التقاط اللحظة التاريخية

بقلم: صلاح صبحية

تمر فلسطين كلها في لحظة تاريخية يجب على الجميع التقاطها والاستفادة منها ، فلسطين الأرض والشعب تلتقي وتتوحد ضد عدوها الرئيس ، العدو الصهيوني الذي ما زال يمارس عدوانه ضد شعبنا منذ عام 1897 وحتى هذه اللحظة ، وكانت آخر مجازره مقتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير بحرقه حياً وهذا ليس غريبا عليهم ، ولأن قتلهم الفتى الفلسطيني لم يكن وليد صدفة وردة فعل بل كان مخططا له ، ولم يكن الشهيد محمد أبو خضير مقصودا بحد ذاته بقدر ما كان كل فلسطيني هو المقصود بالقتل حرقا استكمالاً لمذبحة دير ياسين في التاسع من نيسان عام 1948 ، فنقل الفتى محمد أبو خضير إلى منطقة دير ياسين ذو دلالة استراتيجية ينفذها العدو الصهيوني ضد شعبنا ، استراتيجية تؤكد على السياسة الصهيونية بنفي الوجود الفلسطيني من أرض فلسطين ، فالعدوان الصهيوني مستمر ضد شعبنا وضد أرضنا ولم يتوقف لحظة واحدة منذ أن أصبحت فلسطين قضية أرض وشعب واحتلال ، ومن هنا كان الرد الفلسطيني الشعبي ردا حاسما على هذه المجزرة الجديدة .

لقد انتفض شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده ، في الوطن ، الوطن الممتد من البحر إلى النهر وليس الضفة والقطاع فقط ، وفي الشتات ، ليعلن للعالم أجمع أنه في صراع يومي مع الحركة الصهيونية ومع الصهاينة الذين يحتلون أرضه ، وأنّ هذا الصراع لا يمكن أن ينتهي بتسوية مجحفة من خلال مفاوضات عبثية أدت إلى مزيد من القتل والتدمير والاعتقال والاستيطان وضياع الحقوق حتى أصبح شعبنا دون البشر ، فقد توحد شعبنا من شعفاط والقدس إلى مخيم البداوي مرورا بسخنين وحيفا ويافا معبراً عن وحدته في مقاومة الاحتلال ، هذا الاحتلال الذي لا يمكن أن يحمل اسماً آخر سوى الاحتلال ، فهو ليس بالجار الذي يجب أن نحافظ على حقوقه وحماية شرعية وجوده على أرضنا ، ولأنه هو عدونا كان موقف شعبنا واضحاً جلياً في وحدته وهو يوجه رسالته التاريخية إلى كل العالم ، بأنه شعب لا يمكن أن يقبل ياستمرار العدوان ضده ، ولا يمكن التغاضي عن تصرفات قطعان المستوطنين الذين هم جنود الحركة الصهيونية وأداتها في قتل شعبنا .

وحدة الشعب الفلسطيني يوم الجمعة هي لحظة تاريخية يجب ألا تذهب سدى وكأنها لم تكن ، ومن أبرز ما في هذه اللحظة التاريخية أن شعبنا توحد تحت علم الوطن ، علم فلسطين كل فلسطين ، لم يلتفت إلى الرايات التي لم تعد وسيلة نضال من أجل الحريّة والاستقلال والعودة ، ووحدة الشعب هذه تجعلنا نؤكد على أهمية العودة إلى أساس صراعنا مع العدو الصهيوني بأنه صراع وجود وليس نزاع حدود ، وهذا الصراع يتطلب منا العودة إلى منطلقات وأهداف ثورتنا الفلسطينية والتي تجسدت بالنظام الأساسي والميثاق الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية .

هذه اللحظة التاريخية التي تتطلب منا أن نجلس معاً ونعيد ترتيب بيتنا الوطني الفلسطيني المتجسد في منظمة التحرير الفلسطينية التي هي بمثابة الوطن المعنوي والكيان السياسي لكل أبناء شعبنا العربي الفلسطيني ، ودليلنا في ذلك النظام الأساسي والميثاق الوطني ، وعلى أساسهما نصوغ مشروعنا الوطني الفلسطيني الذي ضاعت معالمه اليوم ، وبلغة وصياغة لا تفتش عن رضى الآخرين عنها بقدر ما نفرضها على كل العالم سواء قبلها أو رفضها ، فأدوات وأسلوب النضال الفلسطيني التي يجب أن نمارسها من أجل الوصول إلى أهدافنا لا يمكن أن تحوز على رضى الولايات المتحدة الأمريكية ، لأنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني على أرض ، وبالتالي لا يمكن لواشنطن أن تقبل بأي مشروع وطني فلسطيني يتعارض مع مشروعها الاستعماري في فلسطين .

فهل نحن قادرون جميعا التخلي عن برامجنا الفصائلية والعمل على ايجاد برنامج وطني فلسطيني لكل فلسطين أرضاً وشعباً والتقاط اللحظ التاريخية التي يعيشها شعبنا اليوم .