصيات الدراسة :
توصلت الدراسة البحثية للعديد من النتائج ومنها :-
1- يعاني الاقتصاد الفلسطيني من مشكلات هيكلية وبنيوية تكمن في ارتفاع معدلات البطالة وتزايد الفقر والفقر المدقع.
2- لم تنجح السلطة الفلسطينية وخلال عقدين من الزمن في الحد من مشكلة البطالة في الأراضي الفلسطينية.
3- للاحتلال الإسرائيلي ولعدم الاستقرار السياسي دوراً في تعميق مشكلة البطالة في الأراضي الفلسطينية.
4- يعاني سوق العمل الفلسطيني من عدم مواءمة بينه وبين مخرجات التعليم العالي .
5- الاقتصاد الفلسطيني يفتقر للمقومات الأساسية لأي اقتصاد, وأهمها محدودية الموارد وشحها وفجوة الموارد المحلية كفجوتي الادخار-الاستثمار والإنتاج -الاستهلاك .
6- ما زالت السلطة الفلسطينية تعتمداُ وإلى حد كبير على المساعدات الخارجية وعلى الضرائب وخصوصا ضريبة القيمة المضافة وهذا رسخ تبعية وريع الاقتصاد الفلسطيني وهشاشته.
7- للسياسة المالية الفلسطينية المتبعة دوراً في تعميق الفقر وتزايد البطالة بسبب ارتفاع حصيلة الإيرادات من الضرائب غير المباشرة وهي الأكثر تأثيراً على الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
8- إن النمو في الناتج لم يُترجم إلى أرض الواقع ولم يحدث تحسن ملموس في مستويات المعيشة بسبب عدم قدرة النمو على الضغط على معدلات البطالة للانخفاض , وهذا يعني أن قانون أوكيون لا يتلاءم مع طبيعة الاقتصاد الفلسطيني.
9- أن هناك علاقة تأثيراً محدوداً ولا يعاد يذكر بين الناتج المحلي الإجمالي و معدل البطالة, حيث بلغ قيمة معامل الناتج المحلي الإجمالي 0.008 وهذا يعني أن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 100% يرافقه انخفاض في معدل البطالة بحوالي 0.01%.
10- وللتضخم أثاراُ كبيرة على معدلات البطالة, حيث بلغت قيمة معامل التضخم 0.30 وارتبطت بعلاقة ايجابية مع معدل البطالة ويدل ذلك على سقوط لمنحنى فيلبس في الاقتصاد الفلسطيني وعدم انسجامه , حيث أنهما يسيروا في اتجاه واحد, حيث أن ارتفاع التضخم بمقدار 100% يرافقه ارتفاعاً في معدلات البطالة بمقدار 30%.
وفي الختام فإن هناك بالعديد من التوصيات للباحث وهي كالتالي :
1- ترشيد النفقات الحكومية والعقلانية في صرفها ومراعاة مبدأ العدالة الاجتماعية والاهتمام بقطاع التنمية الاقتصادية عند الموازنات العامة.
2- وضع حد أدنى وأقصى للأجور والرواتب, وتقليص بعض الخدمات المقدمة لبعض الفئات من الموظفين العموميون كالنثريات والزيادات المستمرة, وخفض رواتب كبار الموظفين والمدراء والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي, لصالح الشرائح الفقيرة والعاطلين عن العمل .
3- إعادة النظر في طبيعة السياسات الاقتصادية القائمة في الأراضي الفلسطينية , وضرورة التركيز أكثر وإعطاء أولوية للقطاع العام المنتج.
4- العمل على بناء اقتصاد منتج قوامه العدالة الاجتماعية, من خلال الاهتمام بمشاريع التنمية الاقتصادية عبر استغلال الموارد المتاحة وتوجيه المساعدات والمنح لقنوات استثمارية معينة.
5- يفضل إعادة النظر في بعض بنود بروتوكول باريس الاقتصادي وخصوصا فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة والتي تزيد الأعباء الاقتصادية للأسر الفلسطينية الفقيرة وبالتعامل مع بعض الدول العربية عبر تصدير العمالة الفلسطينية للخارج.
6- التوجه نحو البعد العربي وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية والتخلص تدريجيا من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي .
7- الاهتمام بالصحة والتعليم وبالخدمات الاجتماعية على حساب تقليص موازنة الأمن من موازنة الحكومة الفلسطينية.
8- يستحسن البحث عن إستراتيجية معينة للتخفيف من مشكلة البطالة عبر إلية لموائمة مخرجات التعليم العالي لسوق العمل وتوفير فرص عمل للخريجين عبر وضع بند بذلك ضمن الموازنات وبحدود توفير خمسين ألف فرصة عمل سنوياً بواقع 8000 دولار سنوياً للفرصة الواحدة من خلال المشاريع الصغيرة, ويتم ذلك بتخصيص 400 مليون دولار سنويا , وأن تستقطع من بعض الشرائح المجتمعية عبر زيادة الضرائب بشكل تصاعدي وعبر وضع حد أقصى للراتب .
9- اشتقاق الدروس من بعض التجارب العالمية في كبح جماح البطالة كتجربة ماليزيا ومحمد يونس ببنجلادش وخصوصاُ الاهتمام بمشاركة المرأة في الإنتاج.
10- العمل على إنشاء مناطق صناعية في كافة المدن الفلسطينية تهتم أكثر بمجالات التدريب المهني بكافة التخصصات المطلوبة لسوق العمل.
11- تقديم التسهيلات الائتمانية اللازمة لقطاعي الزراعة والصناعة عبر تقديم قروض ميسرة وبدون فوائد ولفترات طويلة.

رابط الدراسة :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=422295