رافق عملية البحث عن المستوطنين المخطوفين الثلاثة عدوان احتلالي همجي على الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهو عدوان مبيت وليس وليد اللحظة ، وإنما خطط له في دهاليز وأروقة الدوائر العسكرية والأمنية الإسرائيلية ، حيث أن اختطاف المستوطنين جاء بالتوازي والتزامن مع توقيع اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي "حماس" "وفتح" وتشكيل حكومة التوافق الوطني وإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية ، التي تعتمد الأسس الوطنية بما يخدم وينسجم مع أهداف وآمال وطموحات شعبنا الفلسطيني بالتحرر والاستقلال الوطني . وهذا الأمر لم يرق لحكام إسرائيل ، لأن الوحدة الوطنية الفلسطينية تشكل ضربة قوية وخنجر حاد في صدر المشاريع التوسعية الكوليونالية الاحتلالية .
وعليه فإن أهداف العدوان بالأساس ضرب وتفكيك هذه الوحدة ، ونسف الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة رامي الحمد اللـه عدا عن تقويض أسس حكم السلطة الوطنية الفلسطينية المنقوص وغير الثابت وإعادة مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة ، وكذلك جر الطرف الفلسطيني إلى طاولة المفاوضات بعد تعثرها وتوقفها نتيجة سياسة المماطلة والتسويف التي يمارسها الطرف الإسرائيلي المفاوض ، وحينها يتمكن الطرف الإسرائيلي من فرض شروط استسلامية وتسوية تنتقص من حقوق شعبنا الفلسطيني .
وعلاوة على ذلك فالعدوان الاحتلالي الإسرائيلي يستهدف إضاعة وكسب الوقت والتغطية على السياسة التوسعية الاستيطانية وبناء المزيد من المستوطنات ، وأيضاً تعزيز الروح البلطجية والعنجهية التي تبطش بأبناء شعبنا ، والتي تغذيها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة بهدف الحفاظ على الائتلاف الحكومي .
لقد صعدت سلطات الاحتلال ممارستها القمعية ضد شعب الوطن المحتل ، فداهمت القرى والبلدات والمحافظات الفلسطينية ، واقتحمت المؤسسات والبيوت ، وفرضت حصاراً خانقاً ، وطوقاً امنياً مشدداً ، واعتقلت المئات من الفلسطينيين . وكل ذلك بهدف إخضاع السلطة الفلسطينية وتركيع شعب فلسطين ، وفرض حلول استسلامية للمعضلة الفلسطينية وللصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
أن حكومة إسرائيل بعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني ، وتضييق الخناق عليه ، وتشديد الحصار ، وهدم البيوت ، والقصف الصاروخي على غزة البطلة ، واستباحة كل شيء في المناطق الفلسطينية المحتلة ، واستمرار انتهاج سياسة البطش والقمع والإذلال والاعتقالات ، والتهرب من استحقاقات اتفاقات السلام ، فأنها تدفع بجماهير الشعب الفلسطيني باتجاه انتفاضة شعبية جديدة سيكون لها تأُثيرات وأبعاد على العملية السياسية ، ومن شأنها إشعال الأرض تحت أقدام المحتلين ، وتوتير المنطقة بأكملها ، وستتواصل شلالات الدم التي ستروي الأرض الفلسطينية الطهور . وعلى المحتل أن يفهم ويعي أن القمع والعدوان لن يزيد الفلسطينيين سوى تلاحماً وإصراراً والمضي قدماً في طريق المصالحة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني .
إن الحاجة في هذه المرحلة هي الحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانة حكومة التوافق الوطني الفلسطينية ، إضافة إلى التحرك الدبلوماسي على جميع الأصعدة لاستصدار قرار يدين الانتهاكات الإسرائيلية والعدوان الصاروخي الهمجي على شعبنا في القطاع ، الذي سقط خلاله المزيد من الضحايا والشهداء الأبرار ، وتبني إستراتيجية المقاومة ونهج الممانعة الوطنية . فالمقاومة الشعبية والوحدة الوطنية هما اقصر الطرق للتخلص من الاحتلال الرابض والجاثم ، وعلى جميع الفصائل الوطنية الفلسطينية الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لمنع العدوان وتمرير المشاريع التصفوية .